يمرُ العالم اليوم بأزمات لم يشهد العالم لها مثيل في تاريخ البشرية , ولو على مستوى التاريخ الحديث .. من حروب , زلازل, فيضانات, مجاعات, أزمات أقتصادية, أزمات سياسية , أمراض فتاكة ليس لها علاج و أن كان فما لا يجدي نفعاً أو أن كلفته باهظة الثمن. من أعجب الأمور أنه لا توجد دولة ليس فيها أزمة أمأ سياسية أو اقتصادية أو مواليدها تتجه للسالب و أمرض نفسية وغيرها من أمور لا يعلمها إلا الله سبحانه.
وفي خضم هذه الأحداث والكوارث هنالك ملايين البشر تنتظر بشدة وخصوصاً أصحاب الديانات السماوية الثلاثة شخص مرسل من الله يسوي لهم أمورهم ينقذهم من هذه المشاكل التي وقعوا فيها أما عن طريق الخطاء أو عن طريق القسر والجبر . والأكثر نتيجة المعاصي والذنوب والكفر والإلحاد والشرك والظلم بين البشر
وكل دين من أصحاب الديانات الثلاثة له تسمية يحلوا له ان يسمي بها هذا الشخص ( المنقذ , المخلص ,المنتظر, المهدي والقائم وغيرها من الأسماء ) كل حسب ما يحلوا لهُ أن يسميه .
ولكن ماذا لو ظهر وجاء بعكس ما تتمنون أو ما تحملون من أفكار وعقائد هل ستتبعونهُ أم ستحاربونهُ وتحاربوا أفكاره طبعاً لأنهم في حقيـقة الأمر لا ينتظرون شخص يصحح لهم أفكارهم التي أخطأوا فيها أو يخلصهم من أزماتهم بأذن الله
وان يبين الخطاء من الصواب في دينهم لان في حقيقة الأمر أنه حسب اعتقادهم انهم على الصواب وغيرهم هم من على الخطاء. [ كل حِزۡبٍ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ] (المؤمنون:53) ,,
أذن يجب على المهدي أو المنقذ أن يكون على ما هم يعتقدوه و يريدوه وليس العكس وهذا ما أثبتهُ القرآن حين جاء النبي عيسى عليه السلام لبني إسرائيل فكذبوه وحاربوه رغم ما جاء به من المعجزات منذ ولادته لان طبيعة ولادته هي معجزة بحد ذاتها وتكلمه في المهد معجزة اخرى وحتى حين كبر وجاءهم بالبينات لم يؤمنوا به ولم يتبعوه لأنه ببساطه جاء بعكس ما يحبون [ وَلَقَدۡ آتَيۡنَا مُوسَىٰ الۡكِتَابَ وَقَفَّيۡنَا مِن بَعۡدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيۡنَا عِيسَىٰ ابۡنَ مَرۡيَمَ الۡبَيِّنَاتِ وَأَيَّدۡنَاهُ بِرُوحِ الۡقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءكُمۡ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهۡوَى أَنفُسُكُمُ اسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقاً كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقاً تَقۡتُلُونَ ] (البقرة:87)
وكذلك حين جاء نبي الاسلام محمد عليه السلام اول من اعترض عليه من غير العرب هم اليهود والنصارى مع ماعندهم من ادلة وعلامات [ وَإِذۡ قَالَ عِيسَىٰ ابۡنُ مَرۡيَمَ يَابَنِىٰ إِسۡرَآئِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيۡنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوۡرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأۡتِى مِن بَعۡدِى اسۡمُهُ أَحۡمَدُ فَلَمَّا جَآءهُم بِالۡبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحۡرٌ مُّبِينٌ ](الصف:6)
[ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِى التَّوۡرَاةِ وَالإِنۡجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِالۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَاهُمۡ عَنِ الۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ الۡخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَالأَغۡلاَلَ الَّتِى كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡ فَالَّذِينَ آمَنُوا۟ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا۟ النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوۡلَٰٓئِكَ هُمُ الۡمُفۡلِحُونَ ] (الأعراف:157)
مع ذلك هم اول من حاربوه ودعموا من يقوم بمحاربته حتى من المشركين والكفار وطلبوا منه مطالب غير مبرره [ يَسۡأَلُكَ أَهۡلُ الۡكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَابًا مِّنَ السَّمَآءِ فَقَدۡ سَأَلُوا۟ مُوسَىٰ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا۟ أَرِنَا اللّهِ جَهۡرَةً فَأَخَذَتۡهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡ ثُمَّ اتَّخَذُوا۟ الۡعِجۡلَ مِن بَعۡدِ مَا جَآءتۡهُمُ الۡبَيِّنَاتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَ وَآتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَانًا مُّبِينًا ] (النساء:153)
وقاموا بتكذيبه كما كذبوا من هم قبله من الانبياء والرُسل عليهم السلام [ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبۡلِكَ جَآؤُوا بِالۡبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالۡكِتَابِ الۡمُنِيرِ](ال عمران:184)
مع انهم كانوا من قبل ذلك يتباهون على بقية الناس بأن الله سيمن عليهم بنبي اخر الزمان وهو من سيقيم لهم دولة العدل اللاهي و وسيملكون الارض وكل البشر ستكون خدم واتباع لهم مع ذلك حين جاء كذبوه [ وَلَمَّا جَآءهُمۡ كِتَابٌ مِّنۡ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُوا۟ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَىٰ الَّذِينَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَآءهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِ فَلَعۡنَةُ ٱللَّه عَلَىٰ الۡكَافِرِينَ ](البقرة:89) ,,
كل هذا لان الذي جاؤوا به الأنبياء لا يلبي مطامع البشر الذين ارسلوا اليهم ولا تلبي رغباتهم الدنيوية من اجل ذلك قاموا بالحرب عليهم وعلى رسالاتهم .
ومن المعلوم ان اشد الناس عداوة للدعاة والمصلحين هم كبار القوم من الظالمين والذين يقلدوهم وبغير هدى ولا بصيرة ولا تفكير [ وَاللّهُ لاَ يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الظَّالِمِينَ ](آل عمران:144) وذلك لان[ اللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ](آل عمران:57) بهذا السبب يولي الظالم ظالم مثله [ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّى بَعۡضَ الظَّالِمِينَ بَعۡضًا بِمَا كَانُوا۟ يَكۡسِبُونَ ] الأنعام:129)
والفكرة التي أريد أن نستخلصها مما جاء هو ان كنتم ممن ينتظرون المهدي هو أن تسألوا الله الهداية وان تسألوه ان يدلكم عليه ولا ان تتمسكوا بفكرة معينه في بالكم انتم وتفصلوها على مرامكم ومعتقدكم لانه قد يكون معتقدكم خطاء وهذا هو الغالب على اكثر البشر لان اكثرهم يكون تابع لهواه [ أَفَرَأَيۡتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِ وَقَلۡبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهۡدِيهِ مِن بَعۡدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ](الجاثية:26)
والمهدي أو المنقذ هو إنسان مصلح يهدي الناس ألى درب الحق الذي تاه اغلب الناس عنه ويصحح كثير من المفاهيم التي اختلف اكثر الناس فيها فلا تتصوره يكون تابع لهواكم
وينصركم على عدوكم أو ينصر عقيدتكم وبهذا قد تكونوا تنتظروا شيطان والعياذ بالله وانتم لا تعلمون وليس المهدي ...
ثم لو طرحت عليكم فكرة لتوسعة الأفق بي وبكم ليست اكثر من فكرة تحتمل كل الوجوه ماذا لو جاء المهدي ومعه كل العلامات ولكنه لم يكن من أبناء الحسين كما تتوقع الشيعة ولم يكن من أبناء الحسن كما تقول به أهل السنة والجماعة وليس من أهل بيت النبي أصلاً لان اكثر استدلالهم هي أحاديث وروايات ربما صحيحة أو موضوعة الله أعلم بها هل ستنصرونه إم ستحاربونه
كما فعل من قبلكم اليهود والذين اشركوا [ بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِمَا لَمۡ يُحِيطُوا۟ بِعِلۡمِهِ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَانظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ](يونس:39)
وأخيرا اذكر هذه الرواية والتي كما قلت تحمل الصواب والخطاء
(الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ ) وماذا تعني يصلحهُ الله في ليلة ؟؟؟؟
والحمد لله رب العالمين