كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
69 - (وَدَّت) أي تمنّت وأرادت (طَّآئِفَةٌ) أي جماعة (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) وهم اليهود الّذينَ دعَوا حُذيفة وعمّاراً ومُعاذاً إلى اليهوديّة (لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ) عن دينكم ويدعونكم إلى دينهم (وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ ) لأنّ آثام ذلك التضليل تعود عليهم (وَمَا يَشْعُرُونَ ) بذلك .
70 - (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) يعني لِمَ تنكرون القرآن وتكذّبون به وهو مُنزَل من عند الله (وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) أي تحضرون في مجلس محمّد وتسمعون تلاوته فترون أنّه مطابق للتوراة؟
71 - سأل جماعة من قُريش بعض اليهود قائلين : هل ترَون أنّ محمّداً نبيّ ، وهل تجدون صفته في التوراة؟ فقالوا : لا ، فنزل قولهُ تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ) أي لِمَ تخلطون وتُغطّون (الْحَقَّ) يريد به محمّداً (بِالْبَاطِلِ) يعني بباطلكم وكذبكم فتنكرون رسالتهُ (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ ) يعني وتكتمون ما تجدونه في كتُبكم من صفةِ محمّد وعلائمهِ (وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) صدقهُ ؟
72 - تواطأ اثنا عشر رجلاً من أحبار يهود خيبر وقرى عرينة وقال بعضهم لبعض : اُدخلوا في دين محمّد أوّل النهار باللّسان دون الاعتقاد واكفروا به آخر النهار وقولوا : نظرنا في كتُبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمّداً ليس بذلك النبيّ وظهر لنا كذبه وبطلان دينه ، فإذا فعلتم ذلك شكّ أصحابه في دينه وقالوا إنّهم أهل كتاب وهم أعلمُ بهِ منّا ، فيرجعون عن دينهم إلى دينكم .
فنزل جبرائيل على النبي وأخبره بذلك وتلى عليهِ هذه الآية (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ ) أي جماعة (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) أي قال بعضهم لبعض (آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الّذينَ آمَنُواْ ) يعني آمِنوا بالقرآن الّذي اُنزِل على محمّد وأصحابه الّذينَ آمَنوا بهِ (وَجْهَ النَّهَارِ ) يعني أوّل النهار (وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) عن دين الإسلام إلى دينكم .
73 - (وَلاَ تُؤْمِنُواْ ) إيماناً صادقاً (إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ) اليهوديّة وقام بشريعتكم (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ ) يعني إنّ المسلمين الّذينَ تريدون إضلالهم عن دينهم قد هداهم الله إلى الإسلام فكيف تقدرون أن تضلّوا مَن هداهُ الله (أَن يُؤْتَى أَحَدٌ ) من البشر (مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ ) من الكتُب السماويّة ، والمعنى : وكيف تقدرون أن تقطعوا الوحي وتمنعوه عمّن آتاه الله القرآن وجعله نبياً مثل ما اُوتيتم من التوراة (أَوْ يُحَآجُّوكُمْ ) يعني أو يخاصموكم يوم القيامة (عِندَ رَبِّكُمْ ) إذا أضللتموهم عن دينهم فيقولون لكم لماذا أضللتمونا عن دين محمّد وهو الحقّ؟ فبماذا تجيبون حينذاك وماذا يكون عُذركم عند ربّكم؟ (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (إِنَّ الْفَضْلَ ) بنزول القرآن والوحي (بِيَدِ اللّهِ ) لا بأيديكم (يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ) من عبادهِ فيجعلهُ نبياً أو رسولاً (وَاللّهُ وَاسِعٌ ) الفضل والعطاء لأنبيائه ورُسُلهِ (عَلِيمٌ) بمن يصلح للرسالة ويقوم بأدائها .
74 - (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ) للرسالة (مَن يَشَاء ) من عباده (وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) على أنبيائه ومن يتبعهم في دينهم .
75 - رجلٌ من قريش وعد النبيّ بأن يجمع أمواله ثمّ يأتي ويُسلِم ، ثمّ جاء إلى النبيّ وأسلم ، وكانت له أمانة عند رجل يهودي فلمّا جاءه ليأخذها منه أنكرها اليهودي لأنّهُ أسلم ، فنزلت هذه الآية في ذمّ اليهود (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ ) من المال ، أي بمالٍ كثير (يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) عند المطالبة (وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) عند المطالَبة (إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ) يعني إلا مادُمتَ مُتسلّطاً عليه بالقوّة والسيطرة ، وهم اليهود ، والسبب في (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ) أخذ أموال (الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ) يعني ليس علينا عِقاب في أخذ أموالهم واغتصابها لأنّهم مشركون وليسوا أهل كتاب ، فإذا سألهم أحدٌ عن سبب ذلك قالوا إنّ الله أحلّ لنا أخذ أموال المشركين وهذا مكتوب في توراتنا . فكذّبهم الله تعالى فقال (وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ) بأنّ الله أباح لهم الخيانة في الأمانة (وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أنّ خائن الأمانة آثِم ومكتوبٌ هذا في توراتهم .
76 - (بَلَى ) عليهم سبيل بالعذاب لِمَن خانَ الأمانة ، ثمّ (مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ ) مع النبيّ وأسلمَ (وَاتَّقَى) الشِّرك ، أي وتجنّب الشِّرك والأصنام فهو مُسلم وليس مُشركاً فكيف يُبيحون أمواله (فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) أي الّذينَ يتّقون الشِرك ويبتعدون عن الأصنام ولا يعبدونها فلماذا يخونون أمانته وهو غير مشرك ؟
77 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ أعمالاً اُخرى سيّئة يعملونها فقال (إِنَّ الّذينَ يَشْتَرُونَ ) أي يستبدلون (بِعَهْدِ اللّهِ ) فينقضونهُ (وَأَيْمَانِهِمْ) بالله كاذبين (ثَمَنًا قَلِيلاً ) أي عِوَضاً يسيراً ، فينقضون العهد لأجل المال ويحلفون يميناً كذباً لأجل المال (أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ ) أي لا نصيب لهم في الجنّة يوم القيامة (وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ ) بالتهنئة لأنّهم لا يدخلون الجنة (وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ ) نظرة رحمة (يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) من الذنوب ، يعني ولا يغفر ذنوبهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم
78 - (وَإِنَّ مِنْهُمْ ) أي من أهل الكتاب (لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ ) يعني يبدّلون معناهُ ويغيّرون تفسيره بالترجمة من اللغة العبرية إلى العربية (لِتَحْسَبُوهُ) أيّها المسلمون (مِنَ الْكِتَابِ ) أي من التوراة (وَمَا هُوَ ) في الحقيقة (مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ ) هؤلاء اليهود (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ ) أنزله علينا في التوراة . فكذّبهم الله تعالى فقال (وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ ) بل من أنفسهم يُغيّرون معانيه بالترجمة كيف يشاؤون (وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ) بترجمتهم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أنّهم كاذبون .
------------------------------------![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |