كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة آل عمران من الآية( 81) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

81 - (وَإِذْ) تقديره واذكر يا محمّد لهم إذ (أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النبيّيْنَ ) الماضين (لَمَا آتَيْتُكُم ) يا بني إسرائيل (مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) يعني أخذ العهد على الأنبياء أن يعلّموكم الكتاب والحكمة وأن يفهموكم بأن سيأتي في آخر الزمان رسول فيجب عليكم أن تؤمنوا به وتنصروه (ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ ) كما وعدناكم به وهو محمّد بن عبد الله (مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ ) من أمر التوحيد والنهي عن الإشراك ومصدّق أيضاً بما جاء في الألواح الّتي نزل بها موسى من عند الله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ) أي يجب عليكم يا بني إسرائيل أن تؤمنوا بمحمّد وتنصروهُ كما قطعتم الميثاق مع أنبيائكم على نصرته (قَالَ) الله تعالى للنبيّين (أَأَقْرَرْتُمْ) بالميثاق (وَأَخَذْتُمْ ) من قومكم (عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ) أي عهدي ، والشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني :

                                    أيا ابنَ الحواضِنِ والحاضِناتِ      أتَنْقُضُ إصرَكَ حالاً فحالاً

(قَالُواْ ) أي الأنبياء (أَقْرَرْنَا) بذلك (قَالَ) الله تعالى (فَاشْهَدُواْ ) على قومكم (وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) عليهم . وإليك بعض بعض ما جاء في التوراة من قيام نبيّ ، فقد جاء في الاصحاح الثامن عشر من سفر التثنية قال موسى لقومه :

"يقيم لك الربّ إلاهك نبيّاً من وسطك من إخوتك مثلي له تسمعون ، حسب كلّ ما طلبتَ من الربّ إلاهكَ في حوريب يوم الاجتماع قائلاً لا أعود أسمع صوت الربّ إلاهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضاً لئلاّ أموت ، قال لي الربّ : قد أحسنوا فيما تكلّموا ، أقيم لهم نبيّاً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكلّ ما أوصيه به ، ويكون إنّ الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلّم به باسمي أنا أطالبهُ ."

82 - (فَمَن تَوَلَّى ) عنك يا محمّد ولم يُصدّقك (بَعْدَ ذَلِكَ ) العهد والميثاق الّذي أخذه عليهم أنبياؤهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) لأنّهم خانوا العهد ولم يَفُوا بهِ وكذّبوا رسول الله ولم يؤمنوا بهِ .

83 - (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ ) أي يطلبون هؤلاء اليهود والنصارى بعد هذه الأدلّة والبراهين على صدق محمّد ؟ أليس دين الله الّذي أمرَ بهِ جميع الأنبياء والرُسُل هو دين التوحيد بأن يعبدوا الله وحده ولا يُشركوا بهِ شيئاً من المخلوقات ولا أحداً من المخلوقين ؟ ألم يأتِ محمّد بدين التوحيد ونبذ الأصنام والأنداد ، فهل يجدون أحسن من دين التوحيد ؟ (وَلَهُ أَسْلَمَ ) يعني استسلمَ (مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يعني مَن في الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض ، فكلّ من فيهنّ استسلموا لهذا الدين وأقرّوا لله بالوحدانيّةِ (طَوْعًا وَكَرْهًا ) يعني بعضهم أسلم طوعاً من نفسهِ وبعضهم استسلم بعد موتهِ لَمّا انكشفت له الحقيقة ورأى الملائكة والعذاب فكان إسلامه كرهاً (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) بعد موتِهم ، فيعاقبهم على كفرهم وإشراكهم .

84 - (قُلْ) يا محمّد (آمَنَّا بِاللّهِ ) وحده لا نُشرك به شيئاً (وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا ) يعني وآمنّا بما أنزِلَ علينا من الوحي (وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) وهم أولاد يعقوب (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى ) من معجزات وكتُب (وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ) أي وما أوتيَ النبيّون من آيات وبراهين (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ) كما فرّقتم أيّها اليهود فكذّبتم عيسى ومحمّداً (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) أي ونحن للهِ مُستسلمون ولأوامرهِ مُنقادون .

85 - (وَمَن يَبْتَغِ ) أي ومن يطلب (غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ) لأنّ الأديان السالفة طرأ عليها تغيير وتبديل من رؤساء المِلل ومن علماء الضلال فغيّروا وبدّلوا بأهوائهم وقالوا هذا ما أمرَ الله بهِ وسنّهً في شريعتهِ ، إفتراءً منهم على الله ، وذلك لأجل غاياتهم ولأجل المال والرئاسة . أمّا دين الإسلام فهو دين الحقّ الّذي أمرَ اللهُ باتّباعهِ قديماً وحديثاً لأنّهُ دين ثابت إلى يوم القيامة ، فلا يعبُدُ أتباعه الأصنام كما عبدتم أيّها اليهود ، ولا يثلّثون الآلهة كما ثلّثتم أيّها النصارى (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) فيخسر نعيم الجنّة من يبتغي غير الإسلام ديناً

86 - جماعة ارتدّوا عن دين الإسلام فقتلوا المحذّر بن زياد غدراً وهربوا من المدينة إلى مكّة ، ثمّ ندم واحد منهم يقال له حارث بن سويد وكان من أهل المدينة فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله (ع) هل لي من توبة ، فسألوه فنزلت هذه الآيات (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ) أي كيف يهديهم إلى طريق الحقّ ثانيةً بعد أن كفروا وقَتلوا (وَ) بعد أن (شَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ) والتقدير : بعد أن أسلموا وشهدوا أنّ الرسول حقّ (وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) أي البراهين على صدق محمّد (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) إلى طريق الحقّ بل يضلّهم لأنّهم ظلَموا الرجل فقتلوهُ بغير ذنب .

87 - (أُوْلَـئِكَ) الكافرون الظالمون (جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ ) تلعنهم (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) يلعنونهم ، وبذلك يدخلون جهنّم .

88 - (خَالِدِينَ فِيهَا ) أي دائمين فيها (لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ) أي ولا يُمهَلون .

89 - (إِلاَّ الّذينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ ) الحادث ، وهو القتل ، والذي تاب هو الحارث بن سويد (وَأَصْلَحُواْ ) أعمالهم (فَإِنَّ الله غَفُورٌ ) لمن تاب (رَّحِيمٌ) بمن يرحم الناس .

90 - ثمّ جاء في الّذينَ بقوا على كفرهم ولم يتوبوا (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثمّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ) عند الممات (وَأُوْلَـئِكَ) الكافرون (هُمُ الضَّآلُّونَ ) عن طريق الحقّ .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم