العقلانية هو مصطلح يستخدم في علم الاجتماع يشير إلى أن العمليات المؤدية إلى زيادة الأفعال الاجتماعية تصبح مرتكزة أكثر على الفعالية الغائية أو الحسابات أكثر من تحركها بسبب الدوافع الأخلاقية والعواطف والتقاليد. وتعتبر جانب رئيسي من الحداثة والتي تتجلى خصوصاً في المجتمع الغربي. كسلوك ناتج عن السوق الرأسمالي في الإدارة الرشيدة في الدولة والبيروقراطية والتوسع في العلوم والتكنولوجيا الحديثة.
ظهرت العقلانية من خلال محاولة فهم ماكس فيبر. لتوصيف وشرح تطور عقلية خاصة وغريبة تميزت فيها الحضارة الغربية الحديثة عن غيرها من الحضارات الأخرى.وقد أكد على قدرة العالية للإنسان على التصرف بشكل عقلاني وما يترتب على ذلك من العلوم الاجتماعية لفهم وشرح طريقة فعل ذلك. وهكذا كانت رؤوية ماكس فيبر حول العقلانية مرتبط بالمجتمع الأوربي المنتقل إلى النمط الرأسمالي، ومحاولاً تفسير أسباب الانتقال إلى الرأسمالية والنتائج المترتبة عليها على الصعيد السياسية والاقتصادي والديني والعائلي.[1]
مفهوم العقلانية
ظهرت فكرة العقلانية من خلال أعمال ماكس فيبر في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر في محاولة تفسير التطورات الاجتماعية التي كانت تشهدها أوروبا عموماً وألمانيا خصوصاً. إضافة إلى نمو طبقة الرأسمالية. وعلى رغم من أن أعمال كارل ماركس سبقت أعمال فيبر في محولات التفسير، إلا أن فيبر سلك منهج مغاير لما سلكه ماركس في محاولة الفهم التاريخي لتطور الرأسمالية. فلم يعترف فيبر بأهمية صراع الطبقات عبر التاريخ, كما رفض الاعتراف بأن كل أشكال الصراع الإنساني يجب أن تنجم عن الصراع الطبقي فقط، بل وجود أسباب أخرى تؤدي إلى الصراع, وهو لم ير فقط أن "العوامل الاقتصادية هي التي تلعب دور هام في التطور التاريخي، لكنه أفسح مجالا لأفكار أخرى وأهمها الأفكار الدينية، والتي أعطاها دوراً هاماً في التغيير.[2] وبالتالي يرجح فيبر على أن استقرار العلاقات الاجتماعية ونمطيتها يعودان إلى التصرف العقلاني للبشر، فميز بين أربع أشكال للفعل الاجتماعي وهي: الفعل التقليدي والفعل العاطفي والفعل الموجه نحو غاية عليا والفعل الموجه نحو غاية دنيوية، وهذا الفعل الأخير هو الذي يصبغ الفعل العقلاني[3]
وميز فيبر بين أرباع أنواع من الأفعال الاجتماعي الأول هو الفعل العاطفي والذي يستمد من عاطفة الفرد أو المجتمع والفعل التقليدي وهذا الفعل مرتبط بالسلوك المعتاد والتقاليد والأعراف والثالث هو الفعل العقلاني الهادف حيث يتم اختيار الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف وأخيراً الفعل العقلاني القيمي وهنا تكون الأهداف معروفة ويتم اختيار الوسائل بشكل عقلاني.[4]
لذلك يستنتج فيبر وجود تميز للغرب الأوروبي بنوع من العقلانية وأطلق عليها "العقلانية المميزة"[1] بسبب ظروف تاريخية خاصة بالغرب كوحدة واحدة متلازمة. تلعب الرأسمالية كنظام دوراً كبيراً في إحكام سيطرتها على المجتمع بكل عناصره ومكوناته، كما تلغي تجارب المكونات القديمة والمختلفة.[5] لذلك وصف روح الرأسمالية بأنها القتال ضد القيم والعادات والتقاليد القديمة بما يشكل بمجموعه التراث[6]