كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
7 - (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ ) من نبات وحيوان وإنسان (زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ ) أي لنختبرهم (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) كي نُجازي في الآخرة المحسِن على عملهِ ونعاقب المسِيء على إساءتهِ .
8 - (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا ) أي ما على الأرض (صَعِيدًا جُرُزًا ) يعني نميتهم كلّهم فلا يبقَى عليها نبات ولا حيوان ولا إنسان ، فالصعيد هو الأرض القاحلة الّتي لا نبتَ فيها ، ومن ذلك قول عنترة :
وطَرَحْتُهُمْ فَوْقَ الصَّعِيدِ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ في حَضِيضِ الْمَحْجرِ
9 - (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) .
كان كهف في الأردن قرب قرية تُسمّى قرية الرجيب ، تبعد عن عمّان مسافة ساعة على الأقدام ، وكان قرب الكهف مقبرة ، أمّا "الرقيم" فهو حجر كبير كان قرب الكهف يكتبون عليه تاريخ موتاهم . وأصحاب الكهف الّذينَ جاء ذكرهم في هذه السورة ثمانية رجال موحِّدين لجأوا إلى الكهف هارِبين من ملِك وثني من ملوك الرومان إسمهُ داقيوس181 (في القرن الثالث) كان يأمر الناس بعبادة الأوثان فمن أبى قتلهُ ، وكانت حادثتهم بعد المسيح بمائتين وأربعين سنة على التقريب ، راجع كتاب (إكتشاف كهف أهل الكهف) للاُستاذ رفيق وفا الدجاني.
10 - (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ) فأخبروا الملِك عنهم فجاء يطلبهم فوجدهم نائمين داخل الكهف فقال لأصحابهِ إبنوا عليهم باب الكهف واتركوهم ليموتوا جوعاً وعطشاً . فبنَوا عليهم باب الكهف بالحجارة وسدّوهُ سدّاً محكماً وانصرفوا عنهم .
11 - (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ) والمعنى : سُدّتْ باب الكهف عليهم وناموا فلم يسمعوا بعدها صوتاً ولا حديثاً . والمعدود عند العرب ماكان تحت الثلاثين ، وإذا زادت النقود عن الثلاثين يزنونها وزناً ، لأنّ فيها الخفيف والثقيل وكانت دراهمهم من الفضّة ، وقد أشار القرآن إلى ذلك فقال الله تعالى في قصّة يوسف {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } ، وكانت عشرين درهماً ، وقال تعالى [في سورة البقرة ] في صيام شهر رمضان {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ } ، بينما ذكرها في آية [في سورة البقرة أيضاً ] فقال {شَهْرُ رَمَضَانَ } ، ففي آية قال شهر وفي آية اُخرى قال أيّاماً معدودات ، وذلك لأنّ الشهر القمري قد يكون 29 يوماً فلذلك قال أيّاماً معدودات ، فكان المعدود عند العرب كلّ شيء قليل ، ومن ذلك قول جرير يهجو رجلاً :
فما لكَ من نجدٍ حصاةٌ تعدُّها ومالكَ في غَوْرَيْ تُهامَةَ أبْطَحُ
فالآية تشير إلى أنّهم ناموا في الكهف أقلّ من ثلاثين سنة ، يعني بين العشرين والثلاثين ، وأنا اُرجّح العشرين ، والدليل على ذلك قوله تعالى في قصّة يوسف {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } .
12 - (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ ) من نومهم .
وبعد أن سدّوا عليهم باب الكهف ببضع سنين ماتَ ذلك الملِك الوثني وتغيّر الوضع وذهبت سُلطة الوثنيّة وأصبحت السُلطة للمسيحيِّين وكانوا موحِّدين لم يجعلوا المسيح إبنَ الله بل كانوا يعترفون أنّه نبيّ أرسله الله إليهم . وكان هناك راعي غنم نزلَ بالقرب من الكهف فاحتاجَ إلى أحجار فرأى الجدار الّذي سُدّ بهِ باب الكهف فأخذ في تهديمه ونقل حجارتهِ ، فلمّا تجدّد لهم الهواء استيقظوا من نومهم ،
وقوله (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) لأنّ المسيحيّة الّتي كانت في تلك البلدة القريبة من الكهف كانت طائفتين مُتحزّبتين وكلّ حزب منهم قد سجّل تاريخ أهل الكهف وزمن دخولهم فيه لأنّهم يعرفون قصّتهم وهروبهم من الملِك الوثني ، وإنّما لم يُنقّبوا عنهم لأنّهم [كانوا] يعتقدون أنّهم ماتوا في كهفهم ، ولَمّا ظهر أمرهم ورأوا أنّهم أحياء عجبوا من ذلك وعظُمَ لديهم أمرهم وشأنهم فأخذت كلّ فرقة منهما تريد أن تشيّد لهم قبوراً بعد أن عادوا إلى الكهف وماتوا فيه . ويؤيّد هذا قوله تعالى (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الّذينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ) ، فلمّا رجع صاحب الفتية الّذي اشترى لهم الطعام وأخبرهم بالقصّة دعَوا الله أن يميتهم في مكانهم لئلاّ يكونوا محطّ أنظارٍ للناس ، فماتوا في كهفهم ، ولَمّا علمت الفرقتان المسيحيّتان بموتهم قالت فرقة منهما لِنَبْنِ قبوراً لهم ونجعل فوقها علائم ، وقالت الفرقة الثانية بل نحن نبني ، وتشاجرت الفرقتان فيما بينهما وذهبتا إلى حاكم البلدة فحكم للفرقة الاُولى ، ولَمّا كانت الفرقة الثانية أكثر عدداً وأقوى من الاُولى استأنفت الدعوى وقالت نحن نبني كنيسة فوق الكهف فيكون النفع للجميع وتكون محلّ عبادة أيضاً ، فحينئذٍ حكم الحاكم لهم ، وذلك قوله تعالى (قَالَ الّذينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ ) أي تغلّبوا على أمر الفِتية في شأن البناء ( لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ) يعني محلّ عبادة وسجود، وهي الكنيسة .
13 - (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم ) أي خبرهم وقصّتهم (بِالْحَقِّ) أي بالقول الحقّ (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ) أي جماعة من الشباب (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ) لا يشركون بهِ (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) أي زدناهم بصيرة في دينهم ورغبةً في الثواب عليه .
14 - (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ) هذا مثَل يُضرب في قوّة القلب وشِدّة العزيمة (إِذْ قَامُوا ) من بلادهم وهربوا من الملِك المشرِك الّذي يأمر بعبادة الأوثان (فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) الّذي خلقهنّ (لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا ) أي لن نتّخذ غيره معبوداً (لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) يعني إن دعَونا مع الله إلاهاً آخر فلقد قلنا قولاً باطلاً بعيداً عن الحقّ ، فالشطّ هو البُعد ، ومن ذلك قولُ أعشى ميمون:
هَلْ تَنْتَهُونَ ولَا يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ كالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيتُ والفُتُلُ
وقال حسّان بن ثابت الأنصاري:
دَارها إذْ تَقُولُ ما لابْنِ عَمْرٍو لَجَّ مِنْ بَعْدِ قُرْبِهِ في شَطاطِ
أي في بعادِ .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |