لقد أختلف المفسرون في تعريف الجزية فما هو للمعنى الحقيقي لهذه الكلمة؟
تعريف مصطلح الجزية في معاجم اللغة: خَرَاجُ الأرض.-: ما يُؤْخَذُ من المعاهدين من أهل الكتاب ج جِزىَّ وجِزْيٌ وجِزاءٌ
ج: جِزَاءٌ. [ج ز ي] “فَرَضَ عَلَى الذِّمِّيِّ دَفْعَ الجِزْيَةِ” : الْخرَاجُ، أَيْ مَا يَدْفَعُهُ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ (أَهْلُ الذِّمَّةِ) فِي أَرْضِ الإِسْلاَمِ مِنْ ضَرِيبَةٍ. .”اِنْتَشَرَ الجُبَاةُ يَجْمَعُونَ الجِزْيَةَ مِنَ الأَقَالِيمِ” : خَرَاجُ الأَرْضِ.
الجزاء : هو التعريف القرآني الصحيح لإنسجامه مع الآيات القرآنية العديدة، وما عداه من تعريفات بشرية فليس عندنا بشيء.. فقد جاءت هذه التعريفات (كتحصيل حاصل) بعد فرض الخراج والضرائب على جميع أهل الكتاب بدون وجه حق! فمصطلح الجزاء لا يمكن تحديده بالخراج أو الضريبة.. فإلاَ كيف نفسر قوله تعالى:
وقوله أيضاً: {فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} (المائدة 85)
لا نجد في كتاب الله العزيز آية واحدة تجيز الاعتداء على أحد، وفي هذه الآية تحديداً (التوبة 29) اُمرنا بالقتال المشروع، وهو الدفاع عن النفس والدين. لقد جاء الأمر بقتال الذين أعتدوا من أهل الكتاب فقط وليس أهل الكتاب كافَة، ووقف القتال لا يتم إلاَ بعد استسلامهم وإذلالهم (المحاربون) من أهل الكتاب وقهرهم، وإعترافهم بإن أيد المسلمين فوق أيديهم، وأن يعطوا الجزية (الجزاء المفروض عليهم} (وهم صاغرون) أي أذلاء ومقهورون. فقول الله تعالى: {حتى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (حتى) تُفيد بأن القتال لن يتوقف ولن يُعصم دم المُعتدين إلا بعد إعطاء الجزية وهم صاغرون، وبإختصار شديد، على المعتدين من أهل الكتاب أن يختاروا بين الموت في المعركة أو إعطاء الجزية (الجزاء) وهم صاغرون، ولا يجوز أبداً تخيير أهل الكتاب بالدخول في الإسلام أو دفع الجزية. لقد حسم الله سُبحانه وتعالى قضية الإيمان والكفر بقوله:
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} الكهف 29
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} يونس 99
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} يونس 100
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة 256
أما أهل الكتاب من غير المقاتلين الذين لم يشتركوا في القتال ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم ولم يظاهروا على إخراجهم، فعلى المسلمين أن يقوموا بِبرهم وأن يُقسطوا إليهم امتثالاً لقول الله تعالى:
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (ألممتحنة 8) وقوله أيضاً:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (ألمآئدة 8)
منقول بتصرف