بسم الله الرحمن الرحيم
((
وَالۡوَالِدَاتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلاَدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الۡمَوۡلُودِ لَهُ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِالۡمَعۡرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلاَّ وُسۡعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوۡلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوا۟ أَوۡلاَدَكُمۡ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّآ آتَيۡتُم بِالۡمَعۡرُوفِ وَاتَّقُوا۟ اللّهَ وَاعۡلَمُوا۟ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ))
صدق الله العظيم
سورة البقرة آية رقم 233

التفسير من كتابالمتشابه من القران هنا لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)

(وَالْوَالِدَاتُ ) تقديره وعلى الوالدات المطلّقات أن (يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ ) من أزواجهنّ (أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) لولده ، أمّا إذا لم يرد إتمام الرضاعة لولده بسبب فقره وعدم استطاعته على النفقة جاز له أن يأخذه قبل ذلك بثلاثة أشهر ، فيكون رضاعه واحداً وعشرين شهراً (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ) أي وعلى أبي الولد (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) أي رزق الوالدات وكسوتهنّ (بِالْمَعْرُوفِ ) يعني ما يستطيع أن ينفق على أمّ الولد . والمعنى : على الأمّهات إرضاع أولادهنّ سنتين كاملتين إن أراد الأب إتمام الرضاعة ، وعلى الأب نفقة أمّ الولد وكسوتها ما دامت ترضع ولده (لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا ) يعني إلاّ قدر إمكانها (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ) والمعنى : لا يأخذ الأب ولده طلباً للإضرار بأمّه ولا يقطع النفقة عنها فيضرّ بحالها (وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ) أي ولا تنزلوا الضرّ بالأب بسبب ولده ، وذلك بأن تطلبوا منه نفقة أكثر مِمّا يطيقه ، ولا تمتنع الأم من الإرضاع إذا أعطيَت نفقتها وذلك لأجل أن تضرّ بوالده (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) من الرزق والكسوة للوالدة إذا مات الوالد ، والمعنى إذا مات الوالد أو كان عاجزاً أو مريضاً أو أصابه جنون فالوارث يقوم بالنفقة مقامه ، والوارث هو من كان أقرب للوالد كابنه الكبير مثلاً فهو يقوم بالنفقة لزوجة أبيه المطلّقة المرضعة (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً ) يعني فإن أراد الأبوان فطام الولد قبل الحولين (عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ ) بينهما ، يعني بين الأم والأب (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) أي فلا حرج عليهما في ذلك (وَإِنْ أَرَدتُّمْ ) أيّها الآباء (أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ ) أي تطلبوا لهم مرضعات غير أمّهاتهم ، وذلك إذا انقطع لبن الأم أو اعتراها مرض أو أبت إرضاعه لسبب من الأسباب أو كان الأب فقيراً ولا يتمكّن من دفع النفقة وعنده من يرضع الولد له مجّاناً ووافقت على ذلك أمّه (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) أي فلا حرج عليكم في ذلك (إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ) والمعنى إذا سلّمتم لأمّ الولد بقايا ما آتيتم لها من النفقة بالمعروف ، يعني بلا مماطلة ولا تأخير . فإذا جاءت الأم بالولد وسلّمته لأبيه وقالت خذ ولدك فإنّي لا أرضعه لأنّي أريد أن أتزوّج ، أو انقطع لبنها ، أو لسبب آخر ، فحينئذٍ لا حرج على الأب أن يطلب لولده مرضعة أخرى ترضعه (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازي كلاً على عمله .
ثمّ إذا تزوّجت أمّ الولد فليس لها نفقة بعد ذلك وتكون النفقة للولد فقط . واعلم أنّ لفظة "ولد" تطلق على الذكر والأنثى معاً ولا فرق في الحكم بين الذكر والأنثى في النفقة ومدّة الرضاعة وغير ذلك مِمّا ذُكِر في هذه الآية