بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ
الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
صدق الله العظيم
الآيات 166-167-168من سورة آل عمران
التفسير :من كتاب المتشابه من القرآن لمفسر القران المرحوم محمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965
165 – ثمّ عاد الكلام إلى ذكر الجهاد فقال تعالى (أَوَلَمَّا) تقديره ولَمّا أصابتكم مصيبة قلتم أنّى هذا , والألف للاستفهام (أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ) يوم أحد (قَدْ أَصَبْتُم) من المشركين (مِّثْلَيْهَا) يوم بدر ، فقد قتل من المسلمين سبعون رجلاً يوم أحد ، ولكنّ المشركين قتل منهم سبعون وأسر سبعون وذلك يوم بدر ، ثمّ (قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا) أي كيف يكون هذا الخذلان علينا والنصر للكافرين (قُلْ) يا محمّد (هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) أي قل لهم إنّ الذي أصابكم من قتل وهزيمة كان سببه أصحابكم الذين تركوا أماكنهم وذهبوا وراء السلب والنهب فجاء العدوّ من خلفهم وضربهم و (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)فقد كان قادراً على نصركم ولكن لم ينصركم في ذلك اليوم لأنّكم خالفتم أمر نبيّكم وتركتم مراكزكم فحلّ بكم ما قد حلّ .
166 – (وَمَا أَصَابَكُمْ) أيّها المسلمون (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) جمع المسلمين وجمع المشركين ، يعني ما أصابهم من النكبة والقتل يوم أحد (فَبِإِذْنِ اللّهِ) أي بعقوبة الله لكم لأنّكم خالفتم أمر نبيّكم بترككم مراكزكم (وَلِيَعْلَمَ) الله (الْمُؤْمِنِينَ . وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ) أي ليميّز الله المؤمنين من المنافقين بتلك الحادثة فتنكشف للناس أسرارهم فيعرفون المؤمن من المنافق (وَقِيلَ لَهُمْ) أي للمنافقين قبل الخروج إلى القتال (تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ) عن حريمكم وأنفسكم إن لم تقاتلوا في سبيل الله ، قال لهم ذلك عبد الله وعمرو بن حزام الأنصاري . فأجاب عبد الله بن أبي ومن كان معه من أصحابه وهم ثلاثمائة رجل و (قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ) أي لو نعلم أنّ علينا واجباً يقضي بالقتال لاتّبعناكم في سفركم هذا وقاتلنا معكم ولكن لا نرى واجباً يقضي بذلك . فكان هذا عذرهم (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ) يعني بإظهار هذا القول صاروا أقرب للكفر في أعين المسلمين إذ كانوا قبل ذلك أقرب للإيمان ، فعلم المؤمنون منهم ما لم يعلموه (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) أي يقولون ذلك ليعتذروا لكم ولكن الذي يضمرونه في قلوبهم ويكتمونه من النفاق غير الذي يظهرونه بألسنتهم (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) فلا تخفى عليه خافية .168 – (الَّذِينَ قَالُواْ) يعني المنافقين (لإِخْوَانِهِمْ) في النفاق ، يعني قال بعضهم لبعض ، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه قالوا في قتلى أحد (وَقَعَدُواْ) عن القتال ، يعني قعدوا في ديارهم ولم يخرجوا مع النبيّ ، قالوا (لَوْ أَطَاعُونَا) في القعود في البيت وترك الخروج إلى القتال (مَا قُتِلُوا قُلْ) يا محمّد لهم (فَادْرَؤُوا) أي ادفعوا (عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ) إذا جاء أجلكم (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) في هذه المقالة