كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
52 - (وَيَوْمَ) موت المشركين (يَقُولُ) الملَك الموكّل بتعذيبهم (نَادُوا شُرَكَائِيَ الّذينَ زَعَمْتُمْ ) أنّها تشفع لكم ، وقد سبق شرح كلمة "شركائي" في سورة النحل في آية 27 (فَدَعَوْهُمْ) هؤلاء الّذينَ ماتوا قبلكم (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ) ولم يشفعوا لهم (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا ) أي وجعلنا بين المشركين عداوةً ونفوراً بعدما كانوا أصدقاء في الدنيا . ومِثلها في سورة الزخرف قوله تعالى {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } .
53 - (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ) بعد موتهم (فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا ) أي واقعون في عذابها (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ) أي لا يجدون موضعاً ينصرفون إليهِ ليتخلّصوا منها .
54 - (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ) أي بيّنّا وأوضحنا (فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ) ليتّعِظوا ويؤمنوا ولكنّهم عاندوا واستكبروا وجادلوا (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) يعني أكثر ما عنده هو الجدل.
55 - (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى ) يعني أيّ شيء منعهم عن الإيمان لَمّا جاءهم رسولنا محمّد بالقرآن ليؤمنوا بهِ (وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ ) عن ما مضَى من ذنوبهم وإشراكهم (إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ) بالعذاب فجأةً من حيث لا يشعرون كالزلزال والخسف (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ) أي يأتيهم العذاب عياناً مقابلةً من حيث يرَونه كأصحاب الظُلّة كما في قوله تعالى في سورة الأحقاف {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
56 - (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ ) ليأتوكم بخوارق العادات وما تطلبونه منهم من المعجزات (إِلَّا مُبَشِّرِينَ ) بنعيم الجنّة لمن آمَن وأطاع الله (وَمُنذِرِينَ) بالعذاب لمن كفر وعصَى أوامر الله (وَيُجَادِلُ الّذينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ ) دفاعاً عن عقائدهم الفاسِدة (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) أي ليبطلوا بجدالهم الحقّ الّذي جاء بهِ محمّد (وَاتَّخَذُوا) المشركون (آيَاتِي) الّتي في القرآن (وَمَا أُنذِرُوا ) بهِ من العذاب (هُزُوًا) أي هُزءاً وسخرية .
57 - (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ) الّتي نزلت على رسولهِ (فَأَعْرَضَ عَنْهَا ) ولم يؤمن بها (وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) من الظُلم للضعفاء من الناس (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ) أي أغطية (أَن يَفْقَهُوهُ ) يعني لئلاّ يفقهوا القرآن ، وذلك بسبب ظلمهم للناس (وَفِي آذَانِهِمْ ) جعلنا (وَقْرًا) أي ثقلاً لئلاّ يسمعوهُ (وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) .
58 - (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ) للتائبين (ذُو الرَّحْمَةِ ) للنادمين ، ثمّ بيّن جزاء الّذينَ لم يتوبوا فقال الله تعالى (لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا ) في الدنيا (لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ ) يُلاقون فيه العذاب وهو يوم مماتهم (لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا ) أي لن يجدوا غير الله مرجعاً يرجعون إليهِ في أمرهم ويسألونهُ كشف العذاب عنهم . فالموئل هو المرجع ، والشاهد على ذلك قول حسّان بن ثابت:
فَمَنْ يَأْتِنَا أَوْ يَلْقَنَا عَنْ جِنايَةٍ يَجِدْ عَنْدَنَا مَثْوىً كَرِيماً وَمَوْئِلا
59 - (وَتِلْكَ الْقُرَى ) إشارة إلى قُرى عاد وثمود وغيرهم (أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) رُسُل الله وجحدوا آياتهِ (وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم ) أي لوقت هلاكهم (مَّوْعِدًا) أي وعدناهم بهِ فكان كما وعدناهم .
60 - (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ ) يوشع بن نون (لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ185 أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) .
القِصّة : قال الله تعالى لموسى : أنتَ عجول قليل الصبر والحلم بالاُمور ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة طـ ه {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى } ، قال موسى : وكيف بي يا ربّ ؟ قال الله تعالى : إذهب إلى مُلتقى البحرين تجدْ عبداً من عبادنا يُعلّمك ويُريك كيف تكون نتائج الصبر وعواقب الحلم ، قال موسى : وما العلامة عند لقياهُ ؟ قال الله تعالى : خذ معك سمكة ميّتة فإذا وصلت ضعها في الماء فعندئذٍ تحيا السمكة وتذهب في البحر فهناك تجده . فلمّا رجع موسى من المناجاة قال ليوشع : اُريد أن أذهب إلى مُلتقى البحرين لأرى هذا الشخص الّذي هو أعلم منّي ، قال يوشع : اُترك هذا الأمر لأنّ المسافة بعيدة وإنّنا على جناح سفر من هذا المكان ، قال موسى : لا أبرح عن هذه الأرض إلى غيرها ولا أترك طلبتي حتّى أصل مُلتقَى البحرين ولو أمضي سائراً حُقُباً من الزمن . فكلمة "لا أبرح" معناها لا أذهب من هذا المكان حتّى أحصل على نتيجة ، ومن ذلك قوله تعالى حاكياً عن إخوة يوسف قال كبيرهم [كما في سورة يوسف ] {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي } ، وقال جرير :
صَحَا القلبُ عن سَلْمَى وقد بَرَّحَتْ بهِ وما كانَ يَلْقَى مِنْ تُماضِرَ أبْرَحُ
فقول الشاعر " وقد بَرَّحَتْ بهِ " ، يعني ذهبت بقلبهِ من قبل . فذهبا الإثنان معاً موسى ويوشع .
61 - (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا ) يعني فلمّا وصلا عند مُلتقَى البحرين (نَسِيَا حُوتَهُمَا ) أن يضعاهُ في الماء ، وكانت هناك صخرة فجلسا عندها يستريحان ثمّ نام موسى وبقي يوشع جالساً [أو مستيقظاً ] ، وبعد بُرهةٍ قفزت السمكة من الزنبيل الّذي فيه متاعهم وسقطت في البحر وأخذت تسبح في الماء ، فهذا معنى قوله تعالى (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ) أي اتّخذ الحوت طريقاً له في الماء يسيرُ ويسبح فيه . الحوت معناه السمكة . ثمّ استيقظ موسى من نومه وقاما يمشيان على حافّة البحر ليجدا ذلك الشخص الّذي يطلبانه ، فألقَى الله التعب والجوع على موسى ليرجع إلى مكانه عند الصخرة ، وذلك قوله تعالى :
------------------------------------185 :وأعتقد بأنّ ملتقَى البحرين هو ما يُعرف الآن بخليج العقبة في الأردن حيث ملتقى البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسّط .![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |