سورة الجمعة من الآية( 5) من كتاب المتشابه من القرآن بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 5 - (مَثَلُ) اليهود (الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا) أي حُمّلوا أحكام التوراة وشريعتها ثم لم يقوموا بما فيها من احكام وواجبات دينية ، ولم يقرؤوها كلّ يوم بل تركوها ملفوفة بالحرير ، فأولائك مثَلهم (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) أي كُتباً ، واحدها "سِفر" وجمعها أسفار ، وهي أسفار الأنبياء المكتوبة في مجموعة التوراة لكل نبيّ سِفر خاص به (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) أيّ بئس هؤلاء القوم وبئس من كان مثلهم (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ) السابقة واللاحقة ، يعني كذّبوا بآيات أنبيائهم وكذّبوا بآيات القرآن (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون الناس .
وإليك بعض الأحكام التي حمّلهم الله إيّاها وكُتبت في توراتهم ولكنّهم خالفوا بعضاً لم يعملوا به ، وغيّروا قسماً آخر منها . ومن تلك الأحكام التي أمرهم الله بأدائها غُسل الجنابة ، وقد تركوه ولم يغتسل اليهود من حدث الجنابة . فقد جاء في سِفر لاويين في الإصحاح الثاني والعشرين من مجموعة التوراة مايلي : "وإذا مسّ شيئاً نجساً لميّت أو إنسان حدث منه اضطجاع زرع (يعني جماع مع زوجته) وإنسان مسّ دبيباً يتنجسّ به أو إنساناً يتنجس به لنجاسة فيه، فالذي يمسّ ذلك يكون نجساً إلى المساء ولا يأكل من الأقداس بل يرحض جسده بماء، فمتى غربت الشمس يكون طاهراً". وأما الذي جاء في تحريم الخمر فهو في سِفر عدد 56 في الاصحاح السادس ما يلي: "وكلّم الربّ موسى قائلاً كلّم بني إسرائيل وقل لهم، إذا إنفرز رجل وامرأة لينذر نذر النذير لينتذر للربّ فعن الخمر والمُسكر يفترز ولا يشرب خلّ الخمر ولا خلّ المُسكر ولا يشرب من نقيع العنب ". وجاء ايضاً في سِفر إشعيا في الاصحاح الخامس مايلي: "ويل للقائمين من الغداة في طلب المُسكر المُستمرّين إلى العُتمة والخمر تلهبهم، وفي مآدبهم الكنارة والعود والدف والمزمار والخمر لا يلتفتون إلى عمل الربّ ولا يتأملون في صُنع يديه".
هذا بعض ما جاء في توراتهم في تحريم الخمر ولكنهم يشربون الخمر ويسكرون ويقولون هو حلال لنا.
أمّا ما جاء في تحريم الربا، فقد جاء في سِفر لاويين في الاصحاح الخامس والعشرين ما يلي: "إذا افتقر أخوك وقصُرت يده عندك فأعضده غريباً أو مستوطناً فيعيش معك، لا تأخذ منه رباً ولا مُرابحة بل إخش إلاهك فيعيش أخوك معك ، فِضَتُك لا تعطه بالربا وطعامك لا تُعطه بالمرابحة". هذا بعض ما جاء في تحريم الربا ولكنهم يستعملونه ولا يبالون. فالربا محرّم على كل إنسان وفي كلّ الأديان سواء أخوك أو أجنبي ولكنّهم حرّفوها فجعلوا فيها كلمة اخوك، ليجعلوا الربا مُباحاً على غيرهم. أمّا إشراكهم وعبادتهم للأصنام والأوثان وقتلهم الأنبياء ومخازيهم فكثيرة، وقد ذكرتُ بعضها في سورة البقرة في آية (51) وفي آية (79) عند قوله تعالى:{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ } ، وفي آية (83) أيضاً .