كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
51 - (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ) ليُساعدوك على تبليغ الرسالة ولكن لا داعيَ إلى ذلك فالله هو المساعد لكَ وناصركَ على أعدائك .
52 - (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) في المداهَنة والإستجابة إلى ما يريدون (وَجَاهِدْهُم بِهِ ) أي بالقرآن (جِهَادًا كَبِيرًا ) أي شديداً .
53 - (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) "مرجُ البحر" هياجهُ واضطرابهُ بالعواصف والأمواج ، ومن ذلك قولهم "في المدينة هرج ومرج" أي قتال ومُشاجرة وضوضاء ، ومن ذلك قول أبي داوُد :
مَرِجَ الدِّينُ فأَعْدَدْتُ له مُشْرِفَ الحارِكِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
والمعنى : الله الّذي أهاج البحرين بالعواصف فتلاطمت أمواجهما وارتفعت السُحب منهما فصارت أمطاراً غزيرة ليردع فرعون وجيشه بها ويؤخّرهم عن اللّحاق بموسى ومن معهُ ، ولَمّا لم يرتدعوا أغرقهم الله في أحد البحرَين (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) يعني أحدهما بارد وخالٍ من الأملاح وصالح للشرب وهو نيل مصر ، والآخر مالح فيهِ مرارة وهو البحر الأحمر ، فالعذب معناه البارد ، والشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني يصف امرأة :
زَعَمَ الْهُمَامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌ عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ الْمَوْرِدِ
يقول الشاعر التقبيلة من فمها شهيّة باردة ، والدليل على ذلك قول حسّان بن ثابت الأنصاري:
تَبَلَتْ فُؤادَكَ في الْمَنامِ خَرِيدَةٌ تَسْقِي الضَّجِيعَ بِبارِدٍ بَسَّامِ
وإنّما يكون الماء بارداً لأنّه يجري ، وعادةً الجاري يكون أبرد من الراكد على الدوام . وكلمة "فرات" معناها خالص أي خالٍ من الأملاح . وقال حسّان يهجو أبا سفيان :
وَلكِنْ هَجِينٌ ذُو دَناةٍ لِمُقْرِفٍ مُجاجَةَ مِلْحٍ غَيْرِ صافٍ ولا عَذْبِ
(وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا ) أي حاجزاً (وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ) أي وحجاباً مانعاً من وصول المياه من أحدهما إلى الآخر .
54 - (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا ) يعني أولاد آدم خلقهم من ماءٍ دافق ، وهي النُطفة (فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ) "النسَب" هم أقرباؤك ما تناسَل من جدّك يعني أعمامك ، و"الصهر" أخوالك يعني الّذينَ اتّصلوا بك بالمصاهَرة أي بالزواج فأخذتَ منهم امرأة أو أعطيتهم امرأة ، والشاهد على ذلك قول حسّان :
يَعْتادُنِي شَوْقٌ فَأَذْكُرُها مِنْ غَيْرِ ما نَسَبٍ ولا صِهْرِ
يعني ليس بيني وبينها قرابة ولا مُصاهرة ، وقال امرؤ القيس :
لأَخٍ رَضِيْتُ بِهِ وشارَكَ فِي ال === أنسابِ والأَصْهارِ والفَضْلِ
فأولاد آدم يرجع نسبهم إلى آدم ولكنّهم صاهَروا الأجناس الاُخرى فتزوّج بعضهم من بنات الصين الجنس الأصفر فصارَ صِهراً لهم ، وتزوّج بعضهم من الجنس الأسود فصار صِهراً لهم (وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) على خلق الإنسان من الماء مرّة ومن الطين اُخرى .
55 - (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ) من الأصنام والأوثان (وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) يعني على محاربة ربّهِ مُعيناً ، والمعنى : إنّ الكافر يُساعد المشرك على إشراكهِ ويحارب المؤمن على إيمانهِ .
56 - (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا ) بالجنّةِ لِمَن آمن (وَنَذِيرًا) بالعذاب لمن امتنعَ عن الإيمان وكفر .
57 - (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ) أي على القرآن وتبليغ الوحي إليكم (مِنْ أَجْرٍ إِلَّا ) المودّة في القربى ، يعني صِلة الرحم ، ومثلها في سورة الشورى قوله تعالى {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } ، (مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ) يعني من شاء أن يتّخذ طريقاً يوصلهُ إلى الجنان فيكون بجوار ربّهِ فليصل رحمهُ ويوادد أقاربه إن كان مؤمناً .
58 - (وَتَوَكَّلْ) في قيامك بالتبشير والإنذار (عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) وهو يُساعدك ولا تخف من هؤلاء المشركين فإنّهم يموتون (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) عند صلاتك (وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) فيحاسبهم عليها .
59 - (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) أي الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض (وَمَا بَيْنَهُمَا ) يعني الأقمار (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) تقديرهُ فاسأل بأفعالهِ وقُدرتهِ مَن كان خبيراً بها ، أي فاسأل جبرائيل الّذي هو خبير بأفعال ربّهِ وقدرته .
60 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ) أي لهؤلاء المشركين (اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ ) إنّنا لا نعرفه (أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ) ونترك آلهتنا (وَزَادَهُمْ) قولك (نُفُورًا) عن الحقّ .
61 - (تَبَارَكَ) أي تكاثر عطاؤهُ لك وللمؤمنين في الآخرة (الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا ) أي جعل في الجنّةِ قصوراً مُشيّدة ، فالبروج هي القصور ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } أي في قصور مُشيّدة ، وقد سبق شرح كلمة "البروج" في سورة الحجر أيضاً في آية 16 (وَجَعَلَ فِيهَا ) أي في السماء (سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا ) يُضيئان لأهل الجنّة أي جنّة المأوى وهي أوّل جنّة فوق الأرض . وإنّما يرَون الشمس قليلة الضياء كالسِراج195 لأنّهم في الفضاء لم يسكنوا على أرضٍ مادّية تعكس الأشعّة فيزداد شعاعها فلذلك يرَونها كالسراج . وقد قال رُوّاد الفضاء لَمّا صعدوا إلى القمر أنّهم رأوا الشمس كأنّها سراج يضيء والفضاء أظلم [ أو مُظلِم ] كاللّيل .
------------------------------------195 :"السراج" إناء صغير مستطيل الشكل ولهُ مقبضة يُرفع منها ، يُصنع من الفخّار المدهون أو من النحاس ، يوضع فيهِ زيت وفتيلة من القطن ويوقد ، ولا يزيد ضوؤهُ على ضياء الشمعة ، يوضع على المنضدة ، كان القُدماء يستعملونهُ ، ولَمّا ظهرت أنواع المصابيح تُرِكَ السراج .![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |