كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة يوسف من الآية( 4) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

4 - (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ ) يعقوب ، واسم اُمّهِ راحيل (يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ ) في المنام (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) .

5 - (قَالَ) يعقوب (يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا ) حسداً منهم ويؤذوك (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) فإنّ الشيطان يغويهم ويدلّهم على مكيدةٍ يؤذونك بها أو يقتلونك .

6 - (وَكَذَلِكَ) أي كما أراك الله هذه الرؤيا كذلك (يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ) أي يختارك ربّك للعِلم والنبوّة (وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ) يعني من تعبير الرؤيا الّتي يُحدّثونك عنها (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) بالنبوّة والحُكم (وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ) يعني وعلى إخوتك وبنيهم ونسائهم بأن يزيد في أموالهم ويُكثّرَ نسلهم ويجعلَهم من الصالحين (كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ ) يعني على جدّيك إسحاق وأبيه إبراهيم فأعطاهم النبوّة والعِلم والمال الوفير والخير الكثير وجعلهم من الصالحين (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ) بأحوال خلقهِ (حَكِيمٌ) في قضاياهم .

7 - (لَّقَدْ كَانَ فِي ) قِصّة (يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ) أي عِبَرٌ ومواعظ للسائلين عنهم

8 - (إِذْ قَالُواْ ) إخوة يوسف ، يعني قال بعضهم لبعض (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ) بنيامين (أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ) ، لأنّ يعقوب كان يُحبّ يوسف وبنيامين أكثر من أولادهِ الآخرين ، وصنعَ ليوسف قميصاً موشّى بالذهب وملوّناً وألبسهُ إيّاهُ (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) أي جماعة أقوياء فنحنُ أنفعُ لأبينا من يوسف فلماذا يُحبّهُ أكثر منّا (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) أي في خطأ من الرأي في شأن أولادهِ .

9 - (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ) بعيدة فلا يهتدي إلى الطريق ليرجع إلى أبيهِ (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) يعني يفرغ مكان يوسف عند أبيكم وتحلّون مكانهُ (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ ) أي من بعد قتل يوسف (قَوْمًا صَالِحِينَ ) عند أبيكم ، يعني يصلح حالكم وأمرُ دنياكم .

10 - (قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ ) واسمهُ راؤوبين (لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) يعني ألقُوهُ في أسفل البئر ، ومن ذلك قولُ الأعشى :

                                لَئِنْ كُنْتَ في جُبٍّ ثَمَانِينَ قامَةً      وَرُقِّيتَ أَسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ

(يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ) يعني يأخذْهُ بعض المارّةِ في هذا الطريق (إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) يعني إن كنتم مُصرّين على قتلهِ فلا تقتلوهُ بل ألقوه في الجُبّ . وأرادَ راؤوبين بهذا الرأي خلاص يوسف من القتل ولم يُرِد بهِ سوءً . وهذا مختصر جدّاً لهم في أمر يوسف .

11 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ يُبيّن القِصّة على التفصيل فقال : (قَالُواْ) إخوة يوسف لأبيهم يعقوب (يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ) أي مُخلِصون .

12 - (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ ) أي يأكل ويشرب في تلك الأرض المخصِبة النضرة (وَيَلْعَبْ) فيها (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) من كلّ حيوان مُفترس .

13 - (قَالَ) يعقوب (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ) إلى المرعَى (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ) لاهون برعي الغنم . وإنّما قال أخاف أن يأكلهُ الذئب ، لأنّه رأى في المنام عشرة ذئاب التفّوا حول يوسف فأكلوهُ .

14 - (قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) أي جماعة أقوياء (إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ ) أخانا .

15 - (فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ ) أي بيوسف إلى المرعى ، وكان عُمرهُ سبعة عشر عاماً (وَأَجْمَعُواْ) رأيهم (أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) يعني في أسفل البئر ، وكانوا يسكنون الأردن (وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ ) يعني إلى يوسف (لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا ) والمعنى : سنُسلّطك عليهم في المستقبل فتعاقبهم على فِعلهم هذا ، وهذه كلمة تهديد ووعيد بالانتقام ، ومِثلها كثير في القرآن ، قال الله تعالى في سورة التغابن {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } أي لتُعاقَبُنّ بما عملتم ، وقال تعالى في سورة فصّلت {فَلَنُنَبِّئَنَّ الّذينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا } أي نُذكّرهم بأعمالهم السيّئة ونُعاقبهم عليها . (وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ) بالعاقبة ماذا تكون بعد فِعلهم هذا . وقد نكّلَ بهم يوسف بعض الشيء لَمّا ذهبوا إليهِ يميرون الطعام لأهلهم من مصر ، ثمّ أنّبهم على فِعلهم هذا فقال {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } ، وذلك بعد أن خضعوا لهُ وتوسّلوا بهِ فقالوا {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ }

16 - (وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ ) بعد أن ألقَوهُ في الجُب .

17 - (قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ) أي نتسابق في الركض على الأقدام (وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا ) يعني عند أمتعتنا لئلاّ يسرقها أحد (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا ) أي بمصدّقٍ لنا (وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) في قولنا .

18 - (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ) أخذوا تَيساً فذبحوهُ ولطّخوا قميصهُ بدم التّيس (قَالَ) يعقوب (بَلْ سَوَّلَتْ ) أي زيّنت (لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ) في يوسف وطَلَبَتْ منكم تنفيذهُ ، وليس كما تزعمون أكله الذئب ، وذلك لَمّا رأى قميصهُ غير مُمزّق إتّضحَ له كذبهم فقال لو أكله الذئب كما تزعمون لمزّق قميصه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) "الصبر الجميل" بأن لا يشكو الإنسان ما بهِ إلى أحد إلاّ إلى الله وحدهُ ، ولذلك قال {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ } ، وقال الشاعر :

                       وما أحسنَ الصبرَ الجَمِيلَ مَعَ التُّقَى      وما قَدَّرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ يَجْرِي

(وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) يعني بالله أستعين على إظهار الحقيقة ونجاة يوسف من أيديكم .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم