كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
11 - (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ) تقديرهُ دأبهم في تكذيب الرُسُل كدأب آل فرعون ، أي كعاداتهم (وَالّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) كعاد وثمود وغيرهم (كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) أي كذّبوا بالبراهين والمعجزات التي جاءت بها رُسُلُنا (فَأَخَذَهُمُ اللّهُ ) بالعذاب ، مُشتقّة من المؤاخذة يعني أهلكهم (بِذُنُوبِهِمْ) يعني بسبب ذنوبهم (وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) لمن يكفر بآياته ويكذّب بها .
12 - (قُل) يا محمّد (لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ ) في المستقبل ويكون النصر لنا عليكم (وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ ) بعد موتكم (وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) الذي مهّدتموه لأنفسكم بكفركم وتكذيبكم . نزلت هذه الآيات في وقعة بدر ، وكان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، وكان المشركون تحت الألف ، فانتصر المسلمون على المشركين .
13 - (قَدْ كَانَ لَكُمْ ) يا أهل مكّة (آيَةٌ) أي دلالة ظاهرة على صدق محمّد (فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ) أي فرقتين اجتمعتا ببدر من المسلمين والكافرين (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) وهم المسلمون وكان عددهم 313 (وَاُخرى كَافِرَةٌ ) وهم المشركون وكان عددهم 1025 (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ ) يعنى أنّ المشركين يرون المسلمين مثلَيهم في العدد (رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي في ظاهر العين ، فإنّ الله تعالى كثّر المسلمين في أعين الكافرين ليرهبوهم ويخافوهم (وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في ظهور المسلمين مع قلّتهم على المشركين مع كثرتهم (لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ ) فاعتبروا يا أهل مكّة بِهذه الحادثة وأسلِموا .
14 - (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء ) لكي يتناسلوا (وَالْبَنِينَ) لكي يربّوهم فيعيشوا (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ ) يعني الكثرة (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) لكي يشتغلوا فيخدم بعضهم بعضاً بسبب تحصيلها ، و"القنطار" أربعة وأربعون كيلوغراماً (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ) يعني التي عليها أوسمة من الفضّة ، ومن ذلك قول عنترة :
إلى خَيلٍ مُسوّمَةٍ عليها حُماةُ الرَّوْعِ في رَهجِ القتامِ
(وَالأَنْعَامِ) لكي يرعوها ويستفيدوا منها (وَالْحَرْثِ) أي الزرع ، لكي يزرعوا ويأكلوا (ذَلِكَ ) كلّه (مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يستمتعون بهِ في شهواتهم ومأكلهم ومشربهم وملبسهم وسفرهم (وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) أي حُسن المرجع لمن يؤمن باللهِ وبرُسُلهِ ويُنفق من متاع الدنيا للفقراء والمحتاجين في سبيل الله يجدْ خيراً مِمّا أنفقَ في الآخرة .
15 - ثمّ زهّد سُبحانهُ في الدنيا ورغّبَ في الآخِرة فقال (قُلْ) يا محمّد لاُمّتك (أَؤُنَبِّئُكُم) يعني هل أنبّئكم (بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ ) الذي ذكرناه من متاع الدنيا (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ) المعاصي ، أي تجنّبوها وعملوا الصالحات ، لهم (عِندَ رَبِّهِمْ ) في السماء (جَنَّاتٌ) أثيريّة (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مقيمين فيها (وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ) من الحيض والنفاس والتغوّط وغير ذلك ، لأنّها نفوس أثيريّة روحانيّة فلذلك لا تحمل ولا تلد ولا تتناسل (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ ) عليهم أعظم من نعيم الجنّة (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) أي خبيرٌ بأفعالهم وأحوالهم .
16 - ثمّ وصف المتّقين فقال تعالى (الّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) برسولك وكتابك (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) الماضية (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) أي جنّبْنا عذاب النار .
17 - (الصَّابِرِينَ) في البأساء والضرّاء (وَالصَّادِقِينَ) في قولهم وعهودهم (وَالْقَانِتِينَ) أي المنقطعين إلى الله بالطاعة (وَالْمُنفِقِينَ) من أموالهم في سبيل الله (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ) أي العابدين وقت السّحَر ، يعني قبل الفجر ، والعبادة تشمل الصلاة والدعاء والتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن .
18 - (شَهِدَ اللّهُ ) عَلِمَ عِلْمَ شاهد (أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) أي لا خالق للكون إلا هو وحده ولا يستحقّ العبادة غيرهُ (وَالْمَلاَئِكَةُ) علموا وشهدوا بذلك (وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ 130) أيضاً علِموا وشهِدوا بأن لا خالق للكون إلا الله وحدهُ ، وذلك بما ثبتَ عندهم من الأدلّة العقليّة والبراهين العِلميّة ، وشهِدوا بأنّهُ (قَآئِمَاً) في أحكامه (بِالْقِسْطِ) أي بالعدل لا يَظلِمُ أحداً (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ ) في مُلكه (الْحَكِيمُ) في خلقِه .
19 - (إِنَّ الدِّينَ ) أي الطاعة (عِندَ اللّهِ ) هو (الإِسْلاَمُ) أي الاستسلام لأوامر الله والانقياد لرسوله (وَمَا اخْتَلَفَ الّذينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) معناهُ وما اختلف اليهود والنصارى فيما بينهم (إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ ) في الكتب السماوية ، فالتوراة أخبرت بمجيء عيسى ، والإنجيل جاء مصدّقاً للتوراة فينبغي أن لا يكون بينهما اختلاف ولكن اختلفوا ، وكان سبب ذلك الإختلاف (بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) أي حسَداً وعداوةً فيما بينهم (وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي بكتُبه وأنبيائه ، وذلك أنّ اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ، وكفرت اليهود والنصارى بمحمّد والقرآن (فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) أي سريع العقاب ، فيعاقبهم على اختلافهم وعلى كفرهم .
وقد اختلف اليهود بعد موسى إلى مذاهب فغيّروا دينهم وأشركوا فبعضهم عبدوا البعل وبعضهم عبدوا عشتاروث وبعضهم عبدوا الشِّعرى اليمانيّة ، وقد صنع لهم يربُعام بن ناباط عِجلَينِ من ذهب فعبدوهما بعد وفاة سُليمان . وكذلك النصارى اختلفوا في دينهم بعد عيسى إلى مذاهب عديدة وأشركوا فبعضهم قال بالثالوث وبعضهم قال المسيح إبن الله وبعضهم قال عيسى هو الله وعبدوا تمثال المسيح وتمثال مريم أمّه . كلّ ذلك كان بعد أن صرّحت التوراة بالتوحيد وأوضحت بأنّ العبادة لا تجوز لغير الله ، وكذلك قال المسيح أنا إبنُ الإنسان فاعبدوا الله ربّي وربّكم ولا تعبدوا غيرَه .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |