كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
12 - (وَإِذَا مَسَّ ) أي أصابَ (الإِنسَانَ الضُّرُّ ) يعني البلاء والشِدّة (دَعَانَا لِجَنبِهِ ) يعني دعانا وهو نائمٌ على فراش المرض لشفائهِ من مرضهِ (أَوْ قَاعِدًا ) يعني أو كان مُقعَداً لا يستطيع القيام دعانا لشفاء ساقيهِ (أَوْ قَآئِمًا ) دعانا لكشف ما بهِ من ضُرٍّ (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ ) الّذي كان يدعونا لأجلهِ (مَرَّ) أي استمرَّ على كفرِه ونفاقهِ ، ومن ذلك قول الفرزدق :
وقَدْ مَرَّ حَوْلٌ بَعْدَ حَوْلٍ وأَشْهُرٌ مَرَرْنَ عليهِ وهْوَ ظَمْآنُ جائِعُ
(كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ) كشف (ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) أي زيّنتْ لهم الشياطين أعمالهم الباطلة .
13 - (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ ) "القرون" جمع قرن وهو أهل كلّ عصر سُمّوا بذلك لمقارنة بعضهم لبعض ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت :
فَذلِكَ ما أوْرَثَتْنا القُرُو === مُ مَجْداً تَلِيداً وعِزّاً أَشَمْ
إذا مَرَّ قَرْنٌ كَفَى نَسْلُهُ وخَلَّفَ قَرْناً إذا ما انْقَصَمْ
(وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ) فكذّبوا بها كما كذّبتم (وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ) فأهلكناهم بالعذاب (كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ) منكم فنهلكهم إنْ لم يتوبوا ويؤمنوا .
14 - (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ ) أي جعلناكم خلَفاً (مِن بَعْدِهِم ) تخلفونهم وتملكون أرضهم (لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) هل تقومون بالصلاح أم بالفساد .
15 - (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الّذينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ) أي الّذينَ لا يوقنون بالبعث والجزاء (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا ) ليس فيه سبّ لآلهتنا (أَوْ بَدِّلْهُ ) فضع مكان السبّ مدحاً لآلهتنا فنؤمن بهِ ونتّبعك (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (مَا يَكُونُ لِي ) أي لا يحقُّ لي (أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي ) فيما تقولون وتقترحون (عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) هو يوم القيامة .
16 - (قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ) أي لو شاء الله مدح آلهتكم ما أنزل ذمّها عليّ في القرآن وتحريم عبادتها ولا قرأته عليكم (وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ ) أي ولا أعلمكم الله بهِ (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا ) أربعين سنة (مِّن قَبْلِهِ ) أي من قبل نزول القرآن فهل قلتُ لكم يوماً من الأيّام أنّي رسول من الله إليكم وهل منعتكم من عبادة الأوثان (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) يعني ألا تستعملون عقولكم فتفكّروا في هذا الأمر لكي تصيبوا الحقيقة .
17 - (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا ) فادّعى الألوهيّة في الأصنام أو جعل شريكاً لله في العبادة (أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ) الّتي جاءَ بها رسولهُ (إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ) يعني من جعل شريكاً لله فهو مُجرم ولا يفلح المجرمون .
18 - (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ ) شيئاً لو تركوا عبادتها (وَلاَ يَنفَعُهُمْ ) شيئاً مهما استمرُّوا على عبادتها (وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء ) الأصنام (شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ ) لهم يا محمّد (أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ ) الأثيريّة (وَلاَ فِي الأَرْضِ ) المادّية ، يعني أتنبّئون الله بشريك وتَفرِضون عليه بشفيع تسمّونهُ بآرائكم وتدّعونهُ بأهوائكم الّذي لا عِلمَ له بما في السماوات الأثيريّة من مخلوقات روحانيّة ولا عِلمَ له بما في الأرض من نبات وحيوان وإنسان ، ومن كان كذلك فكيف تجعلونه شفيعاً عند الله وكيف تعبدونه ؟ (سُبحانهُ) أي تنزيهاً له عن الشريك (وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) بهِ من مخلوقات ومخلوقين .
19 - (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً ) في الدِين ، أي مسلمين موحّدين وذلك في زمان آدم (فَاخْتَلَفُواْ) بعد وفاة آدم إلى أديان شتّى وأشركوا ، ونظيرها في سورة البقرة وهي قوله تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النبيّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ } ، وقوله (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ) في إمهالهم وتأخير العقوبة إلى ما بعد مماتهم (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) بإنزال العذاب عليهم وإهلاكهم عقاباً لهم (فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) من التوحيد إلى الإشراك .
20 - (وَيَقُولُونَ) أي يقول المشركون (لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) أي معجزة كونيّة فنؤمن بهِ ونُصدّقهُ (فَقُلْ) يا محمّد لهم قد أوعدناكم في القرآن بحدوث آيات من حوادث كونيّة خارقة للعادة تقع في آخر الزمان ولكن متى تكون فهو غيب (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ ) يعني لا يعلم وقت حدوثها إلاّ الله ، وحُدوثها يكون بمشيئتهِ إن شاءَ قرّبَ وقتها وإن شاء أخّرَ وقتها (فَانْتَظِرُواْ) حدوث تلك الآيات (إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ) . والآيات الّتي تكون في آخر الزمان هيَ : اتّساق القمر ، وانشقاقه فيكون نِصفَين ، ثمّ انجذابه للشمس ، ووقوف الأرض عن دورتها المحوريّة فيكون اللّيل سرمداً في جهةٍ منها والنهار سرمداً في الجهة الاُخرى ، وسقوط ذوات الذنب على الأرض ، وغير ذلك ممّا شرحتهُ في كتابي الكون والقرآن .
21 - نزلت هذه الآيات في عمرو بن العاص وأصحابه لَمّا ذهبوا إلى الحبشة في طلب المؤمنين (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ ) يعني إذا أنعمنا عليهم بالخصب بعد الجدب وبالرخاءِ بعد الشِّدّة وبالصحّة بعد المرض فبدل أن يشكروا الله على تلك النِّعم ويؤمنوا بآياتنا (إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا ) يعني فإذا هم قد أعدّوا مكراً لإبطال آياتنا . وذلك ما أعدّه عمرو بن العاص للسَفر إلى الحبشة والهدايا الّتي أخذوها معهم إلى ملِك الحبشة (قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا ) من مكركم ، وذلك بأن يهدي ملِك الحبشة ويُلقي العطف في قلبه على المؤمنين فيتحنّن عليهم ولا يُصيبهم مكروه (إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ) فنعاقبكم عليه في الآخرة .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |