كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
80 - (وَلاَ) كان المسيح (يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنبيّيْنَ أَرْبَابًا ) من دون الله (أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ ) كما تدّعون وكما أنتم عليه الآن (بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) أي بعد أن دعاكم إلى عبادة الله والاستسلام لأوامره ، فهذا غير صحيح فإنّ المسيح لم يأمركم بعبادته بل أمركم بعبادة الله وحده .
لقد اختلفت النصارى في المسيح فقال بعضهم هو رسول من الله وتُسمّى هذه الفرقة "شهود يهوه" ، وقال بعضهم هو إبن الله ، وقال آخرون هو الله ، وقال غيرهم ثلاثة أقانيم أبٌ وابنٌ وروحُ القُدُس والثلاثة هم واحد ، كما أنّ الإنسان مقسّم من جذع ورأس وأطراف ولكن هو واحد .
وقد كنّى المسيح نفسه "إبن الإنسان" ، فإذا تصفّحتَ الإنجيل تجد تكرار "إبن الإنسان" في عدّة صفحات وهي كناية المسيح ، وإنّما كنّى نفسه بابن الإنسان لئلاّ يقولوا أنّه إبن الله ، لأنّه كان يعلم بذلك .
وقد جاء في التوراة ما يُفنّد أقوالهم ويوضح أخطاءهم وذلك في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر العدد قال الله تعالى (ليس الله إنساناً فيكذب ولا إبنَ إنسانٍ فيندم ) فلمّا كان مفهوماً وثابتاً عند المسيحية [ أو عند المسيحيين] بأنّ كناية المسيح هي إبن الإنسان ، أفلا يلتفتون إلى هذه العِبارة وينتبهون إلى أغلاطهم مع أنّهم يؤمنون بالتوراة ويعترفون بِها ، فهل يريدون كلمة توضّح لهم أكثرمن هذه الجُملة ، وهي قول الله تعالى (ليس الله إنساناً فيكذب ولا إبن إنسانٍ فيندم ) ؟ فضلاً عن أنّ السيد المسيح أكثر من قوله "وهؤلاء علموا أنّك أرسلتني ، ليؤمن العالم أنّك أنت أرسلتني " - إنجيل يوحنّا 17 : 21 ؛ وقوله الأكثر دلالة على كونه رسولاً "إنّه ليس عبد أعظم من سيّده ولا رسول اعظم مِمّن أرسله" - إنجيل يوحنّا 17 ؛ وما في سفر جامعة أكثر وضوحاً في التوحيد "واحداً ليس له ثانٍ لا إبن ولا أخ" 4: 8
81 - (وَإِذْ) تقديره واذكر يا محمّد لهم إذ (أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النبيّيْنَ ) الماضين (لَمَا آتَيْتُكُم ) يا بني إسرائيل (مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) يعني أخذ العهد على الأنبياء أن يعلّموكم الكتاب والحكمة وأن يفهموكم بأن سيأتي في آخر الزمان رسول فيجب عليكم أن تؤمنوا به وتنصروه (ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ ) كما وعدناكم به وهو محمّد بن عبد الله (مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ ) من أمر التوحيد والنهي عن الإشراك ومصدّق أيضاً بما جاء في الألواح الّتي نزل بها موسى من عند الله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ) أي يجب عليكم يا بني إسرائيل أن تؤمنوا بمحمّد وتنصروهُ كما قطعتم الميثاق مع أنبيائكم على نصرته (قَالَ) الله تعالى للنبيّين (أَأَقْرَرْتُمْ) بالميثاق (وَأَخَذْتُمْ ) من قومكم (عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ) أي عهدي ، والشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني :
أيا ابنَ الحواضِنِ والحاضِناتِ أتَنْقُضُ إصرَكَ حالاً فحالاً
(قَالُواْ ) أي الأنبياء (أَقْرَرْنَا) بذلك (قَالَ) الله تعالى (فَاشْهَدُواْ ) على قومكم (وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) عليهم .
وإليك بعض بعض ما جاء في التوراة من قيام نبيّ ، فقد جاء في الاصحاح الثامن عشر من سفر التثنية قال موسى لقومه :
"يقيم لك الربّ إلاهك نبيّاً من وسطك من إخوتك مثلي له تسمعون ، حسب كلّ ما طلبتَ من الربّ إلاهكَ في حوريب يوم الاجتماع قائلاً لا أعود أسمع صوت الربّ إلاهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضاً لئلاّ أموت ، قال لي الربّ : قد أحسنوا فيما تكلّموا ، أقيم لهم نبيّاً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكلّ ما أوصيه به ، ويكون إنّ الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلّم به باسمي أنا أطالبهُ ."
82 - (فَمَن تَوَلَّى ) عنك يا محمّد ولم يُصدّقك (بَعْدَ ذَلِكَ ) العهد والميثاق الّذي أخذه عليهم أنبياؤهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) لأنّهم خانوا العهد ولم يَفُوا بهِ وكذّبوا رسول الله ولم يؤمنوا بهِ .
83 - (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ ) أي يطلبون هؤلاء اليهود والنصارى بعد هذه الأدلّة والبراهين على صدق محمّد ؟ أليس دين الله الّذي أمرَ بهِ جميع الأنبياء والرُسُل هو دين التوحيد بأن يعبدوا الله وحده ولا يُشركوا بهِ شيئاً من المخلوقات ولا أحداً من المخلوقين ؟ ألم يأتِ محمّد بدين التوحيد ونبذ الأصنام والأنداد ، فهل يجدون أحسن من دين التوحيد ؟ (وَلَهُ أَسْلَمَ ) يعني استسلمَ (مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يعني مَن في الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض ، فكلّ من فيهنّ استسلموا لهذا الدين وأقرّوا لله بالوحدانيّةِ (طَوْعًا وَكَرْهًا ) يعني بعضهم أسلم طوعاً من نفسهِ وبعضهم استسلم بعد موتهِ لَمّا انكشفت له الحقيقة ورأى الملائكة والعذاب فكان إسلامه كرهاً (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) بعد موتِهم ، فيعاقبهم على كفرهم وإشراكهم .
84 - (قُلْ) يا محمّد (آمَنَّا بِاللّهِ ) وحده لا نُشرك به شيئاً (وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا ) يعني وآمنّا بما أنزِلَ علينا من الوحي (وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) وهم أولاد يعقوب (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى ) من معجزات وكتُب (وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ) أي وما أوتيَ النبيّون من آيات وبراهين (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ) كما فرّقتم أيّها اليهود فكذّبتم عيسى ومحمّداً (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) أي ونحن للهِ مُستسلمون ولأوامرهِ مُنقادون .
85 - (وَمَن يَبْتَغِ ) أي ومن يطلب (غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ) لأنّ الأديان السالفة طرأ عليها تغيير وتبديل من رؤساء المِلل ومن علماء الضلال فغيّروا وبدّلوا بأهوائهم وقالوا هذا ما أمرَ الله بهِ وسنّهً في شريعتهِ ، إفتراءً منهم على الله ، وذلك لأجل غاياتهم ولأجل المال والرئاسة . أمّا دين الإسلام فهو دين الحقّ الّذي أمرَ اللهُ باتّباعهِ قديماً وحديثاً لأنّهُ دين ثابت إلى يوم القيامة ، فلا يعبُدُ أتباعه الأصنام كما عبدتم أيّها اليهود ، ولا يثلّثون الآلهة كما ثلّثتم أيّها النصارى (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) فيخسر نعيم الجنّة من يبتغي غير الإسلام ديناً
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |