كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة هود من الآية( 25) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

25 - (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ) فقال لهم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ ) عن عبادة الأصنام (مُّبِينٌ) بأنّي مُرسَل من الله تشهد بذلك بيّناتي .

26 - (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) أي مؤلم ، هو اليوم الّذي غرقوا فيهِ .

27 - (فَقَالَ الْمَلأُ الّذينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا ) فلو كنتَ ملَكاً لصدقناك (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الّذينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا ) أي لم يتّبعك الرؤساء والأشراف منّا وإنّما اتّبعك الفقراء الّذينَ لا مال لهم ولا جاه (بَادِيَ الرَّأْيِ ) أي الأمرُ ظاهرٌ وبيّن أنّهم اتّبعوك لأجل أن تُساعدهم وتعطيهم من المال لأنّهم فقراء ضعفاء ، فكلمة "بدى" معناها ظهرَ للعيان ، وكلمة "رأي" معناها العلم والفكر ، والمعنى : إنّ الّذينَ اتّبعوك أمرُهم معروف وسرّهم مكشوف بأنّهم اتّبعوك لأجل المال والمساعدة (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ) أي ما نرى لكم من زيادة علينا في المال والعشيرة والأولاد بل نحنُ أكثر منكم أموالاً وأولاداً وعدداً (بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) فيما تدّعونهُ من إسلامكم ونبوّة نوح فيكم .

28 - (قَالَ) نوح (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ) يعني أعطوني رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ ) يعني على بيان دائم ووحيٍ مُتّصل من ربّي وكذّبتموني فماذا يكون مصيركم بعد التكذيب . ومِثلها في المعنى في سورة فصلت {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } ، (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ) الرحمة هي النبوّة (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) أي خَفِيَتْ عليكم لأنّكم لم تفكّروا فيها ولم تستعملوا عقولكم بل سِرتم على تقاليد آبائكم فخسرتم (أَنُلْزِمُكُمُوهَا) الرحمة (وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) يعني هل هي شيء مادّي فأضعهُ في أيديكم بالقوّة أم هي شيء معنوي يجب أن تفكّروا فيها وتتدبّروا أمرها وتستعملوا عقولكم فيها لكي تصيبوا الحقيقة ؟

29 - (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ) أي على تبليغ الرسالة والإنذار (مَالاً إِنْ أَجْرِيَ ) أي ما أجري بذلك (إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الّذينَ آمَنُواْ ) كما تطلبون منّي (إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ ) في الآخرة فيشكونني عندهُ إن طردتهم (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) عواقب الاُمور .

30 - (وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ) عذاب (اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) أي أفلا تتّعِظون ؟

31 - (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ ) ، وهذا ردّاً على قولهم { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } ، أي من زيادةٍ في المال ، فقال لا أقول لكم إنّي أكثر منكم مالاً وعندي خزائن الله (وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) فأخبركم بالعذاب متى يكون وقوعهُ (وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) وهذا ردّاً على قولهم { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا } ، فقال : أنا بشر مثلكم ولكنّ الله يختار للرسالة من يشاء من عباده (وَلاَ أَقُولُ ) للفقراء (لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ) يعني الّذينَ تحتقرونهم لأنّهم فقراء ، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم :

                                    بِأَيِّ مَشِيَئةٍ عَمْرو بْنَ هِنْدٍ      تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وتَزْدَرِينَا

(لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا ) في المستقبل ، بل كلّ الخير لهم ، والشرّ كلّهُ لكم (اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ) من حُسن نيّة وصفاء قلب وكرم أخلاق ولذلك هداهم إلى الإيمان ، فإن طردتهم (إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) لهم .

32 - (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا ) من العذاب (إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ).

33 - (قَالَ) نوح في جوابهم (إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاءَ ) يعني متى شاء (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ) أي لا تفوتونهُ بالهرب .

34 - (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ) زيادة على ما تقدّم من النصيحة (إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ) بسبب ظُلمكم (هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) بعد موتكم ، يعني إلى حُكمهِ تُرجعون .

35 - ثمّ قال الله تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ ) بافترائكم على الله بأن جعلتم لهُ البنات .

36 - (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ ) يعني أوحَى الله إليهِ (أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ ) أحد في المستقبل (إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ) في الماضي (فَلاَ تَبْتَئِسْ ) أي فلا تغتمّ ولا تحزن ، ومن ذلك قول الشاعر :

                                   ما يَقْسِمِ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتِئِسٍ      مِنْهُ وأَقْعُدْ كَرِيماً ناعِمَ

(بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) من أفعال سيّئة .

37 - (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ ) أي السفينة (بِأَعْيُنِنَا) أي بمراقبتنا (وَوَحْيِنَا) أي وإرشاداتنا لك (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) يعني لا تسألني العفوَ عن هؤلاء الكافرين من قومك ولا تشفع لأحدٍ منهم فإنّهم سيغرقون عن قريب .

38 - (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ) هو وأصحابهُ166 (وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ ) الكافرين (سَخِرُواْ مِنْهُ ) أي من نوح (قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا ) اليوم (فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ) في المستقبل (كَمَا تَسْخَرُونَ ) اليوم .

39 - (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) عاقبةَ سُخريتكم (مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ) في الدنيا (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) في الآخرة ، أي عذاب دائم .

------------------------------------

166 :فصنعَ السفينة من خشب القطران أي السّاج ، والقطران هو التربنتاية تُستخرج من شجر السّاج ، وكان طولها ثلثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعاً وارتفاعها ثلاثين ذراعاً وجعل لها غطاءً وجعل في أسفلها ثلاثة طوابق لحمل الحيوانات فيها وطلاها بالقار من داخلها ومن خارجها . راجع سِفر التكوين من مجموعة التوراة

<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم