كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الأنبياء من الآية( 105) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

105 - (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ ) كتابة (الذِّكْرِ) أي الموعظة (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) ومن جملتهم أصحاب المهدي . وإليك ما جاء في الزبور في هذا الخصوص ، فقد جاء في المزمور السابع والثلاثين لداوُد قال :

[ لا تغار من الأشرار ولا تحسد عُمّال الإثم فإنّهم مِثل الحشيش سريعاً يُقطَعون ومِثل العُشبِ الأخضرِ يذبلون ، إتّكل على الربّ وافعل الخير ، إسكن الأرض وارعَ الأمانة ، وتلذّذ بالربّ فيُعطيك سؤل قلبك ، سلّم للربّ طريقكَ واتّكل عليهِ وهو يُجري ويُخرج مِثل النور بِرّكَ وحقّكَ مِثل الظهيرةِ ، إنتظر الربّ واصبر لهُ ولا تغار من الّذي ينجح في طريقهِ من الرجل العامل الْمُكايد ، كفّ عن الغضبِ واترك السخط ولا تغار لفعل الشرّ ، لأنّ عاملي الشرّ يُقطعون والّذينَ ينتظرون الربّ هم يرثون الأرض ، بعد قليل لا يكون الشريرُ ، تطلّع في مكانهِ فلا يكونُ ، أمّا الودعاء فهم يرثون الأرض ويتلذّذون في كثرة السلامة ." ] إنتهى .

106 - (إِنَّ فِي هَذَا ) الحديث الّذي جاءَ في الزبور من أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون (لَبَلَاغًا) أي لتبليغاً وإعلاماً (لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ ) وصالحين . فتأمّل أيّها القارئ الكريم إلى هذا الحديث والموعظة الّتي جاءت في الزبور وبعد الانتهاء من الموعظة قال : "والّذينَ ينتظرون الربّ هم يرثون الأرض" ، أليس هذا طبق ما أخبر الله بهِ في القرآن المجيد أليس هذه معجزة عِلميّة وأحسن دليل على صدق محمّد نبيّنا حيث أخبر بما في التوراة والزبور وهو رجل اُمّي لا يقرأ الكتب ولا يكتب مع أنّ التوراة والزبور لم يُكتبا باللّغة العربيّة بل كانتا باللّغة العِبريّة ولم تُترجم التوراة والزبور إلى اللّغة العربيّة إلا في هذا الزمن أي في القرن العشرين ، وقد صدق الله تعالى حيث قال : {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } .

107 - (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ ) يا محمّد (إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) .

108 - (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون مُنقادون لأمر الله .

109 - (فَإِن تَوَلَّوْا ) عنك يا محمّد ولم يسمعوا لقولك (فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ ) أي فقل لهم أسمعتكم على سواء لم اُخبر شخصاً دون آخر بل أسمعتكم جميعاً وأعلنتُ لكم ما اُرسلتُ بهِ إليكم ، ومن ذلك قول الحارث بن حلّزة :

                           آذَنَتْنا بِبَينِها أَسْماءُ      ربّ ثاوٍ يُمَلّ مِنْهُ الثَّواءُ

يعني أسمعتنا ، والمعنى : وصل خبرها إلى آذاننا وأسماعنا ، فاخْتصَروا الكلام فقالوا " آذَنَتْنا" ، ومن ذلك قولهم "لعمرُكَ" وأصلها "لكَ العُمر المديد" فاختصَروها فقالوا "لعمرُكَ" . وقال قعنب بن اُمّ صاحب :

            إنْ يَأذَنُوا رِيبَةً طارُوا بِها فَرَحاً      مِنِّي وما سَمِعُوا مِنْ صالِحٍ دَفَنُوا
             صُمٌّ إذَا سَمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بِهِ      وإنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

يقول الشاعر : إن سمعوا عنّي خيراً أخفَوهُ وإن سمعوا شرّاً أعلنوهُ بين الناس ، (وَإِنْ أَدْرِي ) أي وما أدري (أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ ) بهِ من العذاب ، فالله أعلمُ بذلك وأدْرَى .

110 - (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ) في صدوركم من أسرار .

111 - (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ ) "الفتنة" عذاب الدنيا ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ } يعني جعل أذى الناس لهُ كعذاب الله في الآخرة . والمعنى : لعلّ العذاب الّذي وعدكم الله به يكون في الدنيا من مرض أو قحط أو فقر أو ذلّ أو غير ذلك من شدائد الدنيا (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) يعني وتبقون في الدنيا إلى يوم آجالكم فيعذّبكم في الآخرة .

112 - ولَمّا جاء ذِكر الزبور عقّبهُ بذِكر داوُد وكيف آذَوهُ بنو إسرائيل وأرادوا قتلهُ فهربَ إلى الجبال وصبرَ حتّى صارَ ملِكاً عليهم ، وذلك تطميناً لقلب النبيّ (ع) ليقتدي به ويصبر حتّى يأتيه النصر من الله فقال : (قَالَ) داوُد لَمّا أذَوهُ قومه (رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ) بيني وبين اليهود الّذينَ يُريدون قتلي (وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ ) أستعين بهِ عليكم و (عَلَى) دفع (مَا تَصِفُونَ ) من كذِبٍ وبهتان إذ تتّهمونني بأنّي اُريد قتل شاؤول ملِك اليهود .
 
                                تمّ بعون الله تفسير سورة الأنبياء ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم