كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
7 - (إِنْ أَحْسَنتُمْ ) مع المسلمين (أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ) لأنّكم بالإحسان تزرعون المودّةَ في قلوبهم فينسجموا معكم ولا يطردوكم من أرضهم (وَإِنْ أَسَأْتُمْ ) إلى المسلمين (فَلَهَا) إساءتها ، لأنّ من يزرع الحنظل لا يجني إلا حنظلاً فحينئذٍ يطردونكم من أرضهم ويقتلونكم . وكانت الجولة الثانية من فسادهم وغدرهم بالمسلمين سنة 1967 ميلادية إذ غدروا بالمسلمين وضربوا مصرَ والأردُن وسوريا وقتلوا آلاف الأبرياء وشرّدوا الأطفال والنساء . فكانت المدّة الزمنيّة بين الاُولى والثانية عشرين سنة . [المرّة الأخيرة ] ثم قال الله تعالى (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) أي المرّة الأخيرة (لِيَسُوءُوا) المسلمون (وُجُوهَكُمْ) أيها اليهود ، يعني ليخزوا رؤساءكم ويذلّوهم بالأسر والقتل . فالوجوه هم الرؤساء والقادة . فالّذينَ جاسوا خلال الديار في أوّل مرّة هم الّذينَ يسوؤون وجوه اليهود في المرّة الأخيرة وهم سَيُتبّرون ما عَلَوا تتبيراً (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ) منتصرِين يعني المسجد الأقصى (كَمَا دَخَلُوهُ ) العراقيون (أَوَّلَ مَرَّةٍ ) سنة 1948 ميلادية ، فكذلك في المرّة الأخيرة يخرجونكم منه ويذلّونكم بالأسر والقتل . وفي هذه الجُملة تأكيد على أنّ الّذينَ جاسوا خلال الديار في الجولة الاُولى هم الّذينَ يسوؤون وجوه اليهود في الجولة الأخيرة وهم العراقيون بعون الله تعالى (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) من أملاك اليهود ، يعني وليُدمّروا ما بناهُ اليهود عالياً من أسوار ومُرتفعات وما وطأتهُ أقدام المسلمين من أرض اليهود ومنازلهم تدميراً . فالنصرُ يكون على أيدينا نحن العراقيين في هذه المرّة بعون الله تعالى ومِمّا يؤيّد هذا قول السيد المسيح ، وذلك في إنجيل لوقا في الإصحاح الحادي والعشرين قال: "ومتى رأيتم أورشليم مُحاطةً بجيوشٍ فحينئذٍ اعلموا أنّه قد اقتربَ خرابها، حينئذٍ ليهرب الّذينَ في اليهوديةِ إلى الجبالِ ، والّذينَ في وسطها فليفرّوا خارجاً ، وفي الكُوَرِ فلا يدخلوها لأنّ هذهِ أيام انتقامٍ ليتمّ كلّ ما هو مكتوبٌ ، وويلٌ للحُبالى والمرضعاتِ في تلك الأيامِ لأنّه يكون ضيقٌ عظيمٌ على الأرض وسخطٌ على هذا الشعبِ ، ويقعونَ بفمِ السيفِ ويُسبَونَ إلى جميع الاُمَم وتكون اُورشليم مدوسةً من الاُمَم حتّى تكتمل أزمنة الاُمَم ".
8 - (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ ) إلى الفساد (عُدْنَا) للانتقام منكم (وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ ) منكم (حَصِيرًا) تحصرهم ، يعني يُسجنون فيها ويُحاصَرون . فقولهُ تعالى (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ) دليل على أنّهم يعودون للفساد مرّتين أيضاً كما في السابق ، وكانت إعادتهم للفساد في زمن النبي (ع) حيث آذَوهُ وكفروا بهِ وناصروا المشركين على قتالهِ ، فعاقبهم الله بالقتل والجلاء من ديارهم إلى الشام وهم بنو النضير ، وقتل بني قُريظة . وقد عاودوا الفساد مرة اُخرى واعتدَوا على المسلمين الساكنين في القُدس وقتلوهم وطردوهم من ديارهم وأخذوا أموالهم بدون ذنبٍ اقترفوه ولا إساءةٍ أساؤوها معهم ، وسيُعاقبهم الله بأيدينا عن قريب إن شاء الله فنشتّت شملهم ونمزّق جيشهم كما شتّتهم ملك بابل من قبل وتستريح الأرض منهم ومن خُبث نواياهم وسوء أعمالهم والله الوليّ وبهِ نستعين على القوم الظالمين . ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في آية 104 من السورة نفسها {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } يعني جئنا بكم إلى فلسطين من كلّ قطرٍ من أقطار الأرض لنُهلككم فيها عقاباً على فسادكم وظُلمكم .
9 - (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي ) الناس (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) أي للشريعة الّتي هيَ أعدل وأصوب من الشرايع القديمة لأنّه خاتم الكتب السماويّة وشريعتهُ خاتمة الشرايع (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ) في الآخرة .
10 - (وأَنَّ الّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ ) أي هيّأنا لهم (عَذَابًا أَلِيمًا ) .
11 - (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ ) لنفسهِ ظناً منهُ أنّ (دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ ) وذلك لجهلهِ بعواقب الاُمور وقلّة صبره (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً ) فبسبب استعجاله بالاُمور يطلب ما هو شرّ لهُ ظنّاً منهُ أنّ ما طلبهُ من الله هو خيرٌ لهُ . ومِثلها في المعنى في سورة البقرة {وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ، مثَلاً إنّ شابّاً يُحبّ فتاة فيسأل من الله أن يجعلها زوجة لهُ ويلحّ في السؤال ، ولكنّ الله يعلم أنّ هذه الفتاة لا تصلح لهُ لأنّها سيّئة الأخلاق فإذا تزوّجها تكدّر عيشهُ وتكون وبالاً عليهِ . والآخر يطلب من الله المال الكثير ظنّاً منهُ أنّ في المال سعادته ، ولكنّ الله يعلم أنّ المال الكثير لا يُسعد هذا الإنسان بل يكون المال سبب شقائه فيدخلهُ جهنّم ولذلك لا يعطيه المال الكثير . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الشورى {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } . فهذا معنى قوله تعالى (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ ) .
12 - (وَجَعَلْنَا اللّيل وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ) من آيات الله ، أي علامتين على قدرة الله بأن جعل الأرض تدور حول محورها فتقع عليها أشعّة الشمس فتكون تلك الجهة نهاراً ، وأمّا الجهة الثانية فتكون ليلاً ، وهكذا يتداول اللّيل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها ، وذلك من حِكمة الله وإتقانهِ لمصنوعاتهِ ومخلوقاتهِ ، فآية اللّيل ظلامهُ وآية النهار ضوؤهُ (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللّيل ) أي مَحَوْنا ظلمة اللّيل بنور القمر ، أي كشفناها وقلّلناها لتهتدي الناس بضوئهِ إلى طريقهم (وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ) أي وجعلنا النهار مُضيئاً بنور الشمس لكي تُبصروا طريقكم وتقوموا بأعمالكم و (لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ) بالكسب والعمل فيهِ والتجارة (وَلِتَعْلَمُواْ) بتداول اللّيل والنهار (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ ) من أمر الدِين والدنيا (فَصَّلْنَاهُ) في القرآن (تَفْصِيلاً) أي بيّنّاهُ لكم وأوضحناهُ على التفصيل لتفهموا وتتّعِظوا وتعملوا لآخرتكم .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |