بسم الله الرحمن الرحيم
((إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحًۭا وَءَالَ إِبْرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمْرَٰنَ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ(33) ذُرِّيَّةًۢ بَعْضُهَا مِنۢ بَعْضٍۢ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))
صدق الله العظيم
سورة آل عمران الآيات 33-34
التفسير من كتاب المتشابه من القران لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)
قالت اليهود نحن شعب الله المختار اختارنا الله لعبادته فكيف نؤمن بك يا محمّد ونتبع ديناً غير ديننا ؟ فنزلت هذه الآية (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ) من قبلكم ولستم أوّل من اختاره الله واصطفاه لعبادته (وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ) يعني واصطفى ذرّية إبراهيم وأتباعهم وإنّ محمّداً من ذرّية إبراهيم فيجب عليكم أن تتبعوه وتؤمنوا به والمسلمون أيضاً اختارهم الله لعبادته فهم أولاد إبراهيم لأنّهم صدّقوا محمّداً وكذّبتم وآمنوا وكفرتم وأطاعوه وعصيتم موسى نبيّكم وعبدوا الله وحده وأشركتم . فقد قال الله تعالى في مدح الإسلام في سورة آل عمران {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ...الخ} ، فالوسط هو الخيار ، وقال تعالى في سورة الحـج {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ..الخ} ، فالمسلمون هم أبناء إبراهيم ، وقوله (وَآلَ عِمْرَانَ ) أي واختار آل عمران أيضاً من بعدكم وهم مريم بنت عمران وابنها المسيح ومن تبعه في زمانه وسار على منهجه (عَلَى الْعَالَمِينَ ) أي على سائر الناس ، والمعنى : إنّ الله اصطفى جميع هؤلاء على سائر الناس في زمانهم ، فآل عمران هم النصارى اصطفاهم في زمن المسيح ، وآل إبراهيم هم المسلمون اصطفاهم على سائر الناس في زمانهم .
أمّا أنتم أيّها اليهود فقد أشركتم وعصيتم وخالفتم وعبدتم العجل والبعليم وعشتاروث وقتلتم الأنبياء والكهنة فرفضكم الله واختار غيركم .
34 – (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) أي أولاداً وأعقاباً بعضها من بعض في التناسل (وَاللّهُ سَمِيعٌ ) لأقوالكم أيّها اليهود (عَلِيمٌ ) بأفعالكم .
وإليك ما جاء في التوراة في ذمّ اليهود وعبادتهم للأصنام وغضب الله عليهم ورفضهم . فقد جاء في الاصحاح الثاني من قضاة قال : " وفعل بنو إسرائيل الشرّ في عين الربّ وعبدوا البعليم وتركوا الربّ إلهَ آبائهم الّذي أخرجَهم من أرض مصر وساروا وراء آلهةٍ أخرى من آلهة الشعوب الّذين حولَهم وسجدوا لَها وأغاظوا الربّ ، تركوا الربّ وعبدوا البعل وعشتاروث ... فحمي غضب الربّ على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم حولهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم