كثيراً مانسمع ونرى ونقرأ الأفكار التي تتحدث عن كون فكرة العذاب والتعذيب غير منسجمة مع الرحمة والعدل الألهي ..فلماذا يعذب الله نفساً كافرة ولماذا لايتركها تذهب ...والى ما لذلك من الـتساؤلات.
الأنسان الذي ينكر وجود الخالق، هو عادة يعتبر أن وجوده للحياة جاء نتيجة الصدفة وقوانين طبيعية نشأت تلقائياً... ودائما ما يكون هذا الأنسان مرتاح تماماً لفكرة عدم وجود خالق أو رب لهذا الكون. ولو سألناه السؤال التالي: هل تتمنى أن يكون لهذا الكون خالق وعندها يتوجب عليك أن تطيعه أم تتمنى أن لايوجد خالق فتبقى على ما انت عليه؟ فجوابه سيكون بالتأكيد الأختيار الأول، فهو لايحب أن يكون له رب ليبقى يستمتع بما وجده صدفة في هذه الدنيا.
المشكلة أن هذا الأنسان يعتبر أن الجسم الكامل المريح المجهز بكل وسائل الراحة من عينين يرى بها وأذنين يسمع بها وأحساسيس يستمتع بها وتوازن فيزيائي وكيميائي وبيولوجي بالغ الدقة هو نتيجة صدفة سعيدة. لكن ما رأيك يا أيها الأنسان لو أن الصدفة قد جعلت لديك خلل هرموني بسيط فيسبب لك ألم وصداع مستمر لايطاق بالرأس من أول يوم ولدت فيه الى يوم مماتك؟ ماذا لو ان الصدفة السعيدة قد جعلت بداخلك روحاً لاتموت لاتعلم بوجودها، ثم عندما تموت تخرج روحك من جسدك ثم تسقط هذه الروح في هاوية لاسبيل للخلاص منها ولاسبيل للموت فيها ؟؟ هل من العدل أن تسأل في هذه اللحظات عن وجود الأله؟؟ أذا كنت قد أعتبرت أن الصدفة أوجدتك في حياة رغيدة ورضيت بالموضوع ولم تبحث عن الأله بل لم تحب فكرة وجود الأله ورفضت وكذبت كل الذين تحدثوا اليك عن الله، فما المانع من أن توجدك الصدفة في حياة سيئة؟؟ اذا كنت تعتمد على الحظ اذن من العدل والمنطق أن تتوقع سوء الحظ كما توقعت حسن الحظ...
هذا في الحقيقة ما سيحصل، في يوم من الأيام ستصبح الظروف السعيدة والمريحة التي يعيش بها البشر على الأرض ظروفاً سيئة جداً، ولاسبيل للموت في تلك الأيام ، فعندها سيحتاج الأنسان الى رحمة الله تعالى، وسيمنح الله رحمته للمؤمنين به، وليس للذين ينكرون الله وقت الراحة والدعة تكبراً منهم عن الحق تعالى.
قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ".
عندما يموت الأنسان الملحد أو المنكر لوجود الله ، ويرى انه قد اصبح روحاً عند ذلك سيتيقن ان هناك حياة اخرى قد بدأت للتو ، وربما سيكون لحد هذه اللحظة منكراً لوجود الله لعله يجد امراً جديداً يشبع به اهوائه ، وتبدأ اولى علامات المصائب بضربات الملائكة المهينة ثم ترحل الملائكة، ليلتقي بعدها بكائنات اخرى لاتكن له سوى الشر و الحقد و تستمتع بتعذيبه ، وعندها من سيسأل لينجيه ؟ هل من العدل ان يسأل الله الذي كان قد انكر وجوده؟ لما لا يسأل شياطينه التي كانت توسس اليه ان تكف ايديها عنه؟ و يبقى هكذا حاله حتى يستطيع ان يجد قبراً أو شقاً يأوي اليه فيكون هذا المكان الضيق الذي يحشر نفسه به نعيماً ما بعده نعيم .
ولكن بعد مدة ستنطبق قوانين الطبيعة التي يحبها و يعبدها الملحد وظنها سبباً لخلقه ، ستتحطم هذه الأرض لأن عمرها قد انتهى و توقفت عن دورتها ، فتتشقق الأرض و القبور عن النفوس الشريرة و الملحدة التي لجأت اليها ، لينطبق قانون طبيعي آخر ، سيشعر الملحد بنفس الجاذبية التي يشعر عليها الآن ولكنها بأتجاه الشمس التي تجذب كل شيء اليها ، و الآن من سيسأل الملحد لينجيه؟ هل من العدل ان يسأل الله ؟ والملحد أنكر وجود مالك و متصرف في الكون ؟
سينجي الله المؤمنين بواسطة ملائكته ويزيحهم عن طريق جهنم و جاذبيتها وهذا عين العدل و المنطق ، لكن على الملحد الآن ان يسأل الطبيعة لتغير قوانينها و تخلق له جسماً جديداً و ارض جديدة وحياة اخرى مترفة رغيدة فيها نبات وحيوان و أنهار و حدائق جميلة و حرارة معتدلة وهواء عليل يتنفسه ويسعد به.
وكل هذه الأمور هي جزء بسيط مما أعطى الله الأنسان في هذه الحياة ، وبعدها ترى الأنسان يتكبر و يضع نفسه و فكره بموازة حكمة الله و يناقش افعال الله و يحكم عليها او يشرك بالله من خلقه أو ينكر وجود الله ثم يطمع ان يدخل الجنة في كل الأحوال.