هولندا.. بلد المليون مسلم، يبدو أنها تحولت من الاستماع لـ" سلمان رشدي، وتسليمة نسرين وهرسي علي"، ذوي الأصول العربية والمسلمة، الذين ما فتئوا يهاجمون الإسلام والمسلمين في الغرب ، ليثبت الغربيون لأنفسهم قبل غيرهم، أن الحرب على الإسلام، يقف وراءها إناس قدموا من الجغرافيا الإسلامية، ويدينون بالإسلام وليس نحن.
تقع هولندا التي تعرف باسم مملكة الأراضي الواطئة، في شمال غربي أوروبا، ويبلغ تعداد سكانها حوالي 16 مليون نسمة؛ مليون منهم يدينون بالإسلام، وأغلبهم من أصول تركية ومغربية وجزائرية وآسيوية، وغيرها من الأمصار الإسلامية وصلوا إليها قبل نصف قرن، حيث تمكنوا من إقامة مساجد ومراكز ومدارس إسلامية.
هجمات سبتمبر
وحتى هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كانت أحوال المسلمين بهولندا، وبالدول الغربية بشكل عام، طبيعية إلى حد كبير، لكن بعد وصول اليمين المتطرف الهولندي، إلى قبّة البرلمان، بدأ المشهد السياسي الهولندي يعرف بداية الانقلاب على الإسلام، بهولندا خصوصاً والغرب عموماً، حيث أصبح التهجّم على رسول الإسلام، وعلى المقدسّات الإسلامية، سمة لبعض الحاقدين على الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية، بداية من سلمان رشدي، ومرورا بتسليمة نسرين، وصولا للنائبة بالبرلمان الهولندي صومالية الأصل، وذات الأبوين المسلمين والهولندية الجنسية، "هرسي علي"، التي أدلت بتصريحات صحفيّة مثيرة لجريدة هولنديّة، وصفت فيها رسول الله، والدين الإسلامي بأخسّ النعوت، كسبا لتأييد الهولنديين، واستثمار هذا السبّ في الانتخابات العامة الهولندية، التي فاز بها وقتها حزبها اليميني المتطرف.
واقع جديد
أما اليوم، فتشهد هولندا أكبر جالية إسلامية بالنسبة لعدد سكانها، فهي تضم حوالي مليون من مجموع ستة عشر مليوناً، تواجههم تحديات، أولها هو التذويب في المجتمع الهولندي، إعجاباً بالثقافة الغربية، وانبهاراً بها أو حلاً لمشاكل الإقامة وصعوبة الهجرة، عن طريق بيان أن المهاجر المسلم أكثر هولندية من الهولنديين، أو بحجة أنه مضطهد سياسياً أو فكرياً في بلاده، وأنه يطالب بحق اللجوء السياسي، أو عن طريق الزواج من هولندية، حتى يسهّل له الزواج حق الإقامة وحق العمل.
بحسب موقع " إسلام تي في "، الناطق باللغة الإنجليزية، فإن الهولنديون منشغلون بهذه الجالية الجديدة، التي برزت على الساحة الهولندية، وفرضت نفسها على الحياة العامة، بلباسها وعاداتها وتقاليدها، وبدأت بمطالب في المدارس الخاصة الإسلامية، وبناء المساجد والمستشفيات الخاصة بها، واحترام أعيادها بما في ذلك الأضحية في العيد.
الحقيقة المثيرة في "بلد المليون مسلم"، تتمثل في كون الطائفة المسلمة، هي الأكبر والأكثر انتشاراً وارتباطاً بالتعاليم الدينية، من جميع الطوائف الأخرى مجتمعة، إذ تبلغ نسبة المتدينين المسلمين نحو 30%، من إجمالي المتدينين في هولندا، على الرغم مما تشير إليه البيانات الرسمية، بأن نسبة المسلمين تصل إلى نحو 5 % فقط، من إجمالي عدد السكان، تضعهم في المرتبة الرابعة خلف الطائفة المسيحية للبروتستانت 23 %، وطائفة الروم الكاثوليك 32 %، والطوائف التي ليس لها انتماء عقائدي 38%.
المسلمون بالبرلمان
وتبدي الشركات الهولندية، التي يعمل بها المسلمون، تقديرها واستعدادها لتلبية رغباتهم، بتعديل مواعيد العمل، لتتوافق مع مواعيد أداء الصلوات، وصيام شهر رمضان، والعطلات الخاصة بعيدي الفطر والأضحى، وتوفير أماكن للصلاة، ومراعاة تقاليد المأكولات الإسلامية، بينما يتضمن الهيكل التعليمي الإلزامي في هولندا، نوعين رئيسين، هما التعليم العام والتعليم الخاص، والأخير يشمل جانب التعليم الديني، الذي تتولى الإشراف عليه منذ القدم المدارس المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية، بالإضافة إلى العشرات من المدارس الإسلامية الحديثة، ويتضمن التعليم العام في مرحلتيه الثانوية والجامعية، تدريس حضارات العالم الإسلامي، وإلى جانب المدارس الخاصة الإسلامية، هناك 3 جامعات إسلامية، حتى أن الجامعة الأولى في غرب أوروبا، هي جامعة روتردام الإسلامية.
ونظراً لما تتمتع به هولندا، من نظام ديمقراطي حاليا، فقد وصل المسلمون الهولنديون، من أصل هولندي أو تركي أو عربي إلى البرلمان والمجالس البلدية وحكام المقاطعات، وأصبح لهم جزء من الميزانية العامة، لرعاية الأقليات، في تشييد المدارس الخاصة، وإقامة المساجد، وتأسيس الجامعات مثل جامعة روتردام الإسلامية، وجامعة أوروبا الإسلامية في سخيدام، وأصبح الإسلام الدين الثاني في هولندا، قبل اليهودية.