كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
15 - (وَاسْتَفْتَحُواْ) الرُسُل ، أي طلبوا النصر من الله على الكافرين فنصرهم (وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) أي كلّ متكبِّر مُعاند .
16 - (مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ) أي من بعدِ موتهِ يدخل جهنّم (وَيُسْقَى) فيها (مِن مَّاء صَدِيدٍ ) يصدّهُ ويمنعهُ عن العبور إلى مكانٍ آخر لشدّةِ حرارتهِ ، فالصديد هو الّذي يصدّ الإنسان ويمنعهُ من الإقتراب أو من الذهاب ، ومن ذلك قول النابغة الذبياني :
زعمَ الهمامُ ولم أذقهُ أنّهُ يُشْفَى بِرَيَّا رِيقِها العَطِشُ الصَّدِي
وقال الفرزدق يصفُ امرأة :
نَعِمْتُ بِها لَيْلَ التَّمامِ فَلَمْ يَكَدْ يُرَوِّي اسْتِقائِي هامَةَ الْحائِمِ الصَّدِي
يعني العطشان الّذي يحوم حول العين وقد صدُّوهُ عن الماء .
17 - (يَتَجَرَّعُهُ) جُرعةً بعد جُرعة لشدّةِ حرارته ، والجُرعة ملء الفم من السائل فقط ، ومن ذلك قول عنترة :
سَقَى اللهُ عَمِّي منْ يدِ الْمَوْتِ جُرْعةً وشُلّتْ يدَاهُ بعد قَطْعِ الأَصابِعِ
وقال بسطام :
وغداً أُخْبِركُمْ عَنْ عَنْتَرٍ أنّهُ قَدْ شرِبَ الْمَوْتَ جُرَعْ
(وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ ) يعني ويكاد لا يشربهُ لولا شِدّة العطش ، ومن ذلك قول الخنساء :
إنّ الشَّجَاةَ التي حَدّثتُمُ اعْتَرَضَتْ خَلْفَ اللَّهَى لم تَسَوَّغْها البَلاعِيمُ
وقال اُميّة بن حرثان :
تركتَ أباك مُرْعِشَةً يَداهُ وأُمَّكَ ما تُسِيغُ لَها شَرابَا
(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ) يعني وتأتيهِ أسباب الموت من كلّ مكان ولكن لا يموت لأنّه نفس أثيريّة روحانيّة والنفوس لا تُعدَم من الوجود (وَمِن وَرَآئِهِ ) يعني ومن بعد هذا العذاب (عَذَابٌ غَلِيظٌ ) أي أشدّ وأعظم .
18 - (مَّثَلُ الّذينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ) في عاقبة (أَعْمَالُهُمْ) الصالحة (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ) فذرّتهُ على وجهِ الأرض (لاَّ يَقْدِرُونَ ) على تحصيل (مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ) منها لأنّهم مُشركون والمشرِك لا تُقبَل أعماله مهما كثُرت (ذَلِكَ) الإشراك بالله (هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) عن الحقّ .
19 - ثمّ خاطب المشرِك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ ) يعني ألم تعلم (أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ ) أي بالوعد الحقّ ، وقد سبق تفسيرها في سورة الأنعام عند قوله تعالى {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ } ، (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ) أيّها المشركون بالطاعون أو بالزلزال أو بغيرهما (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) غيركم .
20 - (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) أي وما إهلاككم على الله بعزيز .
21 - ثمّ أخبرَ سُبحانهُ عن المشركين فقال (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا ) التابعون والمتبوعون ، يعني برزوا في الفضاء ، وهذهِ الآية معطوفة على ما تقدّم من قوله تعالى (مَّثَلُ الّذينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ) آية 18 ثمّ عطفَ عليها بقولهِ (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا ) ، ومِثلها في سورة غافر قوله تعالى {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } ، أي ظاهر للعيان ، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم :
تَرَانَا بارِزِيْنَ وَكُلَّ حَيٍّ قَدِ اتَّخذوا مَخافَتَنا قَرِيْنَا
(فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ ) أي قال الضعفاء لرؤسائهم الّذينَ استكبروا على الرُسُل ولم يؤمنوا بهم (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ) في دار الدُنيا (فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ ) وهذا القول قالوهُ بعد مماتهم لَمّا واجَهوا العذاب ، يعني هل يُمكنكم أن تدفعوا عنّا شيئاً من العذاب (قَالُواْ) أي قال الرؤساء لمرؤوسيهم (لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا ) من العذاب (أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ) أي ما لنا من خلاص .
22 - (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ) وحين لا فائدة من التوبةِ والندامة (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ ) بالثواب والعقاب (وَعْدَ الْحَقِّ ) فلم تسمعوا لقولهِ ولم تعملوا بأمرِه (وَوَعَدتُّكُمْ) وعد الكذب والخداع (فَأَخْلَفْتُكُمْ) عن الحقّ ، يعني جعلتكم تتخلّفون عنهُ وتتّبعون أقوالي (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ) يعني من سُلطةٍ وقوّةٍ وإجبار (إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ ) بالوسوسة والإغراء (فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) بسوء اختياركم (فَلاَ تَلُومُونِي ) على ما حلّ بكم من العِقاب (وَلُومُواْ أَنفُسَكُم ) إذ عدلتم عن أمر الله إلى اتّباعي من غير دليل ولا بُرهان (مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ ) أي ما أنا بمغيثكم ومُنقذكم من العذاب (وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ) في دار الدنيا ، يعني بما أشركتموني مع الله في الطاعة ، ومعنى " كَفَرْتُ" يعني اُنكرُ عليكم وألومكم باستجابتكم لي دون بُرهان ولا دليل . ثمّ أخبرَ الله سُبحانهُ عن أحوال الظالمين فقال (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم .
23 - (وَأُدْخِلَ الّذينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مُخلّدين فيها إلى الأبد (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) يعني تُدخلهم الملائكة في الجنان بإذنِ ربّهم (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ) .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |