كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
127 - (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ ) أي دار السلامة والأمن (عِندَ رَبِّهِمْ ) في الجنان الروحانيّة تحت العرش (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ ) أي الله يتولّى أمرهم وهو سيّدهم (بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) من أعمال صالحة .
128 - (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) أي نجمعهم في المحشر (جَمِيعًا) الجنّ والإنس ، وذلك يوم القيامة فنقول للشياطين من الجنّ (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ ) أي قد أغويتم كثيراً من الإنس ، فيقولون : "أبونا أمرنا بذلك فامتثلنا أمرهُ" ، وأبوهم هو إبليس ، ثمّ يوجّه السؤال إلى الإنس الّذينَ اتّبعوا الشياطين ولم يؤمنوا بالرُسُل فيقول لهم : "لماذا لم تؤمنوا برُسُلي ولم تتّبعوهم ؟" فيقولون : "ربّنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السبيل" (وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ ) أي وقال أتباع الشياطين (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ) في الحديث والمجالَسة والسَمَر فلم نتمكّن أن نترك رؤساءنا الّذينَ استمتعنا بحديثهم ونتبع الرُسُل ، وقد أمرونا أن نُعاديَ الرُسُل ونطردهم من أرضنا ففعلنا كما أمَرَتنا رؤساؤنا (وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا ) يعني وقد أمهلتنا وبقينا أحياء حتّى جاء أجلنا بالموت ولم تُعاقبنا في ذلك الوقت حين كذّبنا الرُسُل لنعلم أنّ ذلك العقاب كان بسبب تكذيبنا لهم ، ومِمّا يؤيّد هذا قولهُ تعالى في سورة المجادلة {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } ، يعني بما نتكلّم على محمّد وعلى المؤمنين بهِ من كلام سيّء (قَالَ) الله تعالى (النَّارُ مَثْوَاكُمْ ) أي مصيركم ومقامكم (خَالِدِينَ فِيهَا ) أي دائمين فيها . ثمّ استثنى المذنبين من الموحِّدين فقال تعالى (إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ) أن يعفو عنهم بعد تعذيبهم (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ ) في أفعالهِ (عَليمٌ) بعبادهِ .
129 - (وَكَذَلِكَ) أي كما استمتعَ بعضهم ببعض في الدنيا كذلك في عالم البرزخ (نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ) أي تستولي الشياطين عليهم وتستعبدهم (بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) من أموال الناس بالباطل .
130 - ثمّ يُقال لهم (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ ) عليكم أخبار المكذّبين الّذينَ كانوا قبلكم ويتلونَ (عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا ) أي يوم الحساب (قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا ) بذلك فقد كذّبنا الرُسُل وقلنا ما أنزل الله من شيء إن أنتم إلاّ تكذبون (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) بزينتها وأموالها (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ ) في الدنيا (كَافِرِينَ) بنِعَم الله وبرُسُلهِ .
131 - (ذَلِكَ) الإنذار لهم (أَن) لا يقولوا يوم القيامة ما جاءنا من نذير (لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ ) أهل (الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) ليس لهم نذير ينذرهم عن الظلم وعن عبادة الأصنام ، بل يُرسِل لهم نذيراً فإذا عصَوهُ أهلكهم .
132 - (وَلِكُلٍّ) من الأنبياء والرُسُل (دَرَجَاتٌ) عند الله (مِّمَّا عَمِلُواْ ) يعني على قدر أعمالهم (وَمَا رَبُّكَ ) يا محمّد (بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) هؤلاء المشركون من قومك .
133 - (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ) عن عبادة خلقهِ (ذُو الرَّحْمَةِ ) ومن رحمتهِ أرسلَ لهم رُسُلاً مُبشّرين ومُنذرين (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ) أيّها الناس بالطاعون أو بهزّةٍ أرضيّة أو بريحٍ عاصفة أو بغير ذلك (وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ ) من أجناس البشر الأربعة الموجودين على الكرة الأرضيّة ، و" مَّا يَشَاءُ " من الكثرة (كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ) كانوا قبلكم فماتوا .
134 - (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ ) بهِ من البعث والثواب والعقاب (لآتٍ) وقتهُ (وَمَا أَنتُم ) أيّها الكافرون (بِمُعْجِزِينَ) الله مهما عصيتم وكذّبتم ودافعتم عن أصنامكم وأوثانكم .
135 - (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) أي إعملوا على قدر تمكّنكم منّا من التعنّت والتكذيب والأذى فمهما قُمتم ضِدّنا من أعمال فلن تنفعكم ولا يمكنكم أنْ توقِفوا مسيرتنا لأنّ الله معنا وناصرُنا عليكم (إِنِّي عَامِلٌ ) بما أمرني ربّي من تبليغ الرسالة وهو يُساعدُني (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) في المستقبل (مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ ) في الجنان أنتم أم نحنُ (إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الّذينَ يظلمون الناس ويسلبون حقوقهم ، والظالمون أنتم أيّها المشركون .
136 - (وَجَعَلُواْ لِلّهِ ) نصيباً ولأصنامهم نصيباً (مِمِّا ذَرَأَ ) في الأرض ، أي مِمّا خلقَ ونشرَ في الأرض (مِنَ الْحَرْثِ ) أي من الزرع (وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَـذَا ) النصيب (لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ ) يعني بحكمهم وشريعتهم (وَهَـذَا) النصيب (لِشُرَكَآئِنَا) يعني جعلوا حصّة من الأنعام لله وحصّة لأصنامهم (فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ ) من نصيب (فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ ) يعني إذا قصّرت عندهم حصّة الأصنام يأخذون من حصّة الله لإكمال ما يحتاجون إليهِ من اللّحم أو الخصروات أو غير ذلك ، ولكن إذا قصّرت عندهم حصّة الله فلا يُضيفون عليها من حصّة الأصنام لأنّها لا توافق على ذلك بزعمهم (سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) أي ساءَ الحكم حكمهم هذا .
137 - (وَكَذَلِكَ) أي كما جعلوا نصيباً من الأنعام لأصنامهم كذلك (زَيَّنَ) الشيطان (لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ ) فكان بعض المشركين ينذر للأصنام بأن يُقرّب إبنهُ أو بنتهُ فإذا حصلَ مرادهُ ذبح ابنهُ للأصنام ، وكان بعضهم يذبح أحد أولاده قرباناً للأصنام ، أمّا قُريش فكانت تدفن بناتها وهيَ حيّة خوف العار ، (شُرَكَآؤُهُمْ) وفي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : زيّن للمشركين شركاؤهم من الجنّ قتل أولادهم يعني الشياطين زيّنت لهم ذلك (لِيُرْدُوهُمْ) أي ليوقعوهم في الردى ، والمعنى : زيّنت لهم الشياطين قتل أولادهم ليوقعوهم في الردى (وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ) أي وليلتبس عليهم دينهم الحقيقي ، لأنّهم كانوا قبل ذلك على دين إبراهيم فأغرتهم الشياطين وغيّرت دينهم (وَلَوْ شَاء اللّهُ ) هدايتهم (مَا فَعَلُوهُ ) ولكن خلّى بينهم وبين أعمالهم لأنّهم ظالمون (فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) أي اتركهم وما يكذبون بهِ على الله فسيلقَون عقابهم .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |