كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
152 - (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ) بالخيانة (إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أي لا تتصرّفوا في مال اليتيم إلاّ بالطريقة الحُسنى ، يعني إلاّ بتثمير مالهِ بالتجارة أو الصناعة ليزداد ماله ويربح بها ، فإن ربحتَ فلهُ ربع الربح ولك الباقي وإن خسرتَ فعليك الخسارة وليس على اليتيم شيء منها . فالوصيّ يجب عليه أن يُحافظ على مال اليتيم (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) فحينئذٍ يدفع المال إليهِ ويُشهد عليه شاهدَينِ بتسليم مالهِ إليهِ (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل بلا نقص (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا ) في إنماء مال اليتيم وفي الكيل والميزان فوق طاقتها (إِلاَّ وُسْعَهَا ) يعني إلاّ ما يسعها وتتمكّن عليه (وَإِذَا قُلْتُمْ ) قولاً في شهادة أو حكمتم بين خصمين (فَاعْدِلُواْ) في قولكم وفي شهادتكم وحُكمكم (وَلَوْ كَانَ ) المحكوم عليه (ذَا قُرْبَى ) يعني ولو كان من أقربائكم (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ) يعني إذا عاهدتم أحَداً على شيء أوفُوا بعهدكم ولا تنقضوا . ومِثلُها في سورة النحل {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } ، (ذَلِكُمْ) الحُكم الّذي (وَصَّاكُم بِهِ ) لازِموهُ (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أي لعلّكم تتّعِظون .
153 - (وَأَنَّ هَـذَا ) الدِين دِين الإسلام الّذي أوصيتُكم بهِ وأرشدتُكم إليهِ هو (صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ) أي هو المنهج المستقيم (فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ ) الباطلة (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) أصلها فتتفرّق ، فحُذِفَتْ إحدى التائين لتسهيل الكلام ، والمعنى : فتتفرّق اُمّة الإسلام في المستقبل عن الصراط المستقيم لأنّ السُبُل الباطلة تعمل لأجل تفرّقكم فتؤثّر فيكم دعاياتها وتصيبكم مكايدها فتُفرّقكم عن سبيلهِ (ذَلِكُمْ) الإنذار (وَصَّاكُم) اللهُ (بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) كيدهم .
وهذه عشر وصايا أوصانا الله تعالى بحفظها والقيام بأدائها ، فمن عملَ بها ولا يخالف بعضها فهو من أهل الجنّة ، فالاُولى قولهُ تعالى (أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ) ، 2 (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ، 3 (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ ) ، 4 (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ ) ، 5 (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ ) ، 6 (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ) ، 7 (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ ) ، 8 (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ) ، 9 (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ) ، 10 ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ )
154 - (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا ) . أوّل ما جاء به موسى هي التوراة وهي عشر كلمات مكتوبة على لوحَينِ من حجر ، ثمّ نزلت عليه أحكام وقوانين في الدِين مُتفرّقة بالتدريج ، فكان موسى يعطيها إلى يوشع فيكتبها في الرّق . ومعنى الآية يكون كما يلي : ثمّ أنزلنا على موسى أحكاماً مُتفرّقة في الدِين حتّى تمّ الكتاب ، وذلك (عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ ) مع قومه ، وهو يوشع بن نون وصيّ موسى 154 (وَ) كان الكتاب (تَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) من اُمور الدِين (وَهُدًى وَرَحْمَةً ) لبني إسرائيل (لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) أي يُصدّقون .
155 - (وَهَـذَا) القرآن (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ ) على محمّد (مُبَارَكٌ) في المستقبل ، "البركة" معناها الزيادة والكثرة ، ومعنى "مباركٌ" يعني يزداد القرآن بتفسيره والعلوم الّتي تنتج عنه (فَاتَّبِعُوهُ) بالعمل بأحكامهِ (وَاتَّقُواْ) مُخالفتهُ (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) في الآخرة .
156 - (أَن تَقُولُواْ ) يعني أنزلنا إليكم القرآن لئلاّ تقولوا (إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا ) يعني اُنزِلَت التوراة على اليهود والإنجيل على النصارى ولم يُنزَلْ علينا كتاب (وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ ) يعني وإنّا عن دراسة تلك الكتب والأديان (لَغَافِلِينَ) لا يسعنا أن ندرسها لانشغالنا بتحصيل المعاش أوّلاً ولاختلاف لُغاتهم عن لُغتنا ثانياً .
157 - (أَوْ تَقُولُواْ ) يا أهل مكّة (لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ ) أي أهدَى من اليهود والنصارى (فَقَدْ جَاءكُم ) الكتاب فليس لكم عُذرٌ بعد إنزالهِ ، فهو (بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) لمن أراد أن يتبيّن الحقّ من الباطل (وَهُدًى) لمن يهتدي بهِ (وَرَحْمَةٌ) لأتباعهِ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ ) الّتي جاءت في القرآن (وَصَدَفَ عَنْهَا ) أي وصدَّ عنها (سَنَجْزِي الّذينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا ) أي يصدّون عنها ، ومن ذلك قول حسّان :
لَمّا رَأَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو صَدَفَتْ قَدْ بَلَّعَتْ بِي ذُرْأَةٌ فَأَلْحَفَتْ
قول الشاعر " صَدَفَتْ " أي صدّت عنّي ، وقولهُ "قَدْ بَلَّعَتْ بِي" أي تكلّمت عليّ بالفُحش والكلام القبيح ، وهذه الكلمة مُستعملة في الموصل حتّى الآن (سُوءَ الْعَذَابِ ) أي أسوء العذاب وأشدّهُ (بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ ) عن القرآن وعن الّذي اُنزِل عليه .
158 - قالت قريش للنبيّ (ع) : "لن نؤمن لك حتّى تُنزّل علينا ملائكةً من السماء يشهدون أنّك رسول الله أو يأتي ربّك فيشهد بذلك أو تشقّ القمر نِصفَين فنراهُ بأعيننا فنؤمن لك" ، فنزلت هذهِ الآية (هَلْ يَنظُرُونَ ) أي هل ينتظرون (إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ ) فتشهد لهم على صحّة نبوّتك فحينئذٍ يؤمنون (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ) فيشهد لك كما اقترحوه عليك (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) التي هي من علائم الساعة ومن تلك العلائم إنشقاق القمر (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) وهي انشقاق القمر (لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا) في ذلك الوقت ، إن (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ ) حدوث تلك الآية (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) يعني أو لم تكن كسبت في إيمانها خيراً ، والمعنى : إنْ لم تكن أعمالها صالحة وأرادت أن تتوب عن غيّها وتعمل الصالحات في ذلك الوقت فلا تُقبَل توبتها (قُلِ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (انتَظِرُواْ) حدوث تلك الآية حيث لا ينفع إيمانكم في ذلك اليوم (إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) موتكم كي نعذّبكم في عالم النفوس فأيّنا أجَله أقرب؟
------------------------------------154 :أحسن إلى قومهِ بأن أدخلَ قومه الأرض المقدّسة بعد وفاة موسى وهارون ، وانتصروا بقيادته على أعدائهم ، ثمّ وعظهم وأنّبهم لَمّا تزوّجوا نساءً أجنبيّات ومالوا إلى عبادة الأصنام فأثّرت فيهم الموعظة وتركوا عبادة الأصنام في حياته .![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |