{بسم الله الرحمن الرحيم}
في بيان حكم الاستهزاء بالدين والاستهانة بحرماته
الاستهزاء بالدين ردة عن الإسلام ، وخروج عن الدين بالكلية ، قال الله تعالى : قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
هذه الآية تدل على أن الاستهزاء بالله كفر ، وأن الاستهزاء بالرسول كفر ، وأن الاستهزاء بآيات الله كفر ، فمن استهزأ بواحد من هذه الأمور فهو مستهزئ بجميعها . والذي حصل من هؤلاء المنافقين أنهم استهزءوا بالرسول ؛ فنزلت الآية .
فالاستهزاء بهذه الأمور متلازم ، فالذين يستخِفُّون بتوحيد الله تعالى ، ويعظمون دعاءَ غيره من الأموات ؛ وإذا أمروا بالتوحيد ونُهوا عن الشرك استخفُّوا بذلك ، كما قال تعالى : وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا .
فاستهزءوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما نهاهم عن الشرك ، وما زال المشركون يعيبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون ، إذا دعوهم إلى التوحيد ؛ لما في أنفسهم من تعظيم الشرك . وهكذا تجد من فيه شبه منهم ؛ إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك ؛ لما عنده من الشرك ، قال الله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ .
فمن أحبَّ مخلوقًا مثل ما يُحبّ الله فهو مشرك . ويجبُ الفرق بين الحب في الله ، والحب مع الله ، فهؤلاء الذين اتخذوا القبورَ أوثانًا ؛ تجدهم يستهزئون بما هو من توحيد الله وعبادته ، ويعظمون ما اتخذوه من دون الله شفعاء ، ويَحلِفُ أحدُهم بالله اليمين الغموس كاذبًا ، ولا يجترئ أن يحلف بشيخه كاذبًا ، وكثير من طوائف متعددة ترى أحدهم يرى أن استغاثته بالشيخ - إما عند قبره أو غير قبره - أنفع له من أن يدعو الله ....والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته