كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
16 - ثمّ وصف المتّقين فقال تعالى (الّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) برسولك وكتابك (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) الماضية (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) أي جنّبْنا عذاب النار .
17 - (الصَّابِرِينَ) في البأساء والضرّاء (وَالصَّادِقِينَ) في قولهم وعهودهم (وَالْقَانِتِينَ) أي المنقطعين إلى الله بالطاعة (وَالْمُنفِقِينَ) من أموالهم في سبيل الله (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ) أي العابدين وقت السّحَر ، يعني قبل الفجر ، والعبادة تشمل الصلاة والدعاء والتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن .
18 - (شَهِدَ اللّهُ ) عَلِمَ عِلْمَ شاهد (أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) أي لا خالق للكون إلا هو وحده ولا يستحقّ العبادة غيرهُ (وَالْمَلاَئِكَةُ) علموا وشهدوا بذلك (وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ 130) أيضاً علِموا وشهِدوا بأن لا خالق للكون إلا الله وحدهُ ، وذلك بما ثبتَ عندهم من الأدلّة العقليّة والبراهين العِلميّة ، وشهِدوا بأنّهُ (قَآئِمَاً) في أحكامه (بِالْقِسْطِ) أي بالعدل لا يَظلِمُ أحداً (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ ) في مُلكه (الْحَكِيمُ) في خلقِه .
19 - (إِنَّ الدِّينَ ) أي الطاعة (عِندَ اللّهِ ) هو (الإِسْلاَمُ) أي الاستسلام لأوامر الله والانقياد لرسوله (وَمَا اخْتَلَفَ الّذينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) معناهُ وما اختلف اليهود والنصارى فيما بينهم (إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ ) في الكتب السماوية ، فالتوراة أخبرت بمجيء عيسى ، والإنجيل جاء مصدّقاً للتوراة فينبغي أن لا يكون بينهما اختلاف ولكن اختلفوا ، وكان سبب ذلك الإختلاف (بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) أي حسَداً وعداوةً فيما بينهم (وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي بكتُبه وأنبيائه ، وذلك أنّ اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ، وكفرت اليهود والنصارى بمحمّد والقرآن (فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) أي سريع العقاب ، فيعاقبهم على اختلافهم وعلى كفرهم .
وقد اختلف اليهود بعد موسى إلى مذاهب فغيّروا دينهم وأشركوا فبعضهم عبدوا البعل وبعضهم عبدوا عشتاروث وبعضهم عبدوا الشِّعرى اليمانيّة ، وقد صنع لهم يربُعام بن ناباط عِجلَينِ من ذهب فعبدوهما بعد وفاة سُليمان . وكذلك النصارى اختلفوا في دينهم بعد عيسى إلى مذاهب عديدة وأشركوا فبعضهم قال بالثالوث وبعضهم قال المسيح إبن الله وبعضهم قال عيسى هو الله وعبدوا تمثال المسيح وتمثال مريم أمّه . كلّ ذلك كان بعد أن صرّحت التوراة بالتوحيد وأوضحت بأنّ العبادة لا تجوز لغير الله ، وكذلك قال المسيح أنا إبنُ الإنسان فاعبدوا الله ربّي وربّكم ولا تعبدوا غيرَه .
20 - (فَإنْ حَآجُّوكَ ) النصارى وخاصموك ، وهم وفدُ نجران (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ ) أي استسلمتُ لأوامر الله واتّجهتُ بنفسي إلى دينِهِ وتعاليمهِ فلا أحيد عنها شئتم هذا أم أبَيتم (وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أيضاً استسلموا لأوامر الله (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) أي اليهود والنصارى (وَالأُمِّيِّينَ) أي الّذينَ لا كتاب لهم ، وهم مشركو العرب (أَأَسْلَمْتُمْ) كما أسلمنا (فَإِنْ أَسْلَمُواْ ) كما أسلمتم (فَقَدِ اهْتَدَواْ ) إلى طريق الحقّ (وَّإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك ولم يُسلموا (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ) وقد بلّغتهم وليس عليك هُداهم (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) فيهدي من كان أهلاً للهداية ويُضلُّ من يستحقّ الضلالة .
21 - (إِنَّ الّذينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي يكفرون بالكتب السماوية ويجحدونَها (وَيَقْتُلُونَ النبيّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) أي بغير ذنب اقترفوه ولا جريمة اكتسبوها ، وهم اليهود كانوا يقتلون الأنبياء ومن ذلك زكريا ويحيى وأرادوا صلب المسيح (وَيَقْتُلُونَ الّذينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (مِنَ النَّاسِ ) وهم كهنة بني إسرائيل (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعذّبون فيه في الآخرة .
22 - (أُولَـئِكَ الّذينَ ) كفروا والّذينَ قَتلوا الأنبياء والوعّاظ (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) الصالحة ، أي ضاعت فلا يؤجَرون عليها (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) لأنّهم كفروا بما اُنزل على محمّد كما قَتل آباؤهم الأنبياء والكهنة (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) يدفعون عنهم العذاب في الآخرة .
وإليك ما جاء في التوراة من قتلهم الأنبياء والكهنة ، فقد جاء في الاصحاح التاسع عشر من الملوك الأوّل قال "وكان كلام الربّ إليه يقول له ما لك ها هنا يا إيليّا ، فقال قد غرتُ غيرة للربّ إلاه الجنود لأنّ بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" .
أمّا ما جاء في قتل الآمرين بالقسط ففي الإصحاح الثاني والعشرين من صموئيل الأوّل قال "فقال الملك لداواغ دُر أنت وقع بالكهنة ، فدار داواغ الأدومي ووقع بالكهَنة وقتل في ذلك اليوم خمسةً وثمانين رجلاً لابسي أفود كتّان ، وضربَ نوب مدينة الكهَنة بحدّ السيف " .
23 - تشاجر جماعة من اليهود وتخاصموا في ميراث أبيهم ، فقال الولد البكر إنّ لي حصتين من إرث أبي ، قال إخوته ليس لك إلا حصّة واحدة مثلنا لأنّك ابن أمَة وليست اُمّك حرّة كاُمّنا ، والحكم في توراة عزرا للولد البِكر حصّتان ، يعني أوّل مولود يولد لأبيه . فذهبوا إلى الكوهين حيي بن أخطب فلم يوافقوا بحكمهِ ، فدعاهم أحد المسلمين إلى حُكم القرآن ، فجاؤوا إلى رسول الله وشرحوا له قِصّتهم ، فقال النبيّ (ع) حكم الله في القرآن البنون يرثون أباهم بالتساوي ، ولكن إن كان فيهم بنات فللذكر منهم مثل حظّ الاُنثيين ، أمّا اختلاف الاُمّهات لا تأثير له في الميراث لأنّ الإرث جاء من أبيكم ، فوافق الإخوة على حكم القرآن ولكنّ كبيرهم لم يوافق على ذلك وقال بحكم التوراة لي حصّتان لأنّي بكرُ أبي ، ورجعوا من حيث أتَوا ، فنزلت فيهم هذه الآية :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ) أي اُعطوا حصّة من الكتُب السماويّة وهي التوراة (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ ) يعني إلى القرآن (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) في ميراث أبيهم (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ) بعد المحاكمة عن الحُكم ولم يُوافقوا بحُكمهِ ، وهو الولد البِكر وأخوالُهُ (وَهُم مُّعْرِضُونَ ) عن القرآن بما فيه من حُكم الميراث .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |