كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
18 - (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) يعني أنّهم في القُرب من الله بمنزلة الإبن من أبيه لأنّ الله يُحبّهم بزعمهم (قُلْ) يا محمّد لهم (فَلِمَ يُعَذِّبُكُم ) في الدنيا على أيدي أعدائكم ، وفي الآخرة بالنار لِمَن كفر منكم كما جاء في كتابكم إن كان الله يُحبّكم دون غيركم من الناس ، وذلك (بِذُنُوبِكُم) أي بسبب ذنوبكم (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ) لا فرقَ بينكم وبينهم (يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء ) أي لمن يتوب وهو أهل ٌ للمغفرة (وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء ) أي من يستحقّ العذاب (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي مُلك الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض (وَمَا بَيْنَهُمَا ) من أقمار ونيازك وشهب ومُذنّبات وصواعق يُهلك بِها من يشاء إهلاكهُ بدقيقة واحدة (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) بعد موتكم ، يعني إليهِ مصير نفوسكم فيحاسبكم على أعمالكم .
19 - (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ) خطاب موجّه لليهود والنصارى معاً (قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا ) محمّد (يُبَيِّنُ لَكُمْ ) أي يوضّح لكم ما أخفيتم فيه من أحكام في الدين وما اختلفتم فيهِ وما أبدلتموه لئلاّ تقولوا بعد هذا لقد اشتبه الأمرُ علينا فلم نعرف الحقيقة فيهِ ، فقد جاءكم محمّد (عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ ) أي على انقطاع من الرُّسُل ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت :
نبيٌّ أَتَانَا بَعْدَ يَأْسٍ وَفَتْرَةٍ منَ الرُّسْلِ وَالأَوْثَانُ فِي الأَرْضِ تُعْبَدُ
ألم ترَ أنّ اللهَ أَرْسَلَ عَبْدَهُ بِبُرْهانِهِ واللهُ أعلَى وأَمْجَدُ
وكانت الفترة بين عيسى ومحمّد خمسمائة وسبعين سنة ، ومن خروج موسى من مصر مع قومه إلى زمن عيسى ألفاً وخمسمائة وخمس عشرة سنة (أَن تَقُولُواْ ) بعد موتكم وانتقالكم إلى عالم الأثير (مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ ) يُبشّرنا بالجنّة على الأعمال الصالحة والطاعات الّتي أمرنا الله بها (وَلاَ نَذِيرٍ ) يُنذرنا عن الأخطاء الّتي ارتكبناها في الدين من تغيير وتبديل (فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ) فلا عُذرَ لكم عند الله في الآخرة بعد إرسال محمّد وتبيانه لكم (وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فهو قادرٌ أن يعزّكم إن آمنتم بهِ وقادرٌ أن يذلكم إن كفرتم بهِ .
20 - ثمّ ذكرَ سبحانه أفعال اليهود في المخالفة لنبيّهم تسليةً لنبيّنا فقال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ) أي واذكر لهم إذ قال موسى لقومه (يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) وأياديه لديكم (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء ) يُعلّمونكم أمور دينكم ويخلّصونكم من عدوّكم ، وهم موسى وهارون ويوشع كانوا معهم ، وأمّا الّذينَ سبقوهم فهم إسحاق ويعقوب والأسباط أولاد يعقوب (وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا ) لأنفسكم بعد أن كنتم مملوكين لفرعون يستعبدكم ويستخدمكم (وَآتَاكُم) من النِّعَم (مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ ) كانشقاق البحر وتفجّر الحجر بالماء وإنزال المنّ والسلوى وتظليل السحاب عليكم وغير ذلك .
21 - (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ ) أي المطهّرة ، وهي أريحا ، وإنّما سمّاها مقدّسة لأنّها جزء من الأردن وأنّ إبراهيم قد سكن الأردن وصلّى فيها لَمّا ارتحل من أور من أرض العراق ، ثمّ سكن الأردن من بعده يعقوب وأولاده ، (الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ) دخولها في المستقبل (وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ) أي إسمعوا كلام الله وادخلوها بالحرب ولا ترجعوا إلى الوراء وتمتنعوا من الدخول (فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) أي فتخسروا الأرض المقدّسة وتخسروا عناية الله لكم إن لم تسمعوا لقولهِ وتعملوا بأمره .
22 - (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) أي غِلاظ شِداد أقوياء لا نستطيع مُحاربتهم وطردهم من أرضهم (وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا ) بدون قتال (فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) إليها .
23 - (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الّذينَ يَخَافُونَ ) عقاب الله ولا يعصونه وقد (أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ) بالصحّة وطول العُمر حتّى دخلا الأرض المقدّسة بعد أربعين سنة ، وهما يوشع بن نون وكالب بن يفنّة قالا (ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ ) أي باب أريحا (فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) لأنّ الله يُلقي الرُعبَ في قلوبهم فينهزموا . (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بأنّ الله ينصركم عليهم بإلقاء الرُعب في قلوبهم
24 - (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا ) عنّا (إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) ننتظر خروجهم .
25 - (قَالَ) موسى (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ ) أمرَ هؤلاء القوم (إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) هارون (فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ويريد بالفاسقين الرجال العشرة الّذينَ بعثوهم إلى أريحا ليتجسّسوا أرضها ومزارعها وبساتينها ، فلمّا رجعوا أخذوا في ذمّها وكان ذلك سبباً في عصيان بني إسرائيل وامتناعهم عن الدخول إليها ، فأنزل الله على هؤلاء العشرة الطاعون فماتوا بهِ .
26 - (قَالَ) الله تعالى (فَإِنَّهَا) أي الأرض المقدّسة (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ) لا يدخلونها (أَرْبَعِينَ سَنَةً ) أي حرّمها عليهم جزاءً لعنادهم (يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ ) أي يبقون في الصحراء تائهين لا يدخلون الْمُدُن (فَلاَ تَأْسَ ) أي لا تحزن ، ومن ذلك قول امرئ القيس :
وُقُوفاً بِها صَحْبِي عَلَيّ مَطِيَّهُمْ يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
(عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) أي الخارجين عن طاعة الله . فبقوا في تلك الصحراء أربعين سنة فمات الآباء بالتدريج ونشأ الأبناء فأصبحوا أقوياء فحاربوا وانتصروا ودخلوا أريحا مع يوشع بعد موت موسى .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |