كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة إبراهيم من الآية( 13) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

13 - (وَقَالَ الّذينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ ) أي أوحَى للرُسُل فقال (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) الّذينَ كذّبوكم وآذَوكم .

14 - (وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ) أي من بعد إهلاكهم (ذَلِكَ) الإنذار والإخبار عن الماضين (لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) وقُدرتي (وَخَافَ وَعِيدِ ) أي وخاف وعيدي للكافرين فيتّعظ بقصصهم وأخبارهم ولا يكون مثلهم .

15 - (وَاسْتَفْتَحُواْ) الرُسُل ، أي طلبوا النصر من الله على الكافرين فنصرهم (وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) أي كلّ متكبِّر مُعاند .

16 - (مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ) أي من بعدِ موتهِ يدخل جهنّم (وَيُسْقَى) فيها (مِن مَّاء صَدِيدٍ ) يصدّهُ ويمنعهُ عن العبور إلى مكانٍ آخر لشدّةِ حرارتهِ ، فالصديد هو الّذي يصدّ الإنسان ويمنعهُ من الإقتراب أو من الذهاب ، ومن ذلك قول النابغة الذبياني :

                            زعمَ الهمامُ ولم أذقهُ أنّهُ      يُشْفَى بِرَيَّا رِيقِها العَطِشُ الصَّدِي

وقال الفرزدق يصفُ امرأة :

                        نَعِمْتُ بِها لَيْلَ التَّمامِ فَلَمْ يَكَدْ      يُرَوِّي اسْتِقائِي هامَةَ الْحائِمِ الصَّدِي

يعني العطشان الّذي يحوم حول العين وقد صدُّوهُ عن الماء .

17 - (يَتَجَرَّعُهُ) جُرعةً بعد جُرعة لشدّةِ حرارته ، والجُرعة ملء الفم من السائل فقط ، ومن ذلك قول عنترة :

                          سَقَى اللهُ عَمِّي منْ يدِ الْمَوْتِ جُرْعةً      وشُلّتْ يدَاهُ بعد قَطْعِ الأَصابِعِ

وقال بسطام :
                                         وغداً أُخْبِركُمْ عَنْ عَنْتَرٍ      أنّهُ قَدْ شرِبَ الْمَوْتَ جُرَعْ

(وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ ) يعني ويكاد لا يشربهُ لولا شِدّة العطش ، ومن ذلك قول الخنساء :

                              إنّ الشَّجَاةَ التي حَدّثتُمُ اعْتَرَضَتْ      خَلْفَ اللَّهَى لم تَسَوَّغْها البَلاعِيمُ

وقال اُميّة بن حرثان :
                                        تركتَ أباك مُرْعِشَةً يَداهُ      وأُمَّكَ ما تُسِيغُ لَها شَرابَا

(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ) يعني وتأتيهِ أسباب الموت من كلّ مكان ولكن لا يموت لأنّه نفس أثيريّة روحانيّة والنفوس لا تُعدَم من الوجود (وَمِن وَرَآئِهِ ) يعني ومن بعد هذا العذاب (عَذَابٌ غَلِيظٌ ) أي أشدّ وأعظم .

18 - (مَّثَلُ الّذينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ) في عاقبة (أَعْمَالُهُمْ) الصالحة (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ) فذرّتهُ على وجهِ الأرض (لاَّ يَقْدِرُونَ ) على تحصيل (مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ) منها لأنّهم مُشركون والمشرِك لا تُقبَل أعماله مهما كثُرت (ذَلِكَ) الإشراك بالله (هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) عن الحقّ .

19 - ثمّ خاطب المشرِك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ ) يعني ألم تعلم (أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ ) أي بالوعد الحقّ ، وقد سبق تفسيرها في سورة الأنعام عند قوله تعالى {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ } ، (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ) أيّها المشركون بالطاعون أو بالزلزال أو بغيرهما (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) غيركم .

20 - (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) أي وما إهلاككم على الله بعزيز .

21 - ثمّ أخبرَ سُبحانهُ عن المشركين فقال (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا ) التابعون والمتبوعون ، يعني برزوا في الفضاء ، وهذهِ الآية معطوفة على ما تقدّم من قوله تعالى (مَّثَلُ الّذينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ) آية 18 ثمّ عطفَ عليها بقولهِ (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا ) ، ومِثلها في سورة غافر قوله تعالى {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } ، أي ظاهر للعيان ، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم :

                               تَرَانَا بارِزِيْنَ وَكُلَّ حَيٍّ      قَدِ اتَّخذوا مَخافَتَنا قَرِيْنَا

(فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ ) أي قال الضعفاء لرؤسائهم الّذينَ استكبروا على الرُسُل ولم يؤمنوا بهم (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ) في دار الدُنيا (فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ ) وهذا القول قالوهُ بعد مماتهم لَمّا واجَهوا العذاب ، يعني هل يُمكنكم أن تدفعوا عنّا شيئاً من العذاب (قَالُواْ) أي قال الرؤساء لمرؤوسيهم (لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا ) من العذاب (أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ) أي ما لنا من خلاص .

22 - (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ) وحين لا فائدة من التوبةِ والندامة (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ ) بالثواب والعقاب (وَعْدَ الْحَقِّ ) فلم تسمعوا لقولهِ ولم تعملوا بأمرِه (وَوَعَدتُّكُمْ) وعد الكذب والخداع (فَأَخْلَفْتُكُمْ) عن الحقّ ، يعني جعلتكم تتخلّفون عنهُ وتتّبعون أقوالي (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ) يعني من سُلطةٍ وقوّةٍ وإجبار (إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ ) بالوسوسة والإغراء (فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) بسوء اختياركم (فَلاَ تَلُومُونِي ) على ما حلّ بكم من العِقاب (وَلُومُواْ أَنفُسَكُم ) إذ عدلتم عن أمر الله إلى اتّباعي من غير دليل ولا بُرهان (مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ ) أي ما أنا بمغيثكم ومُنقذكم من العذاب (وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ) في دار الدنيا ، يعني بما أشركتموني مع الله في الطاعة ، ومعنى " كَفَرْتُ" يعني اُنكرُ عليكم وألومكم باستجابتكم لي دون بُرهان ولا دليل . ثمّ أخبرَ الله سُبحانهُ عن أحوال الظالمين فقال (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم