كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
15 - (مَن كَانَ يُرِيدُ ) بعملهِ الصالح (الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ) ولا يريد الآخرة (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ) أي جزاء أعمالهم من صِلةِ الرحم وإطعام الفقراء ومُساعدة الضعفاء (فِيهَا) أي في الدنيا (وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ) أي لا يُنقَصون من جزاء أعمالهم شيئاً .
16 - (أُوْلَـئِكَ الّذينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ ) عِقاباً لهم على إشراكهم (وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ) أي بطلَ ما صنعوا في الدنيا من حسنات لأنّهم أخذوا أجرها في الدنيا ولم يبقَ لآخرتهم شيء (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) للأوثان .
17 - إستمع المشركون لقول أبي سفيان واتّبعوهُ ، وكذّبوا رسول الله وعادَوهُ ، فردّ الله عليهم وأنّبهم على ذلك فقال تعالى (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ) وهو محمّد كمَنْ لا ينثني عن جهله وهو أبو سفيان ، والمعنى : أتتركون محمّداً وتكذّبونهُ الّذي هو على بيّنةٍ من ربّهِ وتتّبعون أبا سفيان الذي ليس لهُ بيّنة ولا عِلمَ له بشيء من الدين (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) يشهد له بصحّة قوله ، والمعنى : ويتبع محمّداً شاهد من اُمّتهِ يشهد له بأنّه رسول الله ، وذلك الشاهد هو المهدي ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الرعد { قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } يعني ومن عنده عِلم الكتُب السماويّة فهو يشهد لي في آخر الزمان إذا جاء بتفسير القرآن ، (وَ) شاهد آخر جاء (مِن قَبْلِهِ ) أيضاً ، أي من قبل محمّد يشهد لهُ بأنّه رسول الله ، وذلك الشاهد هو (كِتَابُ مُوسَى ) أي التوراة حيث جاء فيها ذكر النبيّ وصفاتهِ ، وذلك الكتاب (إَمَامًا) يؤتمّ بهِ ويعمل بنو إسرائيل بأحكامهِ (وَرَحْمَةً) لهم (أُوْلَـئِكَ) إشارة إلى أصحاب الكتاب (يُؤْمِنُونَ بِهِ ) في المستقبل ، أي يؤمنون بالكتب السماويّة كلّها ومن جملتها القرآن ، وذلك في زمن المهدي ، والدليل على ذلك قوله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ولم يقل آمَنوا بهِ ، فأهل الكتاب آمَنوا بكتابهم ولم يؤمنوا بالقرآن ولكن في المستقبل يؤمنون بهِ حيث تتّضحُ لهم الأدلّة على أنّه مُنزَل من الله ولم يختلقهُ محمّد من نفسه كما يتوهّمون .
ثمّ أخذَ سُبحانهُ في تهديد المشركين فقال (وَمَن يَكْفُرْ بِهِ ) أي بالقرآن (مِنَ الأَحْزَابِ ) يعني أهل مكّة ومن حولها (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ) في الآخرة فلا يحزنك كفره يا محمّد (فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ) أي فلا تكُ في شكّ من نزول القرآن عليك إذ كفرت بهِ الأحزاب ولم يؤمنوا (إِنَّهُ) أي القرآن (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) لجهلهم بالحقيقة وعنادهم .
18 - (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا ) فادّعى له الولد أو ادّعى له البنات أو ادّعى أنّ الأصنام شفعاء عند الله (أُوْلَـئِكَ) المفترون (يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ ) يوم القيامة للتأنيب والعقاب (وَيَقُولُ الأَشْهَادُ ) أي الملائكة الحَفَظَة تشهد عليهم فتقول (هَـؤُلاء الّذينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ ) فادّعَوا لهُ البنات (أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الّذينَ ظلموا أنفسهم بهذا الادّعاء وظلموا من اقتدى بهم .
19 - (الّذينَ يَصُدُّونَ ) الناس (عَن سَبِيلِ اللّهِ ) يعني يصدّونهم عن الطريق الّذي يوصلهم إلى دين الله (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ) يعني يعكسون الحقيقة ويُشوّهون الحقّ بأكاذيبهم وأضاليلهم للناس فيجعلون الحقّ باطلاً والباطل حقّاً وبذلك يصدّونهم عن سبيل الله (وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) أي مُنكِرون للبعث والحساب والنعيم والعقاب .
20 - (أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ ) الله (فِي الأَرْضِ ) فاللهُ أهلكهم بدقيقةٍ واحدة (وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ) يتولّون أمرهم ويُخلّصونهم من العذاب حين وقع بهم (يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ) يوم القيامة ، العذاب الأوّل في الدنيا عذاب الاستئصال والثاني لاقَوهُ في الآخرة عذاب النار (مَا كَانُواْ ) في الدنيا (يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ) لسبِّ أصنامهم ومنعِهم عن عبادتها (وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ) طريق الحقّ ، لأنّ حُبّهم للأصنام أعماهم عن التبصّر .
21 - (أُوْلَـئِكَ الّذينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ ) في الآخرة (وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) من قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فلم يجدوهم هُناك ولم يشفعوا لهم ، وكلمة "ضلّوا" معناها ضاعوا ، تاهوا .
22 - (لاَ جَرَمَ ) أي لا شكّ أو لا ريبَ ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الإسراء { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شكّ فيهِ . وقال تعالى في سورة آل عمران {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } ، (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ ) لأنّهم سيخسرون الجنّة يوم القيامة .
23 - (إِنَّ الّذينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ ) يعني وسكنت نفوسهم إلى لقاء ربّهم ، فكلمة (أَخْبَتُواْ) معناها سكنوا وهدأوا ، والشاهد على ذلك قول عنترة :
كانوا يَشُبُّونَ الحُرُوبَ إذا خَبَتْ قِدماً بِكُلِّ مُهَنَّدٍ فَصَّالِ
والمعنى : إطمأنّوا إلى لقاء ربّهم وإلى ما وعدهم بهِ من النعيم (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) . ونظيرها قوله تعالى في سورة الفجر {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي } .
24 - (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ) أي الكافرين والمؤمنين (كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ ) مثَل الكافر (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ) مثَل المؤمن (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ) يعني هل يكون سواءً حال الأعمى والأصمّ وحال البصير والسميع عند رجُلٍ عاقل ، فكما لا تستوي هاتان الحالتان عند العُقلاء كذلك لا تستوي حال الكافر والمؤمن عند الله (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) يعني أفلا تتّعِظون ؟
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |