عبد الله : سبق و أن أتفقنا على أن بعض هذه الأصنام سميت بأسماء ناس صالحين , كما في زمن نبي الله نوح ( عليه السلام ) و أن الكفار ما أرادوا منها إلا الشفاعة عند الله لأن لها مكانة عنده , والدليل على هذا هو قول الله سبحانه وتعالى [ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ](الزمر:3) , و أما قولك كيف تجعلون الأنبياء و الأولياء أصناماً ؟ فنقول إن الكفار الذين أرسل إليهم النبي ( عليه السلام) منهم من يدعوا الأولياء , الذين قال الله فيهم [ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ]( الإسراء:75) وكذلك فيهم من يدعوا عيسى و أمه كما قال عنهم رب العزة [ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّه ](المائدة:116) ومنهم من يدعو الملائكة وقد قال الله عزوجل [ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ](سبأ:30) فـتأمل في هذه الآيات فقد كَّفرَ الله من قصد الأصنام وكَّفرَ من قصد الأنبياء و الملائكة والأولياء الصالحين على حَدّ سواء وقاتلهم الرسول محمد ( عليه السلام ) ولم يفرق بين كفرهم .
عبد النبي : ولكن الكفار يريدون منهم نفعاً , وأنا اشهد أنه لا لا نافع إلا الله وهو الذي يدفع الضر وهو المدبر و لا أريد ذلك إلا منه والصالحين ليس لهم لهم في ذلك الأمر شيء ولكني أقصدهم أبتغي شفاعتهم عند الله .
عبد الله :هذا ما قاله الله عن الكفار حين قال سبحانه [ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ]( يونس :18)
عبد النبي : ولكني لا أعبدهم فأنا لا أعبد إلا الله , والالتجاء إليهم و دعاؤهم ليس بعبادة .
عبد الله : سؤال . هل تعتقد وتقر أن الله فرض علينا إخلاص العبادة له و هو حقه على العباد وحقه عليك كما قال الله [ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ]( البينة:5)
عبد النبي : نعم هذا فرض من الله علىَّ .
عبد الله : و أنا أطلب منك أن تبين لي هذا الذي فرضه الله عليك , وهو إخلاص العبادة ؟
عبد النبي: لم أفهم ماذا تعني بهذا السؤال فبين لي .
عبد الله : أنتبه لي لبين لك هذا , قال الله سبحانه [ أدعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ] فهل الدعاء عبادة لله عز وجل أم لا ؟
عبد النبي : بلى أنه هو اصل العبادة كما في الحديث { الدعاء هو العبادة }
عبد الله : ما دمت أقررت أنه عبادة لله ثم دعوت الله ليلاً و نهاراً خوفاً وطمعاً في حاجة ما ثم دعوت في تلك الحاجة نبياً أو أحد الصالحين في قبره فهل أشركت في تلك الحالة والعبادة أم لا ؟
عبد النبي : نعم أشركت وهذا كلام صحيح و واضح.
عبد الله : وهذا مثال أخر ليتبين لك الأمر أكثر يقول الله سبحانه وتعالى [ فَصَلِ لِرَبِّك وانحر ]( الكوثر) و أطعت الله في هذا الأمر وذبحت ونحرت له هذا هذا العمل هو عبادة لله سبحانه وتعالى أم لا ؟
عبد النبي : نعم هو عبادة .
عبد الله : فإن نحرت لمخلوق نبي كان أو رجل صالح أو جني أو شجرة أو غيرها من أشياء مع الله , هل أشركت في هذه العبادة مع الله إم لا ؟
عبد النبي :نعم هذا شرك بلا شك .
عبد الله : وأنا مثلت لك بالدعاء والذبح لأن الدعاء أقر أنواع العبادة القولية , والذبح أقر أنواع العبادة الفعلية وليست العبادة قاصرة على هذان الأمران بل هي أعم و أشمل من ذلك , ويدخل فيها النذر ,القسم أو الحلف , الاستعانة , الاستغاثة , الاستعاذة , التصدق وغيرها , ولكن هل المشركين الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين و الأصنام وغيرها ؟
عبد النبي : نعم كانوا يفعلون ذلك .
عبد الله : و هل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والنذر ,القسم أو الحلف , الاستعانة , الاستغاثة , الاستعاذة , التصدق وغيرها و ألا فهم مقرون أنهم عباد الله وتحت قهره وسطوت سلطانه و أن الله هو الذي يبدر الأمر ولكنهم دعوا الأصنام و التجئوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهراً جداً.
عبد النبي : هل تنكر يا عبد الله الشفاعة للنبي ( عليه السلام ) وتبرأ منها ؟