كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
43 - (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا ) تقديرهُ أم لهم آلهةٌ من دوننا تمنعهم عن اتّباع ديننا ، كلّا ليس في الكون إلاهٌ غير الله وحدهُ ، فالمشركون (لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ ) إذا نزل بهم العذاب ولا شُركاؤهم يمكنها أن تدفع العذاب عنهم (وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ ) يعني ولا المشركون تصحبهم ملائكة من عندنا وتنجيهم من العذاب وترشدهم إلى طريق الجنّة ، كما تفعل ذلك مع المؤمنين فتأخذهم إلى الجنّة بصحبتها ، ولكنّ المشركين تصحبهم الشياطين ، فأيّهما أحقّ بالأمن الّذي تصحبهُ أعداؤهُ الشياطين أم الّذي تحرسهُ الملائكة وتأخذهُ إلى الجنّة ؟
44 - (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ ) في الدنيا بالمال والبنين فلم نُعاجلهم بالعقوبة (حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) أي طالت أعمارهم فغرّهم المال وطول العُمر فكفروا وظلموا (أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) . لقد بيّنَ الله تعالى في هذه الآية نقصان الأرض ونقصان أهلها : أمّا نقصان الأرض فقد شرحتُ عنه في سورة الرعد في آية 43 عند قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } ، وفي هذه الآية نبيّن نقصان أهلها وإليك شرح الآية (أَفَلَا يَرَوْنَ ) هؤلاء المشركون المعانِدون (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ) بالطاعون والزلزال والسيول وغير ذلك من أسباب الهلاك والدمار وبذلك (نَنقُصُهَا) أي ننقص الأرض بالخراب وأهلها بالموت (مِنْ أَطْرَافِهَا ) أي من أطراف مكّة ، يعني القُرى الواقعة أطرافَ مكّة (أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) يعني كيف يظنّون أنّهم يغلبون رسولنا وقد يرون كيف نُميت الناس بالمئات بالطاعون بل بالاُلوف في يوم واحد ، وبالزلزال في دقيقة واحدة .
45 - (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين (إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ) الّذي جاءني من ربّي وليس هذا من عندي ، ثمّ قال تعالى (وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ ) الّذي تدعوهم إليهِ (إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) يعني أكثرهم لا يسمعون دعوتك لأنّهم مقلّدون لآبائهم فهم كالصُمّ عن استماع القرآن وكيف يسمعون الإنذار وينقادون للحقّ وهم لاهون بالدنيا عن الآخرة .
46 - (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ ) يعني لئن أصابتهم موجة من الحرّ الشديد أو عاصفة من الريح أو نوع آخر ممّا لا يتحمّلون وقوعهُ (لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) يعني حينئذٍ يعترفون بخطاياهم ويدعون ربّهم ليزيل عنهم العذاب .
47 - (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ) أي قوانين العدل في الحكم بين الناس ، وهي الكتُب السماويّة (لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يعني نُعاقب المسِيء على إساءتهِ في عالم البرزخ والظالم على ظلمهِ والغاصب لحقوق الناس ليكون جاهزاً ليوم القيامة ليدخل الجنّة إذ لم يبقَ عليهِ دَين ولا سيّئات إلا وقد استوفَى حقّهُ منها . وهذا في الموحِدين فقط ، أمّا المشركون فلا يُحاسَبون بل يدخلون جهنّم بلا حساب (فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ) بنقصان من ثوابها ولا زيادة على ما تستحقّهُ من عقابها (وَإِن كَانَ ) لهُ من الحسنات (مِثْقَالَ) أي ثقلَ (حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) وجازيناهُ عليها (وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) أي مُجازين المحسِن على إحسانهِ والمسِيء على إساءتهِ . ومِثلها في سورة لقمان قوله تعالى {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } .
48 - (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ) "الفرقان" ما جاءً مُتفرّقاً من أحكام وتشريع وتحليل وتحريم فكتبوها في مجموعة التوراة ، أمّا التوراة الأصليّة فهيَ عشرُ كلمات كُتِبَتْ في لوحين من حجر ، وقوله (وَضِيَاءً) أي نوراً يهتدون بهِ إلى طريق الحقّ (وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ) يعني وموعظة للمتّقين .
49 - (الّذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ ) أي يخافونهُ في حال خلوتهم فلا يعصونه (وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ) يعني من ساعة انتقالهم إلى الآخرة خائفون لئلا يُعاقَبون على تقصير في واجب حصل منهم .
50 - (وَهَذَا) القرآن (ذِكْرٌ) أي موعظةٌ (مُّبَارَكٌ) في تأويلهِ ، أي يزداد بتأويله (أَنزَلْنَاهُ) إليكم من السماء (أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) يعني فلماذا تنكرونهُ وتجحدونهُ ؟
51 - (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ ) يعني أريناهُ من آياتنا وقُدرتنا لنرشدهُ إلى الحقيقة فيثبت على إيمانهِ ولا تُزعزعهُ أقوال المشركين (وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ) حين كان ينظر إلى السماء وإلى الأجرام السماويّة يُفتّش عن خالقه فأعطيناهُ رُشدهُ وهديناهُ إلى ما أراد .
52 - (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) أي عابدون على الدوام ؟
53 - (قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ ) فعبدناها .
54 - (قَالَ) إبراهيم (لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ ) عن الحقّ (مُّبِينٍ) .
55 - (قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ ) فيما تقول (أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) في قولك فتمزح معنا ؟
56 - (قَالَ) إبراهيم (بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ) أي شقّقهنّ فجعلهنّ تسعة كواكب سيّارة بعد ما كانت أرضاً واحدة (وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) أي من المطّلعين على قدرتهِ وبعض آياتهِ فأيقنتُ أن لا إلاهَ في الكون إلا هو . وفي هذا يُشير إلى ما جاء في سورة الأنعام من قوله تعالى {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } .
57 - ثمّ أقسم إبراهيم فقال (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم ) يعني أعمل مكيدة معكم فأكسّر أصنامكم ، قالها في نفسهِ سِرّاً (بَعْدَ أَن تُوَلُّوا ) إلى عيدكم (مُدْبِرِينَ) عن أصنامكم .
فلمّا أرادوا الخروج إلى مكان لعبهم وتسابقهم قالوا ألا تخرج معنا يا إبراهيم ؟ فنظرَ نظرةً في النجوم فقال إنّي سقيم لا أتمكّن من الخروج معكم ، فتركوهُ وذهبوا ، فلمّا وجد فرصة لتحطيمهم أقبل إلى الأصنام وفي يده طبق وفيهِ طعام فقدّمهُ إليهم وقال ألا تأكلون ؟ فلم يُجيبوهُ بشيء ، فقال ما لكم لا تنطقون ؟ ثمّ أخذ الفأس وانهال عليهم ضرباً باليمين .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |