JUN 9, 2015الصحفي الفرنسي ألان غريش : الغرب يفضّل التعامل مع الأنظمة الديكتاتورية ولا يريد الإسلاميين .. يوجد تحالف حقيقي بين مصر وإسرائيل الآن..100 % من الإعلام الأوروبي ضد الإخوان وضد السيسي معا.. نيتانياهو هو أول من ابتدع فكرة “الحرب على الإرهاب” وكان يقصد منظمة التحرير الفلسطينية.. متفائل بالربيع العربي
حذّر الصحفي الفرنسي ألان غريش رئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك السابق من حرب أهلية تُراد للمنطقة العربية، إن حدثت فلن تضع أوزارها قبل 10 سنوات من الآن، داعيا الى تفاهمات بين القوى الإقليمية ” السعودية، إيران، تركيا “لتجنب تلك الحرب التي لن تبقي ولا تذر بحسب غريش.
“رأي اليوم” التقت غريش في زيارته التي يقوم بها للقاهرة، وفتحت معه ملفات تشغل الرأي العام، منها : موقف أوروبا من الديكتاتوريات العربية، وهل لا تزال أوروبا تراهن على أنظمة قمعية، وحقيقة الشعار الأثير لدى الأنظمة العربية ” الحرب على الإرهاب ” ومدى مصداقيته، وأخيرا مصير الربيع العربي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.
فإلى نص الحوار:
*يرى البعض أن أوروبا لا تزال تراهن على أنظمة عربية ديكتاتورية قمعية.. هل تتفق؟
أظن أن أوروبا كانت تفضّل أن يحدث تغير ديمقراطي في مصر وباقي الدول العربية، ولم تهدف الى وجود ديكتاتورية عربية، وإنما هي تتعامل مع “ديكتاتوريات” كأمر واقع.
وأظن أن هناك أسبابا لهذا التعامل مع الديكتاتوريات خصوصا في حالة مصر، أولها رفع مصر شعار “الحرب على الإر هاب”
لذلك ففرنسا وباقي الدول تفضّل التعامل مع أنظمة ديكتاتورية على تعاملها مع الإسلاميين الذين يوصمون بالإرهابيين .
السبب الثاني للتعامل مع الديكتاتوريات (لاسيما في حالة فرنسا) هو وجود مصالح اقتصادية، وعسكرية “بيع أسلحة”، واستغلال حالة التوتر بين مصر وأمريكا والسعودية وأمريكا.
السبب الثالث (لاسيما في حالة أمريكا) أن هذا النظام بقيادة السيسي حقق علاقات قوية مع إسرائيل أقوى مما كانت في أيام السادات، ويوجد تحالف حقيقي الآن بين مصر وإسرائيل، كما أن السيسي حليفهم في الحرب على الإرهاب لتأمين إسرائيل في سيناء، فضلا عن استفادتهم في بيع أسلحة لنظام السيسي، والاستفادة منها اقتصاديا .
*هل تعامل أوروبا مع الديكتاتوريات العربية واحد ؟
لا، لأن إحدى مشكلات أوروبا وجود 27 دولة، يقتضي اتخاذ قرار موحد منهم اجماع الآراء كلها، وهذا شبه مستحيل.
ولكن نستطيع القول إن موقف دول أوروبا الشمالية “اسكندنافيا “ كان أكثر صلابة ضد الديكتاتوريات العربية، من أجل حقوق الإنسان.
*ولكن “شعار الحرب على الإرهاب” قديم، وقد استخدمه بوش وبلير لقتل مئات الآلاف من المدنيين، لماذا تصرّ أوروبا على تصديقه والتعاطف معه؟
تاريخ أوروبا في الحرب على الإرهاب تغير، ففي 2002، 2003، ساندنا فكرة الحرب على الإرهاب، بعد احتلال العراق في 2003، بدأت فكرة الحرب على الإرهاب تتغير.
الآن هناك خوف حقيقي من الإرهاب بعد وجود “الدولة الإسلامية”، لاسيما مع وجود آلاف الأوروبيين الذين يحاربون في صفوف الدولة الاسلامية.
وإحدى مشكلات ما يسمى بـفكرة “الحرب على الإرهاب ” أنها أشبه بالحرب على “شبح” الإرهاب لا يوجد له أي معنى سياسي، وتحت هذا الشعار “الحرب على الإرهاب” يُقتل آلاف المدنيين.
ولابد أن نعرف أن أول من بدأ بالحديث عن “الحرب على الإرهاب” هو نيتانياهو في السبعينيات، ولم يكن رئيسا للوزراء آنذاك، وكان يضغط على الغرب، لاعتبار الحرب على الإرهاب شيئا أساسيا، وكان الإرهاب في ذهنه يعني” منظمة التحرير الفلسطينية، وحركات التحرر في افريقيا الجنوبية، وحركات التحرر في أمريكا اللاتينية.
وبعد انتهاء الحرب الباردة خمدت قليلا فكرة الحرب على الإرهاب، ثم عادت بقوة مع أحداث 11 سبتمبر ووجود القاعدة، والآن عادت فكرة الحرب على الإرهاب أكثر قوة منذ عام مع صعود الدولة الإسلامية.
*ما الذي يحول بين العرب وبين الديمقراطية الحقيقية ؟
هناك أسباب كثيرة، منها أن تلك المنطقة دون سواها كانت منطقة أساسية في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وبين الاتحاد السوفييتي للسيطرة عليها، كما كانت تلك المنطقة في حالة حروب دائمة، فلا ننتظر توقع ديمقراطية حقيقية في تلك المنطقة بين عشية وضحاها.
ومنها أن موقف الغرب من الديكتاتوريات العربية عاد الى ما كان عليه قبل ثورات الربيع العربي، وعادوا الى فكرة الديكتاتورية خير من تولي الإسلاميين الحكم .
وللأسف أمريكا وأوروبا مع الديمقراطية العربية في حالة إذا أتت الديمقراطية بمن يريدون، وإلا فلتذهب الديمقراطية الى الجحيم .
*وماذا عن موقف الشعوب الأوروبية من الديكتاتوريات العربية ؟
صعب أن نتحدث عن موقف الشعوب، لأن هناك تعددية في المواقف السياسية، كما أنه يوجد تناقض في أوروبا بين الخوف من الإسلاميين ( لوجود إسلاموفوبيا حقيقية )، وبين رغبتهم في عدم تأييد الديكتاتوريات العربية .
وقد تكلمت مع مسئولين مصريين في مسألة موقف أوروبا مما يحدث في مصر، فقالوا لي إن الإعلام الأوروبي مع الإخوان، فقلت لهم إن هذا كلام فارغ، لأن 100 % من الإعلام الأوروبي ضد الإخوان، وفي ذات الوقت 100 % من الإعلام الأوروبي ضد السيسي .
ولنعلم أنه لا توجد دولة تقوم سياستها فقط على المبادئ، لذلك فالحكومات الأوروبية تتعامل مع السيسي بمنطق الأمر الواقع .
*وأين هم السياسيون العظام ” ديجول ” مثلا من دعم الديمقراطية في العالم ؟
نعم ديجول كان يؤيد قضايا الديمقراطية، ولكنه أيضا لم يبال بقضايا الديمقراطية في جنوب افريقيا وفي العالم العربي كذلك .
الأمر الثاني أن الفرق بين سياسات ديجول وسياسات قادة فرنسا الحاليين أن دور فرنسا الآن أقل بكثير، دور فرنسا في الخمسينيات والستينيات كبيرا وإن لم تكن آنذاك دولة عظمى .
الآن لم يعد لفرنسا دور ، وتحديدا منذ السنوات العشر الأخيرة، حيث حدث بفرنسا تغيير في الفكر السياسي للطبقة الحاكمة مؤداه أن الأساس هو التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما بعد 2003 .
*ماذا خسرت فرنسا من جراء التبعية لأمريكا ؟
خسرت كثيرا، بفقد هيبتها السياسية والاقتصادية في العالم .
*أي مصير ينتظر ثورات الربع العربي ؟
صعب أن نعرف تحديدا ماذا سيحدث بعد أسبوع، ولكن أظن أن الهدف الأساسي لتلك البلدان هو عدم الوقوع في براثن الحرب الأهلية، لذلك لابد من وجود تفاهمات بين القوى الأساسية الإقليمة ( السعودية، تركيا، إيران ) وإلا فانتظر حربا أهلية لا تبقي ولا تذر 10 سنوات على الأقل .
ولكني متفائل بما حدث في 2011 في مصر، وهو الحدث الذي لم يقع فجأة، وإنما كان تراكميا .
*أخيرا كيف تقيّم السنة الأولى من حكم السيسي؟
لاشيء، الشيء الأساسي الذي رأيناه في هذا العام هو الحرب على الإخوان، حتى حلفاء مصر في الخارج، ليسوا متفقين على تلك الفكرة، والسعودية والإمارات بدأت مواقفهما تتغير .
ولن تحل مشكلة سورية وأنت تستبعد الإخوان، ولن تحل مشكلة اليمن دون حزب الإصلاح الذي يعد جزءا من الحل .
وللأسف في مصر بعد 2011 ، لا يوجد نقاش حقيقي حول القضايا الأساسية : التعليم، الصحة، التنمية الاقتصادية.
الأمر الآخر الذي يجب أن نعرفه هو أن الجيش ليس هو القادر على بناء اقتصاد دولة، كان هذا يمكن أن يحدث في الزمن الماضي، أما الآن فمستحيل .
القاهرة – “ر أي اليوم”