من كتاب الانسان بعد الموت لمفسر القرآن المرحوم محمد علي حسن الحليوأمّا ما جاء في محاكمة الأنبياء والرسل قوله تعالى في سورة المائدة {يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} .
سؤال 20 : قال الله تعالى في سورة الرحمن {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ . يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} ، وقال عزّ مِن قائل في سورة الحجر {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ . عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، فما هذا الاختلاف فتارة يقول {لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} وتارة يقول{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ} ؟
الجواب : أما قوله تعالى{لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} هذه خاصة بالكافرين والمجرمين فإنّهم لا يُحاكَمون ولا يسئل منهم عن عمل عملوه بل يدخلون جهنّم بلا محاكمة ، ولذلك قال بعدها {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} . وأما قوله تعالى{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ} هذا سؤال توبيخ وتقريع لا سؤال محاكمة وهذا السؤال يكون في جهنّم لا في المحشر ، وذلك كما يُسأل المسجون عن سبب سجنه فيقول عملتُ كذا وكذا من الجرائم . فالكافرون لا يُسئلون في المحشر سؤال محاكمة بل يُسئلون في جهنّم سؤال تقريع وتوبيخ وذلك كقوله تعالى في سورة الأحقاف {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} .
وقال تعالى في سورة الملك {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ . قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}