كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
118 - (وَقَالَ الّذينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) وهم مشركو العرب لأنّهم ليسوا أهل كتاب فيعلمون أحكام دينهم به (لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ ) فيقول لنا إنّ محمّداً صادق في دعواهُ فاتّبعوه (أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ) أي معجزةٌ تكون دلالة على صِدقهِ كما جاء موسى بالعصا ، فردّ الله تعالى عليهم قولهم فقال (كَذَلِكَ قَالَ الّذينَ مِن قَبْلِهِم ) أي من تقدّمهم من الاُمَم الماضية الّذينَ اعترضوا على الرُسُل وطلبوا منهم المحالات (مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ) أي قالوا مثل قول المشركين من العرب ، ولكنّ هؤلاء الماضين لَمّا رأوا الآيات التي طلبوها من رُسُلهم قد حصلت لم يصدّقوا بِها ولم يؤمنوا بل قالوا هذا سِحرٌ مُبين ، وكذلك أنتم أيّها المشركون لو أعطيناكم ما طلبتم من محمّد من المعجزات لَما آمنتم بل لقلتم هذا سِحرٌ مُبين . لقد تشابهت في ذلك آراؤكم واتّفقتْ أقوالكم وما ذلك إلاّ لجهلكم وعنادكم .
أمّا الّذينَ يفهمون ويعقلون فإنّهم يوقنون بمجرّد النظر إلى ما خلقَ الله في الكون من شمس وقمر ، وماء وشجر ، وشعر ووبر ، وطين ومدر . فكيف لا يؤمنون وقد أنزلنا القرآن آيات بيّنات تدلّ على صدق محمّد ، ألا تكفي هذهِ الآيات دلالة فتفكّروا فيها وتتدبّروا معانيها ؟ وقوله ( تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ) يعني تشابهت في الكفر والقسوة والاعتراض على الأنبياء والتعنّت والعناد (قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ ) أي آيات القرآن الدالّة على صدق محمّد (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) بِها .
119 - (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ ) يا محمّد (بِالْحَقِّ) أي بدين الحقّ (بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) أي بشيراً بالجنّة لمن أطاع الله ولم يُشرك به شيئاً ، ونذيراً بالعذاب لمن عصَى أوامر الله وأشرك به (وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ) يعني لستَ مسؤولاً عن إشراكهم وعن أعمالهم وإنّما عليك إنذارهم .
120 - كان النبيّ يُسامح اليهود والنصارى ويتطلّب رضاهم ليدخلوا في دين الإسلام ، فعاتبهُ الله على ذلك فقال تعالى (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) أي لا يرضَون عنك مهما سامحتهم حتّى تتّبع دينهم (قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى ) أي إنّ القرآن هو الهدى ، ومعناه إنّ القرآن هو الذي يهديكم إلى طريق الحقّ فاتّبعوه ، فالهدى يريد به القرآن ، والدليل على ذلك قوله تعالى في أوّل السورة {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } ، ثمّ أخذَ سُبحانهُ يحذّر رسوله من كيدهم فقال (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ) الّذي أعلمناك به (مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ ) يتولّى أمرك (وَلاَ نَصِيرٍ ) ينصرك عليهم .
وملخّص الآية يقول الله تعالى: يا محمّد لا تتطلّب رضا اليهود والنصارى لكي يدينوا بدِين الإسلام ولكن ادعُهم إلى القرآن وجادلهم بالحكمة والموعظة فمن اهتدى فلنفسه ومن عميَ فعليها .
121 - (الّذينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ) يريد بهم الّذينَ أسلموا من علماء اليهود والنصارى كعبد الله بن سلام وشعبة بن عمرو وتمّام بن يهوذا وأسد وأسيد ابنَي كعب وبنيامين هؤلاء من اليهود ، وأمّا النصارى فهم الرُّهبان الثمانية الّذينَ ركبوا مع جعفر بن أبي طالب في السفينة وقدموا إلى الحجاز وغيرهم ، والكتاب يريد به القرآن (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) أي يقرؤونه على الناس ويعطونهُ حقّهُ ولا يخافون أحداً (أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ويوقنون أنّهُ مُنزَل من الله (وَمن يَكْفُرْ بِهِ ) من اليهود أو النصارى أو غيرهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) في الآخرة .
122 - (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) سبق تفسيرها في آية 47 .
123 - (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ) سبق تفسيرها في آية 48 .
124 - (وَإِذِ ابْتَلَى ) أي اختبر (إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) وذلك حين كان إبراهيم يسأل ويبحث عن خالقهِ ، فبعث الله له جبرائيل فقال : "سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ الملائكةِ والرُّوح" ، (فأتمّهنّ) إبراهيم فقال : "سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّنا ورَبُّ الملائكةِ والرُّوح" (قالَ) الله تعالى (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) يُقتدَى بك (قَالَ) إبراهيم (وَمِن ذُرِّيَّتِي ) أي واجعل من ذرّيتي أئمّةً أيضاً (قَالَ) الله تعالى (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) يعني أعطيتك ما سألتَ ولكن لا ينالها منهم من كان ظالماً للناس ، وإنّما قال (عَهْدِي) معناه لقد عاهدتُكَ أن يكون من ذُرّيتك أئمّةً ولكن لا ينال عهدي الظالمين منهم
125 - (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ) أي واذكر لهم يا محمّد إذ جعلنا البيت الحرام محلّ ثواب لمن حجّ فيهِ وصلّى ، وجعلناهُ أيضاً محلّ أمنٍ للخائفين . فكان الرجُلُ من العرب إذا لقيَ قاتل أبيهِ في البيت فلا يتعرّض له بسوء (وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) أي صلّوا في مقام إبراهيم ركعتين ، والمقام موجود في مكّة ومعروف لدى الناس وتصلّي فيه الحُجّاج كلٌّ منهم ركعتين (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) أي أمرناهُما وأكّدنا على ذلك وقلنا (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) أي الّذينَ يطوفون حول الكعبة (وَالْعَاكِفِينَ) أي المقيمين فيه للعبادة (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) يعني المصلّينَ الّذينَ يركعون ويسجدون . والطهارة تشمل الجميع من الأوساخ والإشراك والنجاسات .
126 - (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ) تقديرهُ واذكروا نعمة الله عليكم يا أهل مكّة إذ قال إبراهيم (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا ) يعني مكّة (وَارْزُقْ أَهْلَهُ ) أي ساكنيهِ (مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) اي وآمَن بيوم القيامة ، لأنّ الأرض تتمزّق في ذلك اليوم فلا يبقَى بعد ذلك ليل أو نهار في الأرض (قَالَ) الله تعالى (وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ ) في الدُنيا (قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) مصيرهُ .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |