كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة إبراهيم من الآية( 8) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

8 - (وَقَالَ مُوسَى ) لقومهِ (إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ ) عن عِبادتكم (حَمِيدٌ) عند ملائكتهِ ، أي تحمدهُ الملائكة وتُسبّحهُ .

9 - (أَلَمْ يَأْتِكُمْ ) يا بني إسرائيل (نَبَأُ الّذينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ) وذلك في التوراة في سِفر التكوين (وَالّذينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ ) يعني لا يعلمُ عددهم إلاّ الله (جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ) يعني المشركون ردّوا على الرُسُل قولهم ووضعوا أيديَهم على أفواه الرُسُل وقالوا لهم اُسكتوا ولا تتكلّموا بهذا (وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) .

10 - (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض فجعلهنّ تسعة أجرام بعدما كانت واحدة (يَدْعُوكُمْ) لعبادتهِ (لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى ) يعني إلى يوم آجالكم ولا يُعاجلكم بالعذاب إن آمنتم (قَالُواْ) في جواب الرُسُل (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ) أي بحُجّةٍ واضحة بيّنة تدلّ على صِحّةِ قولكم وبُطلان ما نحنُ عليهِ .

11 - (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ ) بالرسالةِ (عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ ) أي بمعجزةٍ (إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ) يعني إلاّ المعجِزة الّتي أعطانا الله إيّاها وأذِنَ لنا بإظهارها وأمّا الّتي تطلبونها فلا قُدرةَ لنا على إتيانها . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة غافر {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } ، (وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) في نشر الدعوة إلى دِين الإسلام .

12 - (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ) أي هدانا طُرُق الصَلاح الّتي توصلنا إلى الجنّة (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا ) فإنّ الله يكفينا أمركم وينصرنا عليكم (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) في إظهار دينهِ ولا يخافوا أحداً من الناس .

13 - (وَقَالَ الّذينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ ) أي أوحَى للرُسُل فقال (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) الّذينَ كذّبوكم وآذَوكم .

14 - (وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ) أي من بعد إهلاكهم (ذَلِكَ) الإنذار والإخبار عن الماضين (لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) وقُدرتي (وَخَافَ وَعِيدِ ) أي وخاف وعيدي للكافرين فيتّعظ بقصصهم وأخبارهم ولا يكون مثلهم .

15 - (وَاسْتَفْتَحُواْ) الرُسُل ، أي طلبوا النصر من الله على الكافرين فنصرهم (وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) أي كلّ متكبِّر مُعاند .

16 - (مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ) أي من بعدِ موتهِ يدخل جهنّم (وَيُسْقَى) فيها (مِن مَّاء صَدِيدٍ ) يصدّهُ ويمنعهُ عن العبور إلى مكانٍ آخر لشدّةِ حرارتهِ ، فالصديد هو الّذي يصدّ الإنسان ويمنعهُ من الإقتراب أو من الذهاب ، ومن ذلك قول النابغة الذبياني :

                            زعمَ الهمامُ ولم أذقهُ أنّهُ      يُشْفَى بِرَيَّا رِيقِها العَطِشُ الصَّدِي

وقال الفرزدق يصفُ امرأة :

                        نَعِمْتُ بِها لَيْلَ التَّمامِ فَلَمْ يَكَدْ      يُرَوِّي اسْتِقائِي هامَةَ الْحائِمِ الصَّدِي

يعني العطشان الّذي يحوم حول العين وقد صدُّوهُ عن الماء .

17 - (يَتَجَرَّعُهُ) جُرعةً بعد جُرعة لشدّةِ حرارته ، والجُرعة ملء الفم من السائل فقط ، ومن ذلك قول عنترة :

                          سَقَى اللهُ عَمِّي منْ يدِ الْمَوْتِ جُرْعةً      وشُلّتْ يدَاهُ بعد قَطْعِ الأَصابِعِ

وقال بسطام :
                                         وغداً أُخْبِركُمْ عَنْ عَنْتَرٍ      أنّهُ قَدْ شرِبَ الْمَوْتَ جُرَعْ

(وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ ) يعني ويكاد لا يشربهُ لولا شِدّة العطش ، ومن ذلك قول الخنساء :

                              إنّ الشَّجَاةَ التي حَدّثتُمُ اعْتَرَضَتْ      خَلْفَ اللَّهَى لم تَسَوَّغْها البَلاعِيمُ

وقال اُميّة بن حرثان :
                                        تركتَ أباك مُرْعِشَةً يَداهُ      وأُمَّكَ ما تُسِيغُ لَها شَرابَا

(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ) يعني وتأتيهِ أسباب الموت من كلّ مكان ولكن لا يموت لأنّه نفس أثيريّة روحانيّة والنفوس لا تُعدَم من الوجود (وَمِن وَرَآئِهِ ) يعني ومن بعد هذا العذاب (عَذَابٌ غَلِيظٌ ) أي أشدّ وأعظم .

18 - (مَّثَلُ الّذينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ) في عاقبة (أَعْمَالُهُمْ) الصالحة (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ) فذرّتهُ على وجهِ الأرض (لاَّ يَقْدِرُونَ ) على تحصيل (مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ) منها لأنّهم مُشركون والمشرِك لا تُقبَل أعماله مهما كثُرت (ذَلِكَ) الإشراك بالله (هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) عن الحقّ .

19 - ثمّ خاطب المشرِك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ ) يعني ألم تعلم (أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ ) أي بالوعد الحقّ ، وقد سبق تفسيرها في سورة الأنعام عند قوله تعالى {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ } ، (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ) أيّها المشركون بالطاعون أو بالزلزال أو بغيرهما (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) غيركم .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم