كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
50 - (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ) أي شققنا ماء البحر فجعلنا فيهِ طُرُقاً لعبور بني إسرائيل . ومثلها قوله تعالى في سورة الشعراء {فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } ، (فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) إليهم لَمّا غرقوا .
القصّة : لَمّا جاء موسى إلى فرعون وطلبَ منه أن يرسلَ معه بني إسرائيل لم يوافق فرعون بذلك ، فأرسل الله عليهم الجراد والضفادع والدم والقمّل كي يرجعوا عن غيّهم ويُفرِجوا عن بني إسرائيل ، فقالوا لموسى إن كشفتَ عنّا هذا العذاب لنؤمننّ لك ولنُرسلنّ معك بني إسرائيل ، فلمّا كشف الله عنهم الرجزَ نقضوا العهد ولم يتركوا بني إسرائيل ليخرجوا مع موسى ، فقال لهم موسى إن لم تتركوا بني إسرائيل ليخرجوا معي سيصبح في الغد كلّ بكرٍ من أولادكم ميّتاً ، فلمّا أصبح الصباح وإذا بابن فرعون البكر ميّتاً وكلّ ولد بِكرُ أبيهِ أصبح ميّتاً ، فجاء رؤساء الأقباط إلى فرعون وقالوا اُترك بني إسرائيل ليخرجوا وإلاّ نهلك بأجمعنا ، فحينئذٍ أذِنَ لهم بالخروج ، فخرجوا ليلاً ولَمّا ابتعدوا عن المدينةِ ندِمَ فرعون على إذنهِ لهم بالخروج فدعا قوّاد جيشه وقال لهم : إستعدّوا وهيّئوا الجيش حالاً لنذهب وراء بني إسرائيل ونعيدهم إلى مصر ، ولَمّا خرجوا في طلبهم بعث الله عليهم السحاب فأمطرتهم وصحبتها رعود وبروق وصواعق وظُلمة كي يُعيقهم فلا يلحقوا بموسى وقومه أو يرتدِعوا فيرجعوا عن طلبتهم ، ولكنّهم أصرّوا على ذلك ، فكانوا كلّما أضاء لهم البرق مشَوا في ضوئهِ وإذا أظلمَ عليهم أقاموا في مكانهم حتّى لحقوا بهم وقت شروق الشمس ، فلَمّا رآهم بنو إسرائيل خافوا منهم أن يقتلوهم أو يُعيدوهم إلى مصر ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ، فلمّا ضربه انفلق الماء وصار فيهِ إثنا عشر طريقاً فدخل بنو إسرائيل في البحر الأحمر وساروا في تلك الطرُق ، فأتبعهم فرعون بجندهِ فلمّا خرج بنو إسرائيل من البحر إلى اليابسة أطبق البحر على فرعون وجنده فغرقوا وماتوا بأجمعهم ، وبنو إسرائيل ينظرون إليهم . وكان عدد بني إسرائيل ستمائة ألف عدا الأطفال والنساء ، أمّا جيش فرعون فكان ضعف بني إسرائيل ، فكانت الخيّالة ستمائة ألف والرجّالة كذلك .
51 - (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) يعني وعدهُ بأن يُعطيه الألواح الّتي كتب فيها التوراة ، والتقدير : واذكروا إذ واعدنا موسى بأن نُعطيه التوراة فأعطيناهُ إيّاها بعد أربعين ليلة . لأنّ الله تعالى وعده ثلاثين ليلة ثمّ اقتضت المصلحة الإلاهيّة بأن يضيف لَها عشرة اُخرى فصارت أربعين ليلة ، وذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } ؛ فإنّ الله تعالى ذكر الأربعين في هذه السورة مُجملةً وذكرها في سورة الأعراف مفصّلةً (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ) إلاهاً تعبدونهُ (مِن بَعْدِهِ ) أي من بعد ذهاب موسى إلى جبل الطور (وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ) لأنفسكم بِما استحققتم من العقاب على ذلك .
[الوصايا العشر]
والتوراة هي عشر كلمات ، أي عشر وصايا كتبها الله تعالى بقلم قدرته في لوحين من حجر ذلك الجبل ، والكتابة في وجهيهما ، وهي كما يلي :
[ لا يكن لك آلهة اُخرى أمامي.
لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً . لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ لأنّي أنا الربّ إلاه غيور .
لا تنطق بِاسْمِ الربّ إلاهِكَ باطِلاً .
إحفظ يوم السبت .
أكرم أباك وأمّك .
لا تقتل .
ولا تزنِ .
ولا تسرق .
ولا تشهد شهادة زور .
ولا تشته امرأة قريبك ولاتشتهِ بيت قريبِكَ ولا حقلهُ ولا عبدهُ ولا أمَتهُ ولا ثورَهُ ولا حمارَهُ ولا كلّ ما لقريبِكَ .]
52 - (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ) أي من بعد عبادتكم للعجل (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) تلك النِّعم .
53 - (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) يعني التوراة التي كتبها على ألواح الحجر (وَالْفُرْقَانَ) يعني الأحكام الدينية التي جاءت مُتفرّقة وكتبها قوم موسى في الرقوق ، يعني في جلد الغزال (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) إلى أمور دينكم .
54 - (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ) الّذينَ عبدوا العجل (يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ ) أي أضررتم أنفسكم وعرّضتموها للعقاب (بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ ) معبوداً (فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ ) يعني مُخلّصكم من يد فرعون، وذلك من قولهم برئ فلان من مرضه، أي تخلّص ونجا، ومن ذلك قول الخنساء:
أُسائِلُ كُلّ والهَة ٍ هَبولٍ بَرَاها الدَّهرُ كالعظمِ المهِيضِ
يعني خلّصها الدهر فلم يبقَ منها سوى العظم ، وقال عنترة :
كُلُّ يَومٍ يُبري السُقامَ مُحِبٌّ مِن حَبيبٍ وَما لِسُقمي طَبيبُ
وقال الأعشى يصف ناقتهُ :
بأَدْماءَ حُرْجُوجٍ بَرَيتُ سَنَامَها بِسَيْرِي عليها بعدما كان تامِكا
والانبراء هو الانطلاق ، ومن ذلك قول طَرَفة بن العبد يصف امرأةً مغنّية فيقول :
إذا نحنُ قلنا أَسْمِعِينا انْبَرَتْ لنا على رِسْلِها مطروفةً لم تَشَدَّدِ
فقول الشاعر " انْبَرَتْ لنا" أي انطلقت في الغناء .
وقوله (فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ) أي فليقتلْ بعضكم بعضاً ، يعني الّذينَ لم يعبدوا العجل يقتلون من عبدَهُ ، فقُتِلَ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل 10، (ذَلِكُمْ ) إشارة إلى التوبة والقتل لأنفسهم (خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ ) من أن تمتنعوا عن ذلك ، لأنّ في امتثالهم أمر ربّهم غفران لذنوبهم ، وفي امتناعهم عن ذلك عقاب لهم (فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) أي ومن فضله عليكم أن قبِل توبتكم واكتفَى بقتلكم ولم يترك عقابكم إلى الآخرة فتهلكوا في جهنّم (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ) عن التائبين (الرَّحِيمُ) بالنادمين .
55 - (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ) أي لن نصدّقك بأنّ الله يُكلّمك ويوصيك بِهذه الوصايا (حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ) أي علانية (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) وهي نار تنزل من السماء (وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) النار والحادث الذي أصابكم . وهم سبعون رجلاً صعدوا فوق الجبل مع موسى ، فقال موسى ربِّ أرِني أنظرْ إليك . قال الله تعالى لن تراني . فنزلت صاعقة من السماء عليهم فغُشِيَ على موسى ومات من كان معه فوق الجبل ، فلمّا أفاق موسى من غشيته وجد قومه موتَى فدعا لَهم وتضرّع إلى الله أن يُحييهم فأحياهم ورجعوا إلى قومِهم . [ وهذا قوله تعالى في الآية اللاحقة : ]
------------------------------------10 :راجع سفر الخروج من التوراة الاصحاح 32 عدد 29 _ المراجع .![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |