س2 معنى السماء في القران .؟
س 2 : تقول إنّ السماء معناها الفضاء ، إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة الذاريات {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} ، وقال تعالى في سورة غافر {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ .. إلخ } ؟
ج : البناء هو جمع الشيء وشدّ بعضه إلى بعض ، يقال "البنّاء يبني الجدار" أي يجمع الأحجار ويشدّ بعضَها إلى بعض بالجصّ ، كقوله تعالى في سورة الصف {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} أي كأنّهم في اجتماعِهم وتعاضدِهم ، فالبناء يريد به الاجتماع والتراصف ، ومن ذلك قول حسّان :
بنيتُ عليكَ أبياتاً صِلاباً كأمر الوسقِ قفّصَ بالشظاظِ
أي جمعت ورتّبت عليك أبياتاً ، وقال عنترة :
ويبني بحدّ السيفِ مجداً مشيّداً على فلكِ العلياءِ فوقَ الكواكبِ
أي يجمع بحدّ السيف ، وقالت الخنساء :
ولا يُبعدنّ اللهُ صخراً فإنهُ أخو الجودِ يبني الفِعالَ العوالِِيا
وأمّا اليد من قوله تعالى {بِأَيْدٍ} يريد بِها الأيادي والفضل ، ومن ذلك قول عنترة :
ولولا يدٌ نالَتْهُ مِنّا لأصبحَتْ سِباعٌ تهادي شلوهُ غير مُسنَدِ
وقالت الخنساء :
والجود والأيدي الطوالُ المستَفيضاتُ السوامِعُ
وقال الأعشى يمدح النبيّ (ع) ويخاطب ناقتهُ :
متى ما تُناخي عندَ بابِ ابنِ هاشمٍ تُريحي وتَلقَيْ مِن فواضلِهِ يدا
والسماء يريد بِها الطبقات الغازيّة ، والمعنى : والغازات جمعناها وراصفناها بفضلٍ منّا ورحمة بِهم إذ لو تركنا هذه الغازات على وجه الأرض لَتعذّر عليهم العيش بل لَماتوا اختناقاً ولكن رفعناها برحمتِنا وراصفناها بِفضلِنا فجَعلْنا الأوكسجين والنتروجين فوق الأرض وكوّنا منهما الهواء وجعلناه لاستنشاقِهم ولفوائد كثيرة ، ورفعنا الغازات الخانقة والتي تضرّ بِهم رحمةً مِنّا وفضلاً ، {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} بالنِّعم على العباد ، أي : وإنّا لَنا الأيادي على العباد بسعة النِّعم والأرزاق كقوله تعالى في سورة النحل {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}.الكون والقرآن
محمد علي حسن الحلي حياته ومؤلفاته 1947