ربما يكون شخصاً ما يعاني بين الفينة والأخرى أنتكاسة في قلبه وجفاء عن ربه والقلب هو المكنون الذي يدور حوله الأمر فكيف مال قبلك كان معه عقلك كأن العقل منقاد للقلب والقلب هو من بيده الدفة و البوصلة ,
ولكي تجعل قبلك مسكن لمحبوبك يجب أن تطهره من كل شريك وكلما زاد حبك لمحبوبك كلما زاح غيره من قبلك حتى أستمكن منه و جعلت وده مناك و رضاه منتهى الغايات .
ولكن للأسف أن أغلب الناس قلوبها لغير الخالق وسكنها كل التفاهات من حب الملذات و الفانيات وعقلها مشغول بكل هالك و متهالك
فما هي أهم أسباب تعلق القلب بغير الله جل في علاه
1_ الشرك بالله بكل أصنافه و درجاته و أتجاهاته و الأعتزاز بغير الله من مخلوقات و التعلق بها من أمور الدنيا أو الدين من رجال و قبور الصالحين , فأن الإنسان أذا تعلق قبله بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به. وخذله من جهة ما تعلق به فقد قال الرب العليم في محكم الكتاب الكريم [ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُم عِزّاً ، كَلَّا سَيَكفُرُونَ بِعِبَادَتِهِم وَيَكُونُونَ عَلَيهِم ضِدّاً ](مريم:82،81) وقال سبحانه [ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُم يُنصَرُونَ ، لَا يَستَطِيعُونَ نَصرَهُم وَهُم لَهُم جُندٌ مُّحضَرُونَ ] (يس:75،74). وأن أكثر الناس خسراناً هو من تعلق قلبه بغير الله وجعل وقته لذكر وتمجيد و مدح غير الله مثله كمثل المستظل من الشمس والمطر بغربال واسع الثقوب و نتيجة كل شرك هو الشر في الدنيا والأخرة كما أخبرنا بهذا ربنا الخبير العزيز [ لاَّ تَجعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقعُدَ مَذمُوماً مَّخذُولاً ] (الإسراء:22) مذموما لا حامد لك، مخذولا لا ناصر لك وقد يرى بعض الناس أن هنالك في الدنيا ممن هو مشرك وتراه منصوراً أخذ نصره قهراً وظلماً وتراه محموداً وحمده أما جهلاً او رغبته في المناصب او خوفاُ من قهره وشدة ظلمه وهذا مخزي في الدنيا والأخرة لآن ما من سلطان إلا لزال إلا سلطان رب الأكوان .
2 من أسباب تعلق القلب بغير الله هو كثرة الاختلاط بالناس لأن الاختلاط بالناس تجلب تشتت الفكر و أسوداد القلب بالضغينة ,الأحقاد ,التنافس على الدنيا والغيرة . فالأنشغال بالدنيا عن هم الأخرة ورضا الله من مصائب الناس و أحد أسبابها كما قلنا الاختلاط والصحبة السيئة التي يعبر عنها صاحبها يوم لا ينفع التعبير بقوله الذي يصوره لنا الله في القرآن [ وَيَومَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، يَا وَيلَتَى لَيتَنِي لَم أَتَّخِذ فُلَاناً خَلِيلاً ، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعدَ إِذْ جَاءنِي](الفرقان:29.28.27) وهذا شأن من كانت الدنيا و الجائزة فيها مبتغاه , ولكن هنالك صحبه محموده مثل الصلاة في جماعة والحج لبيت الله والجهاد في سبيله ودراسة كتابه وتعلم العلم وحتى في الأمور المباحة لا يحب الاختلاط الواسع لأنه كلما زاد العدد تشتت الرأي و وجد الشيطان في ذلك مدخل
3_ التمني والتعلق القلب بالأماني و الأحلام الفاسدة والتي ليست لدين الله فيها شيء و سبب ضياع الأوقات فيها وفي الوصول للأحلام دون تحقيق أنجاز أو طموح والتمني مثل البحر الذي لا نهاية له و لا قعر إلا النار , فقد قال رب العزة [ وَجِا۟ىٓءَ يَومَئِذٍۭ بِجَهَنَّمَ يَومَئِذٍۢ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكرَى , يَقُولُ يَٰلَيتَنِى قَدَّمتُ لِحَيَاتِى ](الفجر:24.23) ولا تزال الأماني والأفكار تلاعب بصاحبها كما تتلاعب الأطفال بالكرة تتقاذفها الأرجل وينهي حياته مفلس من الدنيا و الأخرة فقد أفنى الأولى بالأحلام وضياع الوقت بغير مفيد وكما يقل سابقاً الأماني رأس مال كل مفلس وضياع الثانية لأنه لم يقلم لها في الأولى شيء من عبادة أو صلاح فقلبه معلق بأمنياته و أحلامه في الوصول للدنيا ومفاتنها فزاغ عقله من من شدة التعلق والوَلَهَ والحب لما تمنى و أراد من أحلام .
و للموضوع بقية نتمها أن شاء الله تعالى