كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
64 - (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ) يعني اليهود والنصارى (تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ ) أقولها لكم (سَوَاءٍ) نتّفق نحن وأنتم فنجعل عهداً (بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) والعهد هو (أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ ) وحده كما أمرنا هو بذلك على ألسُن أنبيائه وكما جاء في الألواح والكتُب السماويّة (وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ ) في العبادة (شَيْئًا) من المخلوقات (وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ ) فلا نعبد المسيح ولا نقدّس الأحبار ولا الرهبان ولا نعظّم قبور الأنبياء ولا الكهنة ولا المشايخ ولا الأئمة لأنّ ذلك كلّه إشراك ولا يرضى به الله . ولَمّا نزل قوله تعالى في سورة التوبة {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ } قال عديّ بن حاتم : "ما كنّا نعبدهم يا رسول الله ". فقال (ع) : "أما كانوا يحلّون لكم ويحرّمون فتأخذون بقولهم؟" فقال : "نعم"، فقال : "أما كنتم تعظّمونهم وتقبّلون أيديهم؟" قال: "نعم" ، فقال النبيّ : "هو ذاك " . (فَإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك ولم يسمعوا لقولك (فَقُولُواْ) أنتم أيّها المسلمون مقابل إعراضهم (اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) أي مستسلمون منقادون لِما أتى به النبيّ من عند الله .
65 - إجتمع أحبار اليهود ونصارى نجران عند رسول الله فتنازعوا في إبراهيم فقالت اليهود ما كان إلاّ يهوديّاً ، وقالت النصارى ما كان إلاّ نصرانياً ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ ) أي لِمَ تتنازعون وتجادلون فيه وتدّعون أنّهُ كان على دينكم (وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ ) أي من بعد إبراهيم بزمنٍ طويل وبعد نزولِها حدثت اليهودية والنصرانية (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) بُطلان قولكم .
66 - (هَاأَنتُمْ ) يا معشر اليهود ، وكلمة "ها" تستعمل للعتاب والتعزير والتنبيه (هَؤُلاءِ) الّذينَ عبدوا العجل والبعليم وعشتاروث والشعرى اليمانيّة وغيرها ثمّ تزعمون أنّ إبراهيم كان على دينكم فإنّ إبراهيم لم يكن مشركاً بل كان حنيفاً مُسلماً ، ثمّ (حَاجَجْتُمْ) أي جادلتم وخاصمتم (فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ ) من أمر موسى وعيسى وزعمكم أنّكم على دينهما (فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ) من شأن إبراهيم (وَاللّهُ يَعْلَمُ ) شأن إبراهيم ودينه (وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) حقيقة ذلك إلاّ ظنّاً منكم .
67 - (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا ) كما تزعمون (وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا ) أي موحِداً (مُّسْلِمًا) أي مستسلماً لأمر الله (وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) كما أشركتم وعصيتم .
68 - (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ ) يعني أحقّ الناس بإبراهيم وهو على دينه (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) في دينه ، أصلها الّذينَ اتّبعوه ، واللام الآخر للتوكيد ، فيكون المعنى : هم الّذينَ اتّبعوهُ (وَهَـذَا النبيّ ) محمّد (وَالّذينَ آمَنُواْ ) مع محمّد هم أولَى بأن يقولوا نحن على دين إبراهيم لأنّهم يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئاً من المخلوقات (وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) فهو يحبّهم ويتولّى شؤونهم .
69 - (وَدَّت) أي تمنّت وأرادت (طَّآئِفَةٌ) أي جماعة (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) وهم اليهود الّذينَ دعَوا حُذيفة وعمّاراً ومُعاذاً إلى اليهوديّة (لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ) عن دينكم ويدعونكم إلى دينهم (وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ ) لأنّ آثام ذلك التضليل تعود عليهم (وَمَا يَشْعُرُونَ ) بذلك .
70 - (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) يعني لِمَ تنكرون القرآن وتكذّبون به وهو مُنزَل من عند الله (وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) أي تحضرون في مجلس محمّد وتسمعون تلاوته فترون أنّه مطابق للتوراة؟
71 - سأل جماعة من قُريش بعض اليهود قائلين : هل ترَون أنّ محمّداً نبيّ ، وهل تجدون صفته في التوراة؟ فقالوا : لا ، فنزل قولهُ تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ) أي لِمَ تخلطون وتُغطّون (الْحَقَّ) يريد به محمّداً (بِالْبَاطِلِ) يعني بباطلكم وكذبكم فتنكرون رسالتهُ (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ ) يعني وتكتمون ما تجدونه في كتُبكم من صفةِ محمّد وعلائمهِ (وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) صدقهُ ؟
72 - تواطأ اثنا عشر رجلاً من أحبار يهود خيبر وقرى عرينة وقال بعضهم لبعض : اُدخلوا في دين محمّد أوّل النهار باللّسان دون الاعتقاد واكفروا به آخر النهار وقولوا : نظرنا في كتُبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمّداً ليس بذلك النبيّ وظهر لنا كذبه وبطلان دينه ، فإذا فعلتم ذلك شكّ أصحابه في دينه وقالوا إنّهم أهل كتاب وهم أعلمُ بهِ منّا ، فيرجعون عن دينهم إلى دينكم .
فنزل جبرائيل على النبي وأخبره بذلك وتلى عليهِ هذه الآية (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ ) أي جماعة (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) أي قال بعضهم لبعض (آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الّذينَ آمَنُواْ ) يعني آمِنوا بالقرآن الّذي اُنزِل على محمّد وأصحابه الّذينَ آمَنوا بهِ (وَجْهَ النَّهَارِ ) يعني أوّل النهار (وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) عن دين الإسلام إلى دينكم .
73 - (وَلاَ تُؤْمِنُواْ ) إيماناً صادقاً (إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ) اليهوديّة وقام بشريعتكم (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ ) يعني إنّ المسلمين الّذينَ تريدون إضلالهم عن دينهم قد هداهم الله إلى الإسلام فكيف تقدرون أن تضلّوا مَن هداهُ الله (أَن يُؤْتَى أَحَدٌ ) من البشر (مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ ) من الكتُب السماويّة ، والمعنى : وكيف تقدرون أن تقطعوا الوحي وتمنعوه عمّن آتاه الله القرآن وجعله نبياً مثل ما اُوتيتم من التوراة (أَوْ يُحَآجُّوكُمْ ) يعني أو يخاصموكم يوم القيامة (عِندَ رَبِّكُمْ ) إذا أضللتموهم عن دينهم فيقولون لكم لماذا أضللتمونا عن دين محمّد وهو الحقّ؟ فبماذا تجيبون حينذاك وماذا يكون عُذركم عند ربّكم؟ (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (إِنَّ الْفَضْلَ ) بنزول القرآن والوحي (بِيَدِ اللّهِ ) لا بأيديكم (يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ) من عبادهِ فيجعلهُ نبياً أو رسولاً (وَاللّهُ وَاسِعٌ ) الفضل والعطاء لأنبيائه ورُسُلهِ (عَلِيمٌ) بمن يصلح للرسالة ويقوم بأدائها .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |