كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
240 - (وَالّذينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ) أي يموتون (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) أي يتركون زوجات (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم ) يعني فليوصوا قبل موتهم وصيّة لهنّ (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ) يعني ما ينتفعنَ به من النفَقة والكِسوة والسُكنى سنة كاملة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) أي لا تخرجوهنّ من بيوت الأزواج إلى بيوت آبائهنّ (فَإِنْ خَرَجْنَ ) باختيارهنّ قبل الحَول وبعد انتهاء العِدّة (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) يا أولياء الميّت ووارثيهِ (فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ ) من التزيّن والتعرّض للخِطبة (مِن مَّعْرُوفٍ ) أي مِمّا ليس بمنكر شرعاً ، فوليّ الميّت عليه أن يقوم بنفقة الزوجة حولاً كاملاً ، فإذا خرجت زوجة الميّت قبل انتهاء الحول وبعد انتهاء العِدّة لكي تتزوّج ولم ترجع لدار زوجها الميّت سقط حقّها من النفقة (وَاللّهُ عَزِيزٌ ) ينتقم مِمّن يخالف أوامره (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يأمركم بشيء إلاّ فيه صلاح لكم .
241 - (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) أي للمطلّقات المدخول بهنّ نفقة العِدّة وهي ثلاثة أشهر . أمّا المطلّقات الغير مدخول بهنّ فلهنّ جُعالة إن لم يكن لهنّ مهرٌ (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) أي واجباً على من يتّقي عذاب الله بطاعتهِ .
242 - (كَذَلِكَ) أي كما بيّنا أحكام الطّلاق والعِدّة لمن سبقكم من أهل الكتاب كذلك (يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يعني لكي تكمل عقولكم ، فإنّ العقل الغريزي إنّما يكمل بالعلم المكتسب .
243 - (أَلَمْ تَرَ ) أيّها السامع ، والمعنى : ألم تسمع بقصّةِ هؤلاء فتتفكّر في أمرهم وتعتبر بقصّتهم ؟ فلفظة "ترى" مشتقّة من الرأي وهو العلم والفكر (إِلَى الّذينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ ) هاربين من أعدائهم ، وهم بنو إسرائيل خرجوا من مصر مع موسى بن عمران (وَهُمْ أُلُوفٌ ) في العدد ، فكان عددهم ستمائة ألف رجل عدا الأطفال والنساء ، راجع سِفر الخروج – الإصحاح الثاني عشر من مجموعة التوراة ، ساروا حتّى نزلوا قرب أرض كنعان (الأردن) ، فأمرهم موسى أن يحاربوا الكنعانيين ويدخلوا قرية أريحا ، فامتنعوا عن الجهاد (حَذَرَ الْمَوْتِ ) أي خرجوا من ديارهم حذراً من الموت تحت حكم فرعون لأنّه استعبدهم وقتل أبناءهم ، ونزل الطاعون بهم أيضاً فمات شيوخهم فهربوا من مصر ، ولَمّا أمرهم موسى بالجهاد إمتنعوا أيضاً خوف القتل (فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ) في هذا القفرِ فإنّكم لا تدخلون أريحا بل يدخلها أولادكم بعد أربعين سنة ، هذا جزاء عنادكم وتكبّركم على الله وعلى رسوله .
فمات الآباء بالتدريج في تلك الصحراء ولم يبق منهم إلاّ رجلان وهما يوشع بن نون وكالب بن يفنّة (ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) بعد أربعين سنة ، أي أحيا ذِكرهم بأولادهم إذْ نصرهم على أعدائهم وأدخلهم أرض كنعان ، فالموت هنا كناية عن الذلّ كقوله تعالى في سورة آل عمران {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } ، و"الإحياء" كناية عن العِزّ والنصر (إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) بكثرة النِعم والتجاوز عن سيّئاتهم (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ) هذه النِعم بل يكفرون بدل الشُكر .
ومضمون الآية أنّ الله تعالى يُحرّض المؤمنين على جهاد عدوّهم لينتصروا عليهم ويحيَوا كما انتصر أولاد بني إسرائيل لَمّا جاهدوا ودخلوا أريحا ، ولا يمتنع المسلمون عن الجهاد فيهلكوا ويموتوا كما مات بنو إسرائيل لَمّا امتنعوا عن الجهاد .
ثمّ خاطبَ المسلمين فقال تعالى :
244 - (وَقَاتِلُواْ) المشركين (فِي سَبِيلِ اللّهِ ) وهو ينصركم عليهم ويأجركم على جهادكم (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) بنيّاتكم .
245 - ثمّ حثّ سبحانهُ على الإنفاق للفقراء والمساكين فقال (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) أي من ينفق من مالِهِ في سبيل الله وفي طاعتهِ بأن يكون الإنفاق حسناً لا يشوبه منٌّ ولا أذىً ، وإنّما سمّاهُ قرضاً تلطّفاً للدعاء إلى فِعلهِ وتأكيداً للجزاء عليه (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ) يعني ويُعطيه الله بدل إنفاقه أضعافاً كثيرة (وَاللّهُ يَقْبِضُ ) المال مرّةً (وَيَبْسُطُ) لعبده مرّةً اُخرى فاغتنموا الفرصة وأنفقوا في سبيل الله مادمتم مُتمكّنين على الإنفاق قبل ذهاب المال منكم في غير مكانه فتندموا (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) بعد موتكم فيعطيكم جزاء أعمالكم وإنفاقكم .
246 - (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ ) أي إلى جماعة الأشراف والرؤساء (مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ ) وفاة (مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ) وهو صموئيل (ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا ) أي أرسل رجلاً لنجعله ملِكاً علينا لكي (نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ ) صموئيل (هَلْ عَسَيْتُمْ ) أي هل ثبتّم على قولكم وأصررتم على محاربة أعدائكم ؟ والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة التكوير {وَاللّيل إِذَا عَسْعَسَ } يعني إذا ثبتَ مكانه وطال زمانه ، ويكون ذلك حين وقوف الأرض عن دورتها المحورية فحينئذٍ يكون طولُ اللّيل ألفَ سنة من سنيّنا وكذلك يكون طول النهار . والشاهد على ذلك قول الحطيئة :
تَشاغلَ لَمّا جِئْتُ في وَجْهِ حاجَتِي وأَطْرَقَ حتّى قُلتُ ماتَ أو عسَى
(إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ) قالوا نعم ثابتين على قولنا ومصرّين على قتال أعدائنا ، فقال صموئيل أخاف (أَلاَّ تُقَاتِلُواْ ) وتجبُنوا كما جبن قوم موسى لَمّا أمرهم أن يحاربوا الكنعانيّين ويدخلوا أريحا . (قَالُواْ ) أي قال الملأ من بني إسرائيل (وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) معناه وأيّ داعٍ لنا إلى ترك القتال وأيّ غرضٍ لنا فيه (وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا ) مطرودين ، لأنّ الفلسطينيّين حاربوهم وأخذوا بلادهم وأسَروا أولادهم .
فاليهود كانوا يقيمون في أرض كنعان (الأردن) وأعداؤهم في فلسطين (وَأَبْنَآئِنَا ) أسرى (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ ) على يد الملِك الذي طلبوه (تَوَلَّوْاْ ) أي أعرضوا عن القيام به وضيّعوا أمر الله (إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ) وَفَوا بعهدهم وقاتلوا عدوّهم (وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) وهذا تهديد لِمَن يتولّى عن الجهاد في سبيل الله .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |