ولدان وحور
نبدأ من سورة الواقعة: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً... فالملاحظ من الآيات أن هناك من يطوف على المقربين بالآنية والطعام والشراب، فمن يقوم بهذا الطواف هم كل من الولدان والحور لأن الحور العين عطفت على الولدان المخلدين فجاءت بالضم بعكس الأكواب والأباريق والكأس والفاكهة واللحم فقد جاءت بالكسر، إقرأ الآيات مجددا يرعاك الله، و لمعرفة هوية الحور نبدأ بالولدان لأنهم أسهل فهم لا شك من الأطفال الذكور كما يبدو من سورة النساء: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً... ومن سورة المزمل: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً... فلا شك أن الولدان ليسوا شيبا لكن شدة ذلك اليوم تجعلهم كذلك، وأوضح من هذا قول فرعون في سورة الشعراء: وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ... فالوليد هو واحد الولدان وهو الطفل الذي لا يزال يتربى، ويسمي القرآن الولدان غلمانا كما في سورة الطور: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ... وواحد الغلمان هو الغلام بمعنى الطفل الذي لا يزال يلعب كما يظهر من سورة يوسف: قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ... وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ... ومن هذا فإن الحور مثل الولدان بما أنهن عطفن عليهم، فهن الإناث من الأطفال، وتحمل كلمة حور معنى الطواف والعودة كما في سورة الإنشقاق: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً... فالكافر ظن أنه لن يعود أي يحور بعكس يروح عندما تعكس الأحرف (روح، حور)، وخلاصة الكلام أن الأطفال ذكورا وإناثا عندما يموتون في الدنيا دون بلوغ سن التكليف سيبعثهم الله حورا وولدانا طوافين بالآنية على المؤمنين والمؤمنات المكلفين الفائزين، فالأطفال غير مكلفين ولا حساب عليهم فلا يدخلون النار، لكن عملهم لا يكفي لجعلهم بدرجة البالغين الذين فازوا وعملوا بجهد، وبما أن الجنة لا إنجاب فيها فكل مؤمن ومؤمنة فقدا أبناءهما في الدنيا يجدانهم ملك يمين لهم في الدار الآخرة مع عدد من الأطفال الآخرين بهيئة حور وولدان، نعلم هذا عندما نقرأ سورة النور: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ... فسنة الله لا تتغير ما يجعل الحور والولدان طوافين في أوقات دون غيرها، والسبب واضح لأن الأزواج يتاح لهم وضع ثيابهم ليكونوا لباسا لبعضهم البعض، القارئ يعلم عما أتحدث، وبالمناسبة يجب أن أفرق للقارئ بين صنفين من الحور، أما الحور الطوافات فقد علمتها وأما الصنف الآخر فهم حور التزويج ولسن إلا المؤمنات كما سأبين تاليا، لا شك أن القرآن يصور الجنة وكثير الأحداث من منظور الرجال كما يظهر على سبيل المثال في سورة آل عمران: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ... فالناس هم الرجال حصرا وقد زين لهم حب الشهوات من النساء، غير أن الله يعد الذين اتقوا (من الرجال طبعا) بأزواج مطهرة (من النساء بالتأكيد)، و لا يتوهم القارئ أن الآيات تنفي الشهوات في الجنة والذهب والفضة بل للذين اتقوا أفضل منها في الجنات مع رضوان الله عليهم فوق ذلك، و لتعلم أن الحور التي يزوج بها المؤمنون هي ذاتها المؤمنات فلتقرأ في سورة الزخرف: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ... فالمتقون يدخلون ومعهم أزواجهم المؤمنات، وكما ترى في الجنة صحاف وأكواب من ذهب وأيضا شهوات الأنفس، وأوضح من هذا في سورة الرعد: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ... فلا يمكن أن تكون الحور غير المؤمنات و إلا سيحتج الكفار بدخولهن الجنة بغير عمل، وأذكر الآن آيات التزويج بالحور... أما في سورة الدخان: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ... يرى القارئ أن أصحاب المقام الأمين يلبسون السندس والاستبرق وبمثل ذلك تكون الحور لباسا لهم بالتزويج، انتبه لكلمة (كذلك) في الآية، ولعل الآية تذكرك بما جاء في سورة البقرة: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ... فالمباشرة هي التلامس بالبشرة فقط ولا تصح في المساجد، غير أن ابتغاء ما كتب من النساء يكون بالفرج كما تنص آيات في سورة المؤمنون: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ... أحاول الإشارة للآيات دون خدش الحياء ما استطعت فافهم... وفي سورة الطور: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ... فالأزواج على سرر وألحق بهم ذرياتهم ولعلهم ضمن الغلمان الطوافين عليهم... ونوضح أكثر في سورة الرحمن: مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ... بخلاف ما تتكرر في سورة الرحمن من ضمير (فيهما) أي في الجنتين واقرأ السياق الكامل رجاءا، جاء الضمير (فيهن) عند ذكر قاصرات الطرف لأن (فيهن) تعود على الفرش، يعني في الفرش قاصرات الطرف وهي النساء التي لا تمد عينيها كما أفهم من آيات أخرى لا داعي لجلبها، ولنعد للسياق فيبدو أن تلك الحور من الإنس لا يطمثهن إنس قبل أزواجهن، و كذلك حور الجان لا جان يطمثهن قبل أزواجهن، لأن المؤمنات وإن تزوجن في الدنيا سيعدن أبكارا خلقن في أحسن تقويم، أنظر قوله (أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً) للمبالغة وذلك في آيات من سورة الواقعة: وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً (37) لأَصْحَابِ الْيَمِينِ... لقد جلبت لك الآيات بهذا السياق لأيسر لك القراءة فافهم... وصفات حور التزويج أكثر نضجا من الحور الطوافات فهي من الأطفال، فالأبكار من البكرة غير العشي فهن شابات، وكونهن عربا فهن بلا عيوب تم انشاؤهن إنشاءً وتلك صفة القرآن في سورة الزمر: قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ... فلا عوج في خلق العرب الأتراب كما القرآن عربي من غير عوج، و الأبكار العرب هي ذاتها الكواعب واحدة كاعبة، يمكن قياس ذلك بما يشببه من القرآن طالما هنالك آيات تشهد عليه و كمثال صاعقة وصواعق بنص القرآن، فالكواعب هن المطهرات كما بيت الله الحرام الذي طهره إبراهيم بأمر من الله، ونوضح لك ذلك بحكمة العدد في كتاب الله، فعندما تقرأ سورة النبأ: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً (33)... تجد رقم آية الكواعب هو 33 وهو ذات رقم آية البيت العتيق (الكعبة) في سورة الحج: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)... وأول اشارة للكعبة في كتاب الله كانت في سورة البقرة: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) ... فالرقم 144 يتوافق مع آية الكواعب في سورة النبأ عندما تعد كلمات السورة من البداية (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) إلى كلمة (وَكَوَاعِبَ) من الآية (وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً (33)) دون احتساب واو العطف في الآيات، ستجد عدد الكلمات 111 ويضاف لها رقم الآية 33 لتصير 144، بل إن 144 هو رقم أول كلمة مريم في سورة مريم، وأجلب المصحف لتتأكد كيف ضرب الله مثلا بمريم المطهرة و المصطفاة على نساء العالمين كأنها واحدة من الحور الكواعب، و هي صديقة (أنظر سورة المائدة الآية 75) كما يوسف الصديق بنص سورة يوسف والتي عدد آياتها 111 سبحان الله، فهل كان لكل من يوسف ومريم هيئة أصحاب الجنة؟ تذكر هذه الأرقام لأني سأعود إليها في موضوع خاص بالخيام والغرف وظلل الغمام.