كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
63 - (قَالَ) صالح (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ) أي أبدوا لي رأيكم ماذا يكون مصيركم (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي ) يعني على بيان دائم ووحيٍ مُتّصل من ربّي وكذّبتموني فماذا يكون مصيركم بعد التكذيب (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ) هيَ الرسالة (فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ) واتّبعتُ آراءكم وسمعتُ لقولكم (فَمَا تَزِيدُونَنِي ) بذلك (غَيْرَ تَخْسِيرٍ ) أي خسارة على خسارة .
64 - (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ ) أي الّتي طلبتموها من الله فخلقَها (لَكُمْ آيَةً ) أي دلالة على صِدقي ومعجزةً لكم (فَذَرُوهَا) أي اُتركوها (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ ) من العُشب والنبات (وَلاَ تَمَسُّوهَا ) أي ولا تُصيبوها (بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ ) إن فعلتم (عَذَابٌ قَرِيبٌ ) أي عاجِل فيهلككم .
65 - (فَعَقَرُوهَا) أي ذبحوها وتقاسموا لحمها بينهم (فَقَالَ) صالح (تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ) ثمّ ينزل بكم العذاب (ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) عليكم .
66 - (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ) بالعذاب (نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالّذينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ) يعني بوحينا وإرشاداتنا (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) يعني ونجّيناهم من الخزي الّذي أصاب المشركين بعد موتهم بين النفوس (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ ) لا يغلبه أحد (الْعَزِيزُ) في مُلكه لا يمتنع عليه شيء . فأهلكهم الله بالزلزال .
67 - (وَأَخَذَ الّذينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ) يعني أخذوا يتصايحون ويصرخون حين تهدّمت منازلهم فوقهم ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة ي س {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ } ، لأنّ الغريق لا يمكنهُ أن يصرخ ويستنجد لأنّ فمهُ مليء بالماء . (فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) تحت الأنقاض ، أي خامدين موتَى لا حراكَ بهم .
68 - (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا) يعني كأن لم يعيشوا فيها مُستغنين بالمال والأولاد (أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ ) أي أنكروا ربّهم وجحدوهُ (أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ ) من رحمة الله .
69 - ثمّ ذكرَ سُبحانهُ قِصّة إبراهيم ولوط فقال (وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا ) يعني الملائكة ، وعددهم ثلاثة وكانوا على صورة الغلمان أتوا (إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى ) بشّروهُ بأن سيكون لهُ ولد (قَالُواْ سَلاَمًا ) عليك يا إبراهيم (قَالَ سَلاَمٌ ) عليكم ، فأجلسهم في الخيمة ودخل بيته (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) يعني مشوي بالحجارة وهي طريقة كانوا يستعملونها كالفُرن الّذي نستعملهُ اليوم ، ومن ذلك قول علقمة :
فَظَلَّ الأَكُفُّ يَخْتَلِفْنَ بِحانِذٍ إلَى جُؤْجُؤٍ مِثْلِ الْمَدَاكِ الْمُخَضَّبِ
وقال الآخر :
لهم راحٌ وفارُ الْمِسْكِ فِيهَا وشاوِيْهِمْ إذا شاووا حَنِيذَا
والمعنى : جاءهم بالطعام وكان عِجلاً مشويّاً وخبزاً وزبداً ولبناً فقدّمهُ إليهم وقال كُلُوا .
70 - (فَلَمَّا رَأَى ) إبراهيم (أَيْدِيَهُمْ) أي أيدي الملائكة (لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ ) يعني لا تمتدّ إلى الطعام ولا يأكلون منهُ (نَكِرَهُمْ) أي أنكرهم (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) أي اعتراهُ بعض الخوف منهم لكونهم لم يأكلوا من طعامهِ (قَالُواْ لاَ تَخَفْ ) يا إبراهيم (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) لإهلاكهم .
71 - (وَامْرَأَتُهُ) سارة (قَآئِمَةٌ) خلف ستار الخيمة تسمع كلامهم (فَضَحِكَتْ) مُستبشرةً بهلاك قوم لوط ومتعجّبةً من سفاهتهم وقباحة فِعلهم (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ ) تلدهُ (وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ ) يعني ومن نسل إسحاق (يَعْقُوبَ) . وكان عُمر إبراهيم حينئذٍ مائة سنة ، وعُمر سارة تسعين سنة .
72 - (قَالَتْ) سارة لَمّا سمعت البشارة بالولد (يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي ) إبراهيم (شَيْخًا) إبن مائة سنة (إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) .
73 - (قَالُواْ) أي الملائكة (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) وقدرتهِ (رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) يعني بيت إبراهيم ، والمعنى : كيف تقنطين من أن يكون لكِ ولد ورحمة الله مُتّصلة بكم وخيراتهُ مُباركة لكم ومُتكاثِرة عليكم (إِنَّهُ حَمِيدٌ ) يستحقّ الحمد منكم على عطائهِ لكم (مَّجِيدٌ) يجب أن تُمجّدوهُ وتعظّموهُ على الدوام .
74 - (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ) أي الخوف (وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى ) بالولد (يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ) أي يُجادل رُسُلنا ويسألهم في قوم لوط ، وتلك المجادلة أنّه قال لهم إن كانَ في القرية خمسون من المؤمنين أتُهلكونهم ؟ قالوا : لا ، قال : فأربعون ؟ قالوا : لا ، فمازال يُنقّص ويقولون لا ، حتّى قال فواحد ؟ قالوا : لا ، فاحتجّ عليهم بِلُوط وقال إنّ في قرية سدوم لوطاً ، قالوا نحنُ أعلمُ بمن فيها لننجّينّهُ وأهلهُ .
75 - (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ) لا يعجل في الاُمور (أَوَّاهٌ) أي كثير التأوّه والتأسّف على أبيهِ وقومهِ لأنّهم لم يسمعوا لقولهِ ولم يتركوا عبادة الأصنام (مُّنِيبٌ) أي راجع إلى الله بالطاعة والعبادة .
76 - (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) القول والمجادَلة في قوم لوط ، وهذا من قول الملائكة (إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ ) بالعذاب والهلاك فهو واقعٌ بهم لا محالة (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) عنهم .
77 - ولَمّا انتهت قصّة إبراهيم أخذَ سُبحانهُ يُبيّن قِصّة لوط وقومه فقال (وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا ) يعني ولَمّا ذهبت الملائكة من عند إبراهيم وجاؤوا إلى لوط (سِيءَ) لوط (بِهِمْ) أي ساءهُ مجيئهم لِما رأى من حُسنِ جمالهم ولم يجد سبيلاً لحفظهم من قومهِ (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ) أي ضاق صدرهُ بسببهم حيث لم يجد مخلصاً من شرّ قومهِ ، ومن ذلك قول حسّان :
وَلا ضِقْتُ ذَرْعاً بِالْهَوَى إذْ ضَمِنْتُهُ وَلا كُظَّ صَدْرِي بِالحَدِيثِ الْمُكَتَّمِ
(وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) أي يوم شرير كثير الشرّ يعصبُ الإنسان رأسهُ بعصابةٍ لِما يُصيبهُ من صداع ، وهذا مثَل يُضرَب عند العرب ، والشاهد على ذلك قول الأعشى يصفُ يوماً شديدَ الحرّ فيقول :
ويومٌ مِنَ الشِّعْرَى كَأَنَّ ظِباءَهُ كَوَاعِبُ مَقْصُورٌ عَلَيْها سُتُورُهَا
عَصَبتُ لهُ رَأسِي وكَلَّفْتُ قَطْعَهُ هُنَالِكَ حُرْجُوجاً بَطِيئاً فُتُورُهَا
وقالت الخنساء :
يَطْعَنُ الطّعْنَة َ لا يُرْقِئُها رقية ُ الرَّاقي ولا عصبُ الخُمُرْ
فالخُمُر جمع خِمار ، وإنّما قال لوط ذلك لأنّهُ لم يعلم أنّهم ملائكة وخافَ عليهم من قومهِ أن يفضحوهم .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |