صعود المسيح إلى السماء:
إن احد اخطر التحريفات والأخطاء في النصوص المنقحة الذي حاول المراجعون تصحيحه هو صعود المسيح إلى السماء . يوجد إشارتان فقط في بشارات متىّ ومرقس ولوقا ويوحنا القانونية لأهم حدث في التاريخ النصراني ، (صعود المسيح إلى السماء) ، وهاتان الإشارتان كانتا موجودتين في كل كتاب مقدس في كل لغة قبل عام 1952 عند طبع النصوص المنقحة لإول مرة : أ – ((ومن بعد ما كلمهم الرب يسوع إرتفع إلى السماء وجلس على يمين الله)) . (مرقس 16: 19).
ب – ((وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وصعد الى السماء)). (لوقا 24: 51).
والآن انظروا غلى ص 28 وهي صورة من صفحة من النصوص المنقحة حيث نجد الجملة (أ) وستندهش حين تعلم أن إنجيل مرقس ، الفصل السادس عشر ينتهي عند السطر الثامن ، وبعد فراغ واسع محرج تظهر السطور المفقودة بحروف صغيرة كهامش في نهاية الصفحة . واذا استطعت الحصول على النصوص المنقحة ، طبعة 1952 فستجد أن السطور الثمانية الأخيرة الموجودة فيها الجملة (ب) ، ((وصعد إلى السماء)) قد استبدلت بإشارة (اه) للهامش في نهاية الصفحة لتجد الكلمات المفقودة ، واي نصراني مستقيم لا يمكن أن يعتبر أي هامش في كتابه المقدس من كلام الله ، فلماذا يضع خدم النصرانية أعظم معجزة في دينهم في هامش متواضع؟ في اللوحة التوضيحية لأصل الكتاب المقدس باللغة الانجليزية ستلاحظ أن كل النصوص المقدسة المطبوعة قبل 1881 كانت تعتمد على المخطوطات القديمة والتي ترجع إلى خمسمائة أو ستمائة سنة بعد عيسى ، ومراجعو النصوص المنقحة كانوا أول علماء رجعوا إلى ((اقدم)) المخطوطات ، والتي ترجع إلى ثلاث أو اربعمائة سنة بعد المسيح . ونحن جميعاً نتفق على انه كلما كانت الوثيقة اقرب إلى المصدر كلما كانت اكثر صحة وبالطبع ((فالأقدم)) تستحق التصديق والاعتماد اكثر من ((القديمة)). وعندما لم يجد المراجعون كلمة واحدة عن ((ارتفع)) أو ((صعد)) إلى السماء ، قاموا بتطهير النصوص من هذه الكلمات عام 1952.
كرنفال الجحش:
إن الحقائق السابقة هي اعترافات مذهلة للنصرانية بأن مؤلفي البشارات القانونية ((الملهمين)) لم يسجلوا كلمة واحدة عن صعود عيسى . ولكنَّ هؤلاء المؤلفين اتفقوا جميعاً في تسجيلهم لواقعة دخول الرب المسيح بيت المقدس على ظهر جحش .
أ – (( واتيا بالأتان والجحش ووضعا ثيابهما عليهما واركباه)) . (متى 21: 7)
ب – ((فاتيا بالجحش الى يسوع وطرح ثيابهما عليه فركب عليه)) . (مرقس 11 : 7).
ج- ((ثم أتيا به إلى يسوع والقيا ثيابهما على الجحش واركبا يسوع)). (لوقا19 : 35).
د – ((وإن يسوع وجد جحشاً فركبه كما هو مكتوب)). (يوحنا 12: 14).
فهل يُعقل أن الله القدير مؤلف هذه الأحداث المتباينة – أن يكلف نفسه لتأكيد عدم نسيان مؤلفي البشارة تسجيل دخول ابنه المدينة المقدسة على ظهر جحش وإلهامهم بعدم تسجيل صعود ابنه إلى السماء على اجنحة الملائكة .
لن يستمر هذا طويلاً:
ولكن إلى ان تأكد المراجعون من زيف هذه المعلومات ، كان ناشرو الكتاب المقدس قد كسبوا ما يقارب 15,000,000 ( خمسة عشر مليون دولار) . وعندما اكتشف بعض المبشرين غياب هذه الأجزاء من طبعة 1952 قلبوا الدنيا ولم يقعدوها إلى أن استطاعوا إقناع طائفتين من الخمسين طائفة بالضغط على دار النشر لإعادة تلك الأجزاء إلى ((كلام الله)) مرة أخرى ، ولذلك ستجد أن كل الطبعات التي نشرت بعد طبعة 1952 قد اعيد إليها ما أزيل من النص .
إنها لعبة قديمة جداً ، واليهود والنصارى كانوا يغيرون ((كتاب الرب)) منذ البداية . والفرق بين محرفي هذا العصر والمحرفين القدامى ، هو ان القدامى لم يعرفوا فن المقدمات والهوامش وإلا لأخبرونا أيضاً وبوضوح بما فعلوه مثلما يفعل ابطال العصر الحديث الذين يضعون الأعذار الواهية لتغييرهم النقود المزيفة إلى قطع ذهبية لامعة .
((لقد عُرضت أمام اللجنة طلبات عديدة قدمها اثنان من الافراد وطائفتان دينيتان ،وقد اهتمت هذه اللجنة بهذه الطلبات)). ((... ولقد أعيد جزءان إلى النص الأصلي وهما نهاية إنجيل مرقس الفصل السادس عشر (9-20) ... وإنجيل لوقا (24-51)..)) – مقدمة طبعة كولنز ص 6-7).
ولماذا أعيدت ؟ لأنها كانت قد ازيلت من قبل ! ولماذا أزيلت من الاصل ؟ لأن ((أقدم)) المخطوطات لم يكن بها ذكر صعود المسيح إطلاقاً ، فقد كان زيفاً مشابهاً لما نقرأه عن الثالوث المقدس في رسالة يوحنا الأولى (5-7) والسؤال المطروح هنا هو: لماذا نتخلص من واحدة ونرجع الأخرى ؟ لا تندهشوا فربما تكون ((اللجنة)) قد قررت أن تتخلص من ((المقدمة)) كلها حتى إذا اشتريت النصوص المنقحة الآن لا تجدها فيها . فلقد فعلها قبلهم شهود يهوه الذين قاموا بالتخلص من سبع وعشرين صفحة من مقدمة عهدهم الجديد .
قام القسيس سكوفيلد (بروفيسور علم اللاهوت) بمساعدة ثمانية استشاريين (جميعهم من أساتذة علم اللاهوت) بتهجئة كلمة (إله) العبرية والتي تعني الرب إلى(آله) في مرجع سكوفيلد للكتاب المقدس . ويبدو أن النصارى قد اعترفوا أخيراً بأن اسم الرب الصحيح هو الله ولكنهم – لصعوبة هذه الحقيقة عليهم – قاموا بكتابتها بـ ل واحدة . ولقد قمت بذكر ذلك في العديد من محاضراتي العامة وصدقوني بأن الطبعة التي تليها من مرجع سكوفيلد للكتاب المقدس حين أعيد طبعها كانت مطابقة تماماً للطبعة السابقة ولكنهم ((بشطارة)) وخفة يد استطاعوا أن يتخلصوا من كلمة (آله) فلم يبق لها اثر{ وما اصعب متابعة احتيالهم وخفة ايديهم}.
منقول من كتاب هل الكتاب المقدس كلام الله للداعية احمد ديدات.