منقول من كتاب الرد على الملحدين لمفسر القران المرحوم محمد علي حسن الحلي الطبعة الثانية
نقلاً عن كتاب (الجواهر) الجزء 11 للشيخ طنطاوي جوهري ، قال :
"إعلم أنّ هذا المذهب لمّا انتشر في بلادنا المصرية فشا الإلحاد وعمّت الرشوة وذاع الزيغ وتفاخرَ كثير من العظماء وأرباب السطوة والنفوذ بخلع العذار وانتهاك الحرمات وتبارى كثير منهم في شرب الخمر ولعب القمار ونبذوا الدين ظِهرياً ، وذلك عقب ظهور مؤلَّف الدكتور (شبل شمّيل) الذي هو ترجمة كتاب (بخنر) الألماني وكان المترجمِ والمترجَم عنه يميلان إلى الإلحاد وإنكار الخالق فكان ذلك داعياً لفشوّ ذلك وتقليدهما تقليداً بلا جدال . "كلّ ذلك في أوائل هذا القرن العشرين . وبينما نحن كذلك في مصر وفي بعض بلاد الشرق كان علماء أوربا عد نقضوا هذا المذهب فخرّ السقف على الفاسقين من فوقهم وانهارت دعائمه وأصبح هشيماً تذروه الرياح كأن لم يغنَ بالأمس . ولأذكر لك أصوله ثمّ بيان أقوال علماء أوربا في نقضه .
بنى (داروين) هذا المذهب على أربعة أصول :الأصل الأول : إنّ الحياة ذات أطوار وتغيّرات بها ترتقي من حال إلى حال آخر .الثاني : إنّ هذه التطوّرات تنتقل بالوراثة إلى النسل .الثالث : إنّ الأحياء جميعها بينها تنازع في البقاء .الرابع : إنّ ما كان أتمّ وجوداً وأقوى وأكمل فهو الأصلح للبقاء ، وأمّا الأضعف فهو محكوم عليه بالفناء . فالحيوانات والنباتات كلّها سلسلة واحدة أعلاها مشتقّ من أدناها بالارتقاء . ومن ذلك أنّ الإنسان مشتقّ من القرد وهو أعلى الحيوانات والنباتات بمقتضى هذه القواعد . "ولمّا كان الأكمل هو الباقي ظهر الشره والطمع في عالم السياسة وأُنشِئت في أوربا المهلكات الحربية بناءً على هذه النظرية وسيادة القوّة الأسدية ونقضت العهود وخرِّبَت الذمم بين الأفراد في بلادنا . وما عجبت لشيء عجبي منّا معاشر الشرقيّين كيف نقدّس مذهباً نقضه أهل أوربا !؟ وسيعتريك العجب حين أتلو عليك من آراء حكمائهم وبراهين علمائهم ما يذيب هذا المذهب ويجعله هباءً منثوراً . إنّي آسف أشدّ الأسف أنّ الغفلة مستحكمة في أنحاء الشرق عند المتعلّمين منهم . آمنوا بالمذهب الدارويني كما شربوا الخمر اتّباعاً لأهل أوربا ولم يعلموا بأنباء العلماء هناك إذ أبطلوا ذلك المذهب بطلاناً تامّاً كما بيّنوا أنّ الخمر سمّ ناقع حتّى حرّمته دولة أمريكا وأنكرته بلاد السويد والنرويج . فالخمر لا يزالون يشربونه والإلحاد في الدين باقٍ كأنّ المذهب لم ينقضه أولو الألباب ."