كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
57 - ثمّ أقسم إبراهيم فقال (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم ) يعني أعمل مكيدة معكم فأكسّر أصنامكم ، قالها في نفسهِ سِرّاً (بَعْدَ أَن تُوَلُّوا ) إلى عيدكم (مُدْبِرِينَ) عن أصنامكم . فلمّا أرادوا الخروج إلى مكان لعبهم وتسابقهم قالوا ألا تخرج معنا يا إبراهيم ؟ فنظرَ نظرةً في النجوم فقال إنّي سقيم لا أتمكّن من الخروج معكم ، فتركوهُ وذهبوا ، فلمّا وجد فرصة لتحطيمهم أقبل إلى الأصنام وفي يده طبق وفيهِ طعام فقدّمهُ إليهم وقال ألا تأكلون ؟ فلم يُجيبوهُ بشيء ، فقال ما لكم لا تنطقون ؟ ثمّ أخذ الفأس وانهال عليهم ضرباً باليمين .
58 - (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ) أي حُطاماً مُتكسّرة (إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ ) يعني إلا صنماً كبيراً لم يكسّرهُ وعلّق الفأس في رقبتهِ (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) في السؤال ، أي لعلّهم يرجعون إلى الكبير في السؤال فيسألونهُ وهو لا ينطق فيعلموا جهلهم إذ اتّخذوهُ إلاهاً . فلمّا رجعوا من عيدهم وجدوا أصنامهم مُكسّرة .
59 - (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ )
60 - (قَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ) بالسوء ، ومن ذلك قول جرير :
وبَنُو البَعِيثِ ذَكَرْتُ حُمرَةَ أمِّهمْ فشفَيْتُ نَفسِي مِن بَني الحَمْراءِ
أي ذكرتها بالسوء (يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) أي يُسمّى إبراهيم .
61 - (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) عليهِ وبما ذكرهم بهِ من سوء . فذهبوا إلى إبراهيم .
62 - (قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ) ؟
63 - (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) غضباً لئلاّ تعبدوا معهُ هذه الصغار وهو أكبر منها (فَاسْأَلُوهُمْ) عن الفاعل (إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) . أسند الفعل للكبير ليعلموا أنّه إذا لم يرضَ بالإشراك فكيف يرضى بهِ الله خالق الكائنات .
64 - (فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ ) يلومونها (فَقَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ) بعبادتكم لهذه الأصنام من دون الله .
65 - (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ ) أي ثمّ رجعوا عن قولهم وعادوا إلى عقائدهم وإلى كفرهم ،
ومن ذلك قول عنترة :
ولَرُبَّ شَرْبٍ قدْ صَبَحْتُ مُدامَةً لَيسُوا بِأنْكاسٍ ولا أوْغالِ
والنكس عودة المرض بعد النقاهة ،
ومن ذلك قول الخنساء :
يُؤَرِّقُني التذكّرُ حينَ أُمْسِي فأُصْبِحُ قد بُلِيتُ بِفَرْطِ نُكْسِ
فقالوا (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ) فكيف تأمرنا بسؤالهم ؟
66 - (قَالَ) لهم إبراهيم (أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا ) مهما عبدتموها (وَلَا يَضُرُّكُمْ ) شيئاً إن تركتم عبادتها ؟
67 - (أُفٍّ لَّكُمْ ) وهذه كلمة تضجّر ومعناها تبّاً لكم (وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) وتتركون عبادة الأصنام ؟ فلمّا سمعوا منهُ هذا القول
68 - (قَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (حَرِّقُوهُ) بالنار (وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) بالدفاع عنها (إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) ما قلناه لكم . فجمعوا الحطب شهراً وأشعلوا النار فيه وألقَوهُ فيها بالمنجنيق .
69 - (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) فخرج من النار بعد ثلاثة أيّام سالماً لم يحترق ، فعجبوا من سلامتهِ .
70 - (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ) بعد خروجهِ من النار ليقتلوهُ (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) بأن أهلكناهم بالطاعون فخسروا الدنيا والآخرة .
71 - (وَنَجَّيْنَاهُ) من نمرود وكيدهِ ، (وَلُوطًا) إبن أخيهِ هاران آمنَ بهِ فخرجا من العراق من اُور الكلدانيّين ، مع سارة زوجة إبراهيم إبنة عمّهِ الأكبر (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) بكثرة الأشجار والأثمار ، وهي الأردن ثمّ انتقل إلى صحراء سيناء ، وانتقل لوط إلى قرية سدوم قرب البحر الميّت .
72 - (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ ) ولداً بعد إسماعيل (وَيَعْقُوبَ) حفيداً (نَافِلَةً) أي زيادةً على طلبهِ (وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ) يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوطاً جعلناهم صالحين للرسالة .
73 - (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ ) الناس إلى طريق الحقّ (بِأَمْرِنَا ) أي بما نأمرهم بهِ (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ) يعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) غير مُتكاسلين .
74 - (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا ) يحكم بهِ بين المتخاصمين (وَعِلْمًا) في اُمور الدين والدنيا (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ ) وهي سدوم (الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ) أي كان أهلها يعملون الخبائث فيأتون الرجال شهوةً من دون النساء (إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ) .
75 - (وَأَدْخَلْنَاهُ) بعد موتهِ (فِي رَحْمَتِنَا ) أي في جنّتنا (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) .
76 - (وَنُوحًا إِذْ نَادَى ) ربّهُ قائلاً إنّي مغلوبٌ فانتصر ، وذلك (مِن قَبْل ) إبراهيم ولوط (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ) دُعاءهُ (فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) أي من أذى قومهِ واستهزائهم بهِ .
77 - (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ) بين (الْقَوْمِ الّذينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) والمعنى : نصرناه عليهم وهو واحد وهم اُلوف في العدد (إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ) لم يبقَ منهم أحد .
78 - (وَ) اذكر لهم قِصّةَ (دَاوُودَ وَسُليمان إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ) أي في أمر الحرث ، وهو الزرع (إِذْ نَفَشَتْ ) أي تفرّقت (فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) فأكلتهُ ، و"النفش" هو الرعيُ ليلاً ، ومن ذلك قول لبيد :
بَذَلْنَ بعدَ النَّفَشِ الوَجِيفَا وبعدَ طُولِ الخبرةِ الصَّرِيفَا
(وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ) أي لحكم المتحاكِمين عندهما حاضرين نسمع ونرى .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |