أتذكر حين كنا صغاراً كنا نستمع ألى قصص الجد او الجدة و حكايا السمار في بعض الليلي وأكثر ما كان يثيرنا هو الحديث عن الشخصيات الدينية منها وذلك لان بفطرة الإنسان يحب أن يلجأ ألى من هو قوي ويتخذهُ قدوة يحتذى به وليأذ به في ساعات النوائب
لذلك كنا نتصور ان الأنبياء لهم قوة خارقة ولا حدود لقدراتهم العقلية والجسمية والأئمة والأولياء كذلك على حداً سوا وكنا نتصورهم ان لهم أجسام العمالقة وأصوات كزئير الأسد أو اشد قوة ولكن بعد ان كبرنا وتفتحت عقولنا زالت كل هذه الأوهام بتبصر كتاب الله الذي هو الحجة القوية فحين نقرأ ونتفكر نرى أنه بشر عادي ولو كان كما يخيل ألينا لما تمرد اكثر الناس عليهم ومثلاً هذه الآية { وَلَئِنۡ أَطَعۡتُم بَشَرًا مِثۡلَكُمۡ إِنَّكُمۡ إِذًا لَّخَاسِرُونَ } ( 34 المؤمنون ) اي انه بشر مثلكم لا يتميز عنك بشيء لا قدرات عجيبة ولا مميزات غريبة هو( مثلكم ) وهذا ما وضحه النبي حين جاء لقومه يدعوهم للإسلام { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِى خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعۡلَمُ الۡغَيۡبَ وَلا أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّى مَلَكٌ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِى الأَعۡمَى وَالۡبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } ( 50 الانعام ) وكذلك هذه الاية { قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرۡجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } ( 110 الكهف ) والذي يثبت انه النبي لايملك قدرات مختلفه عن البشر لما قال حاكياً عن نفسه في كتاب الله { قُل لاَّ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِى نَفۡعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ الۡغَيۡبَ لاَسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ الۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ إِنۡ أَنَا۟ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوۡمٍ يُؤۡمِنُونَ } ( 188 الاعراف ) وكذلك حين يحكي عن ذكر أيوب ومرضه الذي بتُليه فيه فيقول عليه السلام مخاطباُ ربه { وَأَيُّوبَ إِذۡ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الضرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ الرَّاحِمِينَ } فلو كانوا الأنبياء قادرون عن درئ المخاطر والأمراض والملمات لكان الأولى بهم دفعها عن انفسهم أولاً الم يحكي الله عن نبيه يعقوب ما مر به من حزن على فقد ولده يوسف { وَتَوَلَّى عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَىٰ يُوسُفَ وَابۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ الۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } ( 84 يوسف ) فلو كانت لهُ قدرات خارقة كما كنا نتصور ونحن أطفال لا نفقه شيء من هذه الحقائق القرآنية لكان قد أزال حزنه ورد أليه ابنه الغالي وانتهت المسألة
ولكي لا يتقول علينا ويتحجج علينا البعض في قصة سليمان وما أعطاه الله من ملك فهذه خصوصية تميز بها نبي الله سليمان والدليل { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًۭا لَّا يَنۢبَغِى لِأَحَدٍۢ مِّنۢ بَعْدِىٓ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ }( 35 ص )
وبعد هذه التوضيح الموجز يتبين لنا ان الأنبياء كانوا بشر مثلنا ولكن تميزهم عنا هو بالتقوى والأيمان ومخافة الله وطاعة أوامره والابتعاد عن ما نهاهم عنه الله وبهذا يزداد حبنا لهم لأنهم رغم انهم لم يتميزوا عنا لا بخلقه ولا قدرات وأغلبهم لم تكن لهم سلطات استطاعوا تحمل المشقة وحمل الرسالة والمخاطرة والتبليغ ومحاربة أعداء الله والرسالة فواجب علينا حبهم لأنهم أنبياء الله لا لأنهم رجال خارقون او لهم قدرات خيالية وكذلك كل الأولياء والصالحين والأئمة عليهم أجمعين من الله افضل السلام والتحيات أما مسألة المعجزات التي يؤولها اكثر الناس فقد فصلها (المرحوم محمد علي حسن الحلي )
ولتوضيح المعاجز ادخل الربط التالي
http://quran-ayat.com/saa/index.htm#معاجز_الأنبياء_
هذا والله اعلم واكرم