كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النحل من الآية( 80) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

80 - (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) أي موضعاً تسكنون فيهِ بأن خلقَ لكم الموادّ الإنشائيّة لبناء البيوت (وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا ) وهي المنسوجة من شعرِ المعز (تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) أي يوم ارتحالكم من مكانٍ إلى مكانٍ آخر ليسهل عليكم حملها (وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) تنصبونها بسهولة (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا ) يعني من صوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز تتّخذون (أَثَاثًا) للبيت كالبُسُط والأفرشة والمخادّ [أو الوسائد ] والأكياس للحمل (وَمَتَاعًا) تتمتّعون بهِ في اللّباس والفرو ، أي تتّخذون منها ألبِسةً لكم (إِلَى حِينٍ ) مماتكم وانتقالكم إلى عالم النفوس .

81 - (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً ) عن الشمس ، أي أشياء تستظلّون بها عن حرارة الشمس كالجبال والأبنية والأشجار (وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) ، "الكنّ" إسمٌ لكلّ بيتٍ صغير كالبيت الّذي يوضَع فيه الدجاجة أو الطيور ، وجمعهُ أكنان وأكنّة ، والمعنى : جعل لكم من الجبال كهوفاً ومغاراتٍ تأوونَ إليها عند الحاجة والضيق والسفر (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ ) أي ألبسة (تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) والبردَ ، وإنّما لم يذكر البرد في هذهِ الآية لأنّهُ سبق في الآية المتقدّمة بقوله (أَثَاثًا وَمَتَاعًا ) وهيَ الفرو الّتي تُتّخَذ من جلود الغنم وغيرها فتمنعهم البرد في الشتاء (وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ) أي وجعل لكم ألبسة حديديّة تقيكم القتل تلبسونها وقت الحرب والقتال وهيَ الدروع (كَذَلِكَ) أي كما أعطاكم هذهِ النِعم في الماضي كذلك (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) في المستقبل إن آمنتم برسولي وتركتم عبادة الأوثان ، وقد بيّنّا لكم الآيات (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) وتنقادون للحقّ

82 - (فَإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك يا محمّد ولم يسمعوا لقولك (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ) وعلينا الحساب العسير .

83 - (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ) يعني يعرفون كلّ النِعم من الله ثمّ يقولون جاءتنا ببركة الأصنام وبواسطتها ، ولا يقولون بفضل الله علينا . وكذلك اليوم أكثر الناس يقولون إنّما يرزقنا الله ويعطينا ببركة قبور الأئمّة والمشايخ ولولاها لهلكنا (وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ) لنِعم الله عليهم ، وهم الّذينَ يقولون ما أصابنا من المال فهو من علمنا بالتجارة والصناعة وليس من الله .

84 - (وَيَوْمَ) القيامة (نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ) يشهد عليهم بكفرهم وإشراكهم ، والشاهد هو رسُولهم والملائكة الحَفَظَة أيضاً تشهد عليهم (ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالكلام ، أي لا يستمعون لهم ليعتذروا (وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) أي لا يُسترضَون ولا يُستَصلَحون ، يعني لا يُطلَب منهم أن يُصلِحوا أعمالهم هناك لأنّ الآخرة ليست بدار تكليف بل دار حساب وعقاب ، ومن ذلك قول حسين بن الضحّاك :

                               غَضِبَتْ أَنْ زُرْتُ اُخرى خِلْسَةً      فَلَهَا العُتْبَى لَدَيْنَا والرِّضَا
                                   يا فَدَتْكِ النَّفْسُ كانَتْ هَفْوَةً      فَاغْفِرِيْهَا واصْفَحِي عَمَّا مَضَى

85 - (وَإِذَا رَأى الّذينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ ) ندِموا وعضّوا على أيديهم وتمنّوا لو كانوا مُسلمين (فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ) العذاب (وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ) يعني ولا يُمهَلون إلى وقتٍ آخر .

86 - (وَإِذَا رَأى الّذينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ ) الّذينَ كانوا يعبدونهم في الدنيا كالملائكة والمسيح والمشايخ (قَالُواْ) المشركون (رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الّذينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ ) في دار الدنيا (فَألْقَوْا) الملائكة والمشايخ والأئمّة (إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ) أي ردّوا عليهم القول فقالوا (إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ) فيما تقولون فإنّنا لم ندعُكم إلى عبادتنا ولم نأمركم بتقديس قبورنا بل أمرناكم بعبادةِ ربّكم وحدهُ وأكّدنا لكم على ذلك ولكنّكم غيّرتم دِينكم وبدّلتم بهوى أنفسكم فلا تتّهمونا بجرائمكم .

87 - (وَأَلْقَوْاْ) المشركون (إِلَى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ) أي استسلموا لحُكم الله ومشيئتهِ وانقادوا للعذاب قسراً لا اختياراً (وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) أي ذهبَ عنهم ماكانوا يفترون من الأكاذيب بأنّ شركاءهم يشفعون لهم عند الله فذهبوا عنهم ولم يشفعوا لهم .

88 - (الّذينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ ) الناس (عَن سَبِيلِ اللّهِ ) أي عن طريقهِ ودينهِ (زِدْنَاهُمْ عَذَابًا ) بعد موتهم (فَوْقَ الْعَذَابِ ) الّذي أصابهم في الدنيا (بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ) ويصدّون عن دين الإسلام .

89 - (وَيَوْمَ) القيامة (نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم ) وهو رسولهم الّذي كذّبوهُ وآذَوهُ (مِّنْ أَنفُسِهِمْ ) أي من قومهم ولسانهم (وَجِئْنَا بِكَ ) يا محمّد (شَهِيدًا) تشهد (عَلَى هَـؤُلاء ) المشركين بما عملوا معك من الأذى والتكذيب والسخرية (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ ) أي القرآن (تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) من أمر الدين (وَهُدًى) لمن يهتدي بهِ (وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) بدخول الجنّة لمن تمسّكَ بالقرآن وعملَ بأحكامهِ ولم يُشرك بعبادة ربّهِ .

90 - (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) في الحُكم بين المتخاصمين (وَالإِحْسَانِ) مع الناس وخاصّةً الوالدَين والضعفاء والمحتاجين (وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى ) أي ويأمركم بإعطاء الفقراء من أقاربكم من المال قدر تمكينكم (وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء ) أي عن الزِنا واللّواط (وَالْمُنكَرِ) وهو كلّ شيء ينكرهُ الشرع من المعاصي (وَالْبَغْيِ) أي ينهَى عن الظُلم للناس باغتصاب حقوقهم (يَعِظُكُمْ) بهذهِ المواعظ (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أي لكي تتّعِظوا وتتجنّبوا المعاصي والقبائح .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم