كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
151 - (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (تَعَالَوْاْ أَتْلُ ) أي أقرأ لكم (مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ) في الكتاب (أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ) من المخلوقين فلا تعبدوا الملائكةَ ولا الأصنام ولا شيئاً آخر بل اعبدوا الله وحدهُ (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ ) "الإملاق" هو الفَقر والعِوَز . لأنّ بعض العرب كانوا في حالة وحشيّة إذا رأى أحدهم شيئاً ثميناً بيد أحدٍ من أولاد العرب قتلهُ وأخذ ما معه من المال ، حتّى أنّ رجلاً منهم رأى شابّاً عليهِ جُبّة ثمينة وقد اختلى بهِ فقتلهُ وأخذ جبّتهُ ولبسها ، وبعد زمن رآهُ أبو المقتول وهو لابس جُبّةَ ابنهِ فقال لهُ من أينَ لك هذه الجُبّة ؟ قال قتلتُ شابّاً كان لابسها وسلبتها منه بعد القتل ، فقال بأيِّ شيءٍ قتلتهُ ؟ قال بسيفي هذا ، قال أرِني إيّاهُ ، فأخذ السيف منه وقتلهُ بهِ . أمّا الّذينَ يقتلون أولادهم مِمّا بهم من فقرٍ فهم يقتلون الأجنّة ، أي يُسقِط الجنين من بطن اُمّهِ لئلاّ تكثر أولادهُ . ولا غرابة من ذلك فاليوم كثيرٌ من الناس يقتلون أولادهم بهذه الطريقة ، وهذا لا يجوز وفاعلهُ آثِم عند الله .
وقوله (نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) أي لا داعيَ أن يقتل بعضكم بعضاً لأجل المال ، إسعَوا في الأرض لتحصيل الرزق ونحن نرزقكم أنتم وأولادكم (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ ) أي لا تقربوا الزانيات بالزِنا (مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) أي ماكان علناً منها وماكان سِرّاً (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) يعني لا يقتل بعضكم بعضاً بسبب العداوة والبغضاء أو لأجل المال أو لسبب آخر إلاّ قتل القِصاص يقوم به وليّ أمر المسلمين (ذَلِكُمْ) الحكم (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) وتتركون تلك العادات الوحشيّة .
152 - (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ) بالخيانة (إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أي لا تتصرّفوا في مال اليتيم إلاّ بالطريقة الحُسنى ، يعني إلاّ بتثمير مالهِ بالتجارة أو الصناعة ليزداد ماله ويربح بها ، فإن ربحتَ فلهُ ربع الربح ولك الباقي وإن خسرتَ فعليك الخسارة وليس على اليتيم شيء منها . فالوصيّ يجب عليه أن يُحافظ على مال اليتيم (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) فحينئذٍ يدفع المال إليهِ ويُشهد عليه شاهدَينِ بتسليم مالهِ إليهِ (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل بلا نقص (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا ) في إنماء مال اليتيم وفي الكيل والميزان فوق طاقتها (إِلاَّ وُسْعَهَا ) يعني إلاّ ما يسعها وتتمكّن عليه (وَإِذَا قُلْتُمْ ) قولاً في شهادة أو حكمتم بين خصمين (فَاعْدِلُواْ) في قولكم وفي شهادتكم وحُكمكم (وَلَوْ كَانَ ) المحكوم عليه (ذَا قُرْبَى ) يعني ولو كان من أقربائكم (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ) يعني إذا عاهدتم أحَداً على شيء أوفُوا بعهدكم ولا تنقضوا . ومِثلُها في سورة النحل {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } ، (ذَلِكُمْ) الحُكم الّذي (وَصَّاكُم بِهِ ) لازِموهُ (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أي لعلّكم تتّعِظون .
153 - (وَأَنَّ هَـذَا ) الدِين دِين الإسلام الّذي أوصيتُكم بهِ وأرشدتُكم إليهِ هو (صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ) أي هو المنهج المستقيم (فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ ) الباطلة (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) أصلها فتتفرّق ، فحُذِفَتْ إحدى التائين لتسهيل الكلام ، والمعنى : فتتفرّق اُمّة الإسلام في المستقبل عن الصراط المستقيم لأنّ السُبُل الباطلة تعمل لأجل تفرّقكم فتؤثّر فيكم دعاياتها وتصيبكم مكايدها فتُفرّقكم عن سبيلهِ (ذَلِكُمْ) الإنذار (وَصَّاكُم) اللهُ (بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) كيدهم .
وهذه عشر وصايا أوصانا الله تعالى بحفظها والقيام بأدائها ، فمن عملَ بها ولا يخالف بعضها فهو من أهل الجنّة ، فالاُولى قولهُ تعالى (أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ) ، 2 (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ، 3 (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ ) ، 4 (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ ) ، 5 (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ ) ، 6 (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ) ، 7 (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ ) ، 8 (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ) ، 9 (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ) ، 10 ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ )
154 - (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا ) . أوّل ما جاء به موسى هي التوراة وهي عشر كلمات مكتوبة على لوحَينِ من حجر ، ثمّ نزلت عليه أحكام وقوانين في الدِين مُتفرّقة بالتدريج ، فكان موسى يعطيها إلى يوشع فيكتبها في الرّق . ومعنى الآية يكون كما يلي : ثمّ أنزلنا على موسى أحكاماً مُتفرّقة في الدِين حتّى تمّ الكتاب ، وذلك (عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ ) مع قومه ، وهو يوشع بن نون وصيّ موسى 154 (وَ) كان الكتاب (تَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) من اُمور الدِين (وَهُدًى وَرَحْمَةً ) لبني إسرائيل (لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) أي يُصدّقون .
155 - (وَهَـذَا) القرآن (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ ) على محمّد (مُبَارَكٌ) في المستقبل ، "البركة" معناها الزيادة والكثرة ، ومعنى "مباركٌ" يعني يزداد القرآن بتفسيره والعلوم الّتي تنتج عنه (فَاتَّبِعُوهُ) بالعمل بأحكامهِ (وَاتَّقُواْ) مُخالفتهُ (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) في الآخرة .
156 - (أَن تَقُولُواْ ) يعني أنزلنا إليكم القرآن لئلاّ تقولوا (إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا ) يعني اُنزِلَت التوراة على اليهود والإنجيل على النصارى ولم يُنزَلْ علينا كتاب (وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ ) يعني وإنّا عن دراسة تلك الكتب والأديان (لَغَافِلِينَ) لا يسعنا أن ندرسها لانشغالنا بتحصيل المعاش أوّلاً ولاختلاف لُغاتهم عن لُغتنا ثانياً .
------------------------------------154 :أحسن إلى قومهِ بأن أدخلَ قومه الأرض المقدّسة بعد وفاة موسى وهارون ، وانتصروا بقيادته على أعدائهم ، ثمّ وعظهم وأنّبهم لَمّا تزوّجوا نساءً أجنبيّات ومالوا إلى عبادة الأصنام فأثّرت فيهم الموعظة وتركوا عبادة الأصنام في حياته .![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |