تفسير سورة المائدة من الآية( 101) من كتاب المتشابه من القرآن بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) :
101 - سأل النبيَّ رجل من أصحابه فقال : "إنّ أبي مات على دين الجاهلية فهل يدخل الجنّة أو النار ؟" فقال النبيّ : "كلّ مشرك في النار" . فقال الرجل كيف ذلك وإنّه كان يطعم الطعام ويحجّ البيت ؟
وقال رجل آخر : "إنّ أخي كان على دين الجاهلية فهل هو في النار ؟" فقال النبيّ : "نعم كلّ مشرك في النار" . فقال الرجل :"إنّ أخي كان يحجّ البيت ويسقي الحاجّ ويتصدّق على الفقراء فكيف يدخل النار ؟"
ولَمّا أسلمت الخنساء سألت النبيّ عن أخيها صخر أيضاً ، فقال النبيّ : "هو في النار" . فقالت :"زدتني حزناً على حزني" . وهكذا كانوا يسألون النبيّ عن أبائهم وأجدادهم ، فنزلت فيهم هذه الآية (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) أي تحمّلكم حزناً وهماً (
وَإِن تَسْأَلُواْ) النبيّ (
عَنْهَا) مرّةً أخرى لا يجِبكم عليها ولكن (
حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) يعني تفهمون الجواب على ذلك من القرآن ، وذلك من قوله تعالى في سورة المائدة {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} ، يعني أنظروا في عقائد آبائكم وأجدادكم وطابقوها مع القرآن وهو ينبّئكم عن مصيرهم فمن كان منهم مشركاً فهو في النار ومن كان منهم موحّداً تقياً فهو في الجنّة . (
عَفَا اللّهُ عَنْهَا) أي عن تلك الأسئلة التي سألتم النبيّ بذلك وأنكرتم عليه جوابه (
وَاللّهُ غَفُورٌ) لمَن تاب (
حَلِيمٌ) لا يعجل بالعقوبة .
102 - (
قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ) يعني الأمم السالفة سألت رسُلها كما سألتم أنتم (
ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ) أي منكِرين لتلك الأجوبة كما أنكرتم على النبيّ حين أجابكم .
وكذلك سأل نوح فقال {رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي} أي من أهل بيتي . فردّ الله عليه فقال{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.