كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 - (ط ه) الطاء معناها الطاهر ، وهي كناية النبي ، والهاء معناها الهادي ، وهي أيضاً كناية النبي ، فيكون المعنى : أيّها الطاهر الهادي ،2 - (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ) أي لتُتعبَ نفسك بكثرة صلاتك ، بل أنزلناه عليك لتعظ الناس وترشدهم إلى عبادة ربهم ، وذلك من قوله تعالى:
3 - (إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ) أي إلّا موعِظةً لمن يخاف عقاب الله ويخشاهُ .
4 - (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى) يعني نزل عليك القرآن بأمر من الله الذي خلق الأرض والسماوات العالية ، أي التي تعلو الأرض ، وهي السماوات الغازية .
5 - (الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) ، وقد سبق الكلام عن السماوات والعرش في كتابي الكون والقرآن مفصّلاً وفي سورة الرعد مختصراً في آية 2 .
6 - (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) الغازيّة من طيورٍ تطير (وَمَا فِي الْأَرْضِ ) من دوابّ تسير (وَمَا بَيْنَهُمَا ) من سُحُبٍ تمطر (وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ) أي وما تحت الأرض من حيوان صغير يكمن في جُحره ، والمعنى : كلّ هؤلاء مخلوقاته وتحتَ تصرّفهِ فيهبُ منها ما يشاء لمن يشاء .
7 - (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ ) للمشركين وتدعوهم إلى الدين (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ) أقوالك ويأجرك عليها وعلى قيامك بالدعوة إلى دينهِ ويعلم (السِّرَّ وَأَخْفَى ) منهُ ، يعني ويعلم قول السِر الّذي تدعو بهِ إلى الله ويعلمُ ما هو أخفى من السِر وهو ما تحدّث به نفسك فيجازيك عليه ولا ينقصك شيئاً من الأجر والثواب . والآية معطوفة على قوله تعالى (إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ) . والمعنى : عِظ المشركين بالقرآن وادعُهم إلى عبادة الرحمان جهراً وسِرّاً وإنّ الله يأجرك على قيامك بالدعوة إلى دينهِ ولا يهمّك استهزاؤهم ، وقل لهم :
8 - (اللَّهُ لَا إِلَهَ ) في الكون (إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى ) فاعبدوهُ ولا تعبدوا غيرهُ .
9 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ يُذكّرهُ بقصّةِ موسى وكيفَ قام بالدعوة بجدٍّ وعزيمةٍ ولم يرهب فرعون المتكبّر ليقتدي بهِ في القيام بالدعوة ولا يرهب المشركين فقال تعالى (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ) يعني ألم يأتكَ خبر موسى بن عمران فيما سبق ، واسمُ اُمّهِ يُوكابد وقصّتهُ مع فرعون وكيف قاوم فرعون حتّى انتصرَ عليه ، فكن مِثله وقاوم المشركين والله ينصرك عليهم كما انتصر موسى على فرعون .
10 - (إِذْ رَأَى نَارًا ) في صحراء سيناء في جهة جبل الطور ، ويُسمّى جبل حوريب أيضاً ، وكان قاصداً السفَر من بلدة مدين إلى مصر وهو وزوجته وأولاده وكان الوقت ليلاً (فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) أي اقعدوا هُنا (إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ) أي أبصرتُ ناراً (لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) أي بشعلةٍ في رأس عود ، فالقبَس هو اللّهب المضِيء ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الحديد {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } ، ومن ذلك قول عنترة :
شُهُبٌ بِأَيْدِي القابِسِينَ إذا بَدَتْ بِأَكُفِّهِمْ بَهَرَ الظَّلامَ سَنَاها
(أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ) يعني أو أجدُ أحداً عندها يهديني إلى الطريق .
11 - (فَلَمَّا أَتَاهَا ) وجدَ شجرة زيتون والنار تتوقّد منها والشجرة لا تحترق فوقفَ مُتعجّباً من ذلك المنظر ، حينئذٍ (نُودِي يَا مُوسَى ) وكان الصوت يخرج من الشجرة . فقال الله تعالى :
12 - (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) . إسم الوادي طوى ، وهيَ بُقعةٌ من صحراء سيناء قرب جبل الطور ، وإنّما أصبحت مُقدّسة لأنّ إبراهيم كان يُصلّي ويتعبّد الله فيها فأصبحت كالمسجد ، ولذلك قال الله تعالى لموسى (إخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) .
13 - (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ) للرسالة (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) إليك من القول .
14 - (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) يا موسى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) أي لأنْ تذكرَني فيها بالتسبيح والتعظيم والتكبير .
15 - (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ ) يعني ساعة موت الإنسان قائمة لا محالة (أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أي قاربَ أن يَخفَى وقتها عن الناس لحين اقتراب آجالهم . ثمّ بيّن سبحانه الغاية من إخفائها فقال (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) أي لتُجزى في الآخرة كلّ نفس بما كانت تسعى في الدنيا من حسنات أو سيئات . لأنّ من يُنكر البعث والحساب يترك الحسنات ويعمل الموبقات فيخسر ، ومن يُصدّق بالبعث والحساب يتجنّب الموبقات ويعمل الحسنات فينجح .
16 - (فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) أي عن الإيمان بالبعث والحساب (مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ) . التردّي هو السقوط من أعلى إلى أسفل ، ومن ذلك قول عنترة :
شَفَى النَّفْسَ مِنِّي أوْ دَنَا مِنْ شِفائِها تَرَدِّيهِمُ مِنْ حالِقٍ مُتَصَوِّبِ
وقال أيضاً :
بأَرْضٍ تَرَدَّى الماءُ في هَضَباتِها فأَصْبَحَ فيها نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
وقال حسّان :
هلاّ اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللهِ إذْ لَقِيَتْ أَهْلَ القَلِيبِ ومَنْ أَرْدَيْنَهُ فِيهَا
يعني ومن أسقطوهُ قتيلاً فيها ، والقليب بئر لا ماء فيها . والمعنى : إن لم تؤمن بالبعث والحساب ولم تعبدني ولم تذكرني في صلاتك ولا في غيرها تخسر وتقع في العذاب . والخطاب وإن كان لموسى فهو في الحقيقة لسائر المكلّفين . وقال الطبرسي في كتابه مجمع البيان ما نصّهُ "وفي هذه الآيات دلالة على أنّ الله تعالى كلّم موسى وأنّ كلامهُ مُحدَث لأنّهُ حلّ الشجرة وهيَ حروف منظومة" . وقال الله تعالى في سورة الأنبياء {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } ، فالذِكر هو القرآن ، وذلك لأنّ بعض المسلمين قالوا القرآن مُحدَث وبعضهم قالوا أزلي غير مُحدَث .
17 - (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ) ؟
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |